بقلم: جمال نصرالله* أكيد أن الذي حاز على سلاح ناري بطريقة غير قانوية وتوجه به نحو مدخل المحكمة كي يصوّب أربع رصاصات في جسد ورأس الكاتب والمفكر المسيحي ناهض حتر خالف القرآن والسنة بالنص الصريح...على الرغم من أنه كان يعتقد حسب أفقه الضيق بأنه يدافع عن شرع الله وقدسيته ..... ضف لذلك فهو إمام خطيب عاد للتو من مناسك الحج؟ يقول نبينا الكريم عليه أزكى الصلوات(المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأموالهم )فهذا المدعو رياض إسماعيل الإمام بحي الزغاتيت. داس بلا شك على هذا الحديث لأنه يداه تلطختا بدم نفس حرم الله قتلها ومن فعل فكأنه قتل الناس جميعا؟ إسماعيل هذا بجريمته النكراء رسخ مفهوم أن الإسلام ليس ببريء ممن يمثلونه.....ويدّعون بأنهم حراس عليه..بالمقابل أعطى للآخر فرصة دامغة عن أن الإسلاميين المتشددين يفكرون بغرائزهم بدل عقولهم..لذلك فهم يشيرون لنا بالبنان أن إسلامكم هذا إن كان يدعو لمثل هذه السلوكات والتصرفات فهو حقا دين حقد وانتقام ودين عنف ومتعطش للدماء ...غير أن أصل وجوهر الحقائق هو عكس ذلك تماما لأن من أقبل على هذا الفعل الشنيع لبس عباءة الوصاية الدينية ورمز لنفسه بأنه حاميا لله.. ويفعل ذلك بالنيابة ؟ وبتعبير آخر منتحلا صفة دون إذن من صاحبها وهذا عين الخطأ حيث يجيب في تصريحاته بأن الذات الإلهية كانت قد تعرضت للمس والتخديش (ويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله) صدق الله العظيم. وهذه أبلغ إجابة لمثل هؤلاء. حين اعتقد بأنه يذود عن الله عقب رسم كاريكاتوي نُشر على الصفحة الرئيسية لناهض حتر. وأصل هذا الرسم هو أن الكاتب المرحوم حتر ليس بصاحبه الأصلي بل أعاد فقط نشره بينما الفاعل هو أحد الشبان المدعو موسى من مصر ؟ ثم أرفقه ناهض بتوضيح عن أن هذا الرسم قُصد به تبيان كيف يفكر الداعشيون ويرسمون الجنة في مخيالهم لو تأملنا في الآية المذكورة آنفا فسنستشف أنه سبحانه يحذر عباده الميامين من اتخاذ طريق الإفتاء بغير ماجاء به القرآن الكريم...هناك نصوص واضحة .... وقد اجتهد جمهور العلماء بتفسيرها آية بآية...فلماذا المزايدة وإعطاء تأويلات مغلوطة هي في الأصل من بنات الفكر الظلامي المتشدد ثم نسبها للبيان العظيم. لقد أعاد هذا القاتل إلى الواجهة صراع الطوائف في المنطقة العربية دون أن يدرك بالتمام حين أزهق روح رجل مسيحي وسط دولة مسلمة..وحتى لو سلّمنا بأن المرحوم ناهض أخطأ من دون حسن ظن....أيحق لأحد أن يتحمل مبادرة قتله...ألم يكن المرحوم متوجها للمحكمة حيث امتثل لسلطة القانون وربما كان ينتظر حكما يغرمه بذلك حسب البنود المعمول بها. لقد عالج الإسلام الحقيقي ومقاصده النيرة تعايش الشعوب ولافرق بن عربي وأعجمي إلا بالتقوى والله سبحانه خلقنا شعوبا وقبائل لننسجم ونتعارف وليس لنصفي بعضنا البعض لمجرد اختلاف في الرؤى والطرح وأن نقوم بذلك باسم رفع راية الإسلام وهذا تشويها وقهرا له. حيث لن يرضى أحد ولن ترضى البشرية جمعاء بالإجرام مهما كانت صفاته وألوانه وأشكاله لأنه سلوك أكثر من رجعي بل حيواني وحشي...زمن لا يسع المرء إلا أن يندب الويل ويتحسر على ماتصدره عقول بعض المشايخ من أحكام تلزم حياتهم الخاصة فإما هم يعلمونها لشباب أبي طلائعي. وإما يخاطبون بها العامة من بعض المنابر...لكن الأبخس من هذا أنها أحكام وفتاو سرعان ماتعود وتنقلب على نفسها أي لاتصمد وتستقر مع نفسها وهذا يدل عن أنها ظرفية مؤقتة ورغم ذلك وفي حال وجود مواجهة تعكس بطلانها تجد هؤلاء يقفزون بك نحو تبريرات أخرى رافعين حجج الاجتهاد والقياس. لقد كان المرحوم ناهض حتر من مؤيدي نظام بشار الأسد..وهذا أولا وأخيرا رأيه نختلف معه أم نتفق....(فسيان) لكن لايمكن البتة أن نفكر ولو للحظة بتصفيته الجسدية.. فقد فعلت النازية والفاشية ذلك من قبل في إطار سياسي محض..لكن لايمكن أن نفعل نحن نفس الشيء وبإسم الدين ؟نقول لما تبقى من هذه الأمة التي كانت فعلا خير أمة أخرجت للناس إن إسلامنا بريء من رموز التحجر والمتعفنين فكريا.. بل الضالين عن السبيل .... تذكروا جميعا مافعله الأمير عبد القادر أثناء إقامته بدمشق حين جمع وآخى وصالح بين المسلمين والمسيحيين في حادثة كادت أن تُزهق فيها آلاف الأرواح بسبب اختلافات مذهبية وبسلوكه هذا خلد الأمير وصار مضربا للتسامح والتعايش وهذا كله من بطون الإسلام...الرسول الكريم كذلك يوم علم بأن أحدا من صحابته يغشه ويخادعه طلب منه الصحابة أن يفعل به مايفعل بل طالب آخرون بقتله؟ فقال قولته الشهيرة.. لن أفعل هذا.. حتى لا يقال بأن محمدا يقتل أصحابه؟ ثم يأتي اليوم وفي هذا العصر المليء بالموبيقات بعض من المتأسلمين ممن يحمل أجزاء من صفاته يحلل ويحرم مرة بالقتل ومرة بتقديس هذا الأمير وذاك الشيخ وكأنه يحمل تفويضا سماويا يسيّره ويسير به طول الدهر لاوصاية دينية لأحد ماعدا الأنبياء والرسل أما الباقون فهم مجرد بشر يخطئون ويصيبون؟