مزجت ين التقليد والحداثة مطحنة الشط... قطعة من هوية قسنطينة من قال قسنطينة فهو فعلا سيقول قسنطينة الحضارة والرقي والمحافظة على الثرات التقليدي فهي مدينة العلم والعلماء بحيث لازالت العديد من العائلات القسنطينية تحافظ على عاداتها ومكتسباتها التقليدية من دون أن ننسى المعالم التاريخية التي تحكي ماضي المدينة العريقة وجسورها المعلقة لكن على الرغم من كل تلك المميزات والمآثر تشكو قسنطينة من الإهمال وعدم الاستغلال الفعلي لبعض الأماكن العريقة التي تعد مكسبا سياحيا عظيما في حال استغلالها. خ. نسيمة /ق. م لم تفقد الطاحونة التقليدية للشط بقسنطينة التي تعد جزءا من تاريخ المدينة وقطعة من هويتها جاذبيتها منذ استحداثها قبل 70 سنة من الآن وتواصل هذه المطحنة التي تعد وجهة (إجبارية) لعديد العائلات القسنطينية على مدار السنة من أجل طحن الفريك (قمح أخضر) وغيرها من شتى أنواع الحبوب والمصنفة ضمن التراث الوطني تقديم خدماتها لزبائنها وسط أجواء العودة إلى حنين الماضي. وفي هذه الطاحونة يمتزج التقليد بالعصرنة حيث تضمن الآلة المئوية مع آلات ومعدات جد متطورة تقترح طحن أنواع عدة من الحبوب والمكسرات وعديد الأعشاب. معلم تاريخي بامتياز ويبدو أن الوقت قد توقف بهذه الطاحونة الواقعة في البلدة القديمة غير بعيد عن (المدرسة) الشهيرة في طابق أرضي لمبنى قديم بحي الشط وبمقابل السلالم المؤدية إلى دار الدباغة أين كانت تتواجد ورشات الدباغين. وتبقى هذه الطاحونة ببابها القديم وأعمدتها الحجرية وأقواسها وحتى لون جدرانها ورائحتها معلما تاريخيا بامتياز. وأشار محمد لمين بلحي وهو حفيد رابح بلحي ل(وأج) بالقول (لقد عملنا دائما للحفاظ على هذا الفضاء القديم الذي يعود إلى أيام جدي الذي افتتح طاحونة الشط العام 1950 والتي أصبحت على مر السنين رمزا للمدينة). وقد عرف هذا الفضاء التراثي أشغال عدة لإعادة تأهيله في إطار ورشات تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية للعام 2015 وهو ما سمح بالمحافظة على سحره وجاذبيته منذ سنين كما أكد ذات الشاب. ويلاحظ الزائر لهذا الفضاء التجاري بامتياز وسط الغبار المتشكل والمنبعث من آلات الطحن صورة مؤسس هذه الطاحونة التقليدية. ولا تزال هذه الطاحونة القديمة التي اقتنيت العام 1950 دائما في الخدمة وتمنح للفضاء بعدا خاصا حيث تم صنعها في 1930 وتبقى تشتغل دوما وذلك بفضل الصيانة كما أوضح محمد لمين الذي أكد بأنه مع مرور الوقت فإن هذه الطاحونة القديمة والتقليدية أصبحت بالنسبة لأفراد عائلة بلحي تمثل مكسبا تعمل على المحافظة عليه. منتجات تقليدية يكثر عليها الطلب ويقترح أصحاب هذه الطاحونة التي أصبحت عنوانا أكيدا للعائلات القسنطينية لطحن الفريك واللوز والجوز والمشقوق وهو سميد لتحضير الغريبية وفضاء لشراء (لمزيت) وهو كسكسي معد من سميد القمح المخمر -على زبائنهم منتجات عدة ومتنوعة . ويعرض أصحاب هذه الطاحونة بهذا المحل التقليدي (لبسيسة) بعديد الأنواع وهي تصنع من القمح اللين يخلط بالعسل والزبدة للاحتفال بالمولود الجديد وهي تسمى في مناطق أخرى (الروينة). وتبقى (لبسيسة) التي تعتبر منشطا للأشخاص الذين يعانون من فقر الدم والتي يضاف إليها العدس فضلا عن بسيسة تعد كذلك جزءا من البروتين غير قابلة للذوبان والتي عادة ما تصنع من الحبوب ومن المرمز (المحضر بالشعير). ويقول أصحابها: نحاول التكيف ومتابعة طلبات زبائننا وميولهم الاستهلاكي من خلال إدخال أصناف من المنتجات التي تسمح لنا بأن نكون أوفياء للزبائن يضيف ذات المصدر مؤكدا بأن هذه المنتجات تحقق نجاحا كبيرا. وتبقى طاحونة الشط بتعدد توابلها وأعشاب ذات نكهة المستخدمة في الطبخ على غرار الرند والكليل من المنتجات المقترحة التي تفوح رائحتها وسط هذا الفضاء الذي يشكل وجهة مفضلة للعائلات القسنطينية وحتى زوار من الولايات الأخرى.