الاستغفار شيء والتوبة شيء آخر... الاستغفار كلام والتوبة أفعال. الاستغفار يتقنه المؤمن والمنافق أما التوبة فلا يجيدها إلا المؤمن. الاستغفار إعلان الرجوع إلى الله أما التوبة فإصلاح ما بينك وبينه. لذلك قال سبحانه وتعالى: (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه). فكل تائب لا يتبع سيئته بحسنة و معصيته بطاعة فتوبته مجروحة مشكوك فيها و لذلك لا تجد واحدا من الصالحين إلا وقد سلك هذا الطريق. _ عمر بن الخطاب شغله بستانه عن الصلاة فتصدق به. _ وكان ابنه عبد الله بن عمر على نفس الطريق..كان إذا فاتته صلاة جماعة صلى إلى الصلاة التي تليها تطوعا وتنفلا. _ وهذه أخت عمر بن عبد العزيز أم البنين تدخل عليها عزة فتسألها عن قول كثير فيها قضى كل دين قد علمت غريمه وعزة ممطول معنى غريمها ما كان هذا الدين يا عزة؟! قالت: كنت قد وعدته قبلة فتحرجت منها فقالت أم البنين: أنجزيها له وإثمها علي فأعتقت لكلمتها هذه أربعين رقبة!! فأهم علامات التوبة المقبولة أن يكون حالك بعد التوبة أفضل منك قبلها وذلك يفرض عليك أن تقتدي بعمر وابن عمر وأم البنين فتنشغل بإزالة آثار العدوان وبناء ما انهدم من الإيمان مستبشرا بقول الله عز وجل: (إن الحسنات يذهبن السيئات). مستأنسا ببشارة النبي عليه الصلاة والسلام: (واتبع السيئة الحسنة تمحها). تبدو نواجذك من شدة فرحك بقول واعظ الشام أحمد بن عاصم الأنطاكي: أصلح فيما بقي يغفر لك فيما مضى. التوبة النصوح؟! ما هي؟! o قال عنها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع). o وقال الحسن البصري: هي أن يكون العبد نادما على ما مضى مجمعا على أن لا يعود فيه. o وقال الكلبي: يستغفر باللسان ويندم بالقلب ويمسك بالبدن. o وقال سعيد بن المسيب: يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان والإقلاع بالأبدان وإضمار ترك العود بالجنان ومهاجرة سيئ الإخوان. احذر بعد توبتك أن... قال يحي بن معاذ: زلة واحدة بعد التوبة أقبح من سبعين بعدها. إغلاق باب التوبة لا يغلق باب التوبة إلا عند: 1 . طلوع الشمس من المغرب: لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إن للتوبة باب عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها) وهذا عند قيام الساعة و ظهور علاماتها.. يوم (لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا). 2 . الغرغرة ومعاينة الملائكة: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) لأنه في هذه الساعة تنكشف له الحجب فيرى الملائكة حاضرة لتقبض روحه وعندها فقط يصدق ويؤمنوا هذا إيمان لا قيمة له وتوبة لا طائل من ورائها. وهذا هو قول بن عمر: التوبة مبسوطة ما لم ينزل سلطان الموت وقول تابعي البصرة أبو مجلز لاحق بن حميد السنوسي: لا يزال العبد في توبة ما لم يعاين الملائكة.