تحقيق السلام وبعث العلاقات بين أكبر قوتين بوتين- ترامب.. قمة الطوارئ يترقب العالم ما سيترتب عن القمة التاريخية التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الأمريكي دونالد ترامب لما في ذلك من انعكاسات على مجمل القضايا والأزمات الإقليمية والدولية على رأسها الأزمة السورية حيث أن تحقيق السلام وبعث العلاقات بين أكبر قوتين من شأنه أن يخدم الاستقرار الدولي . وقال الرئيس الروسي إنه بحث مجموعة كبيرة من القضايا الحساسة للبلدين مع نظيره الأمريكي ومنها الحرب في سوريا وقضية إيران والإرهاب العالمي والحد من الأسلحة النووية خلال اللقاء الذي جمعه بنظيره الأمريكي أمس في هلسنكي. وتابع قائلا : اتخذنا الخطوات الأولى صوب مستقبل أكثر إشراقا يقوم على التعاون والسلام مضيفا رفض الحوار لن يحقق أي شيء . ورحب بوتين بالتعاون بين أجهزة الاستخبارات الروسية والأمريكية خاصة في مجالي مكافحة الإرهاب ومكافحة الجرائم المعلوماتية. وعن الأزمة السورية قال الرئيس الروسي إنه يمكن لروسياوالولاياتالمتحدة التعاون لحل الأزمة الإنسانية في سوريا مؤكدا إذا تمكنا من مساعدة اللاجئين السوريين فإن موجة اللجوء إلى أوروبا ستتراجع . كما شدد على ضرورة إعادة الوضع بالجولان السوري وفق اتفاق وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل لعام 1974 بينما قال الرئيس الامريكي: نعمل من أجل أمن دولة الاحتلال وأنا وبوتين متفقان على تحقيق ذلك . وخلال القمة أعرب بوتين عن قلقه من خروج الولاياتالمتحدة من اتفاق النووي الموقع مع إيران بينما أكد ترامب ضرورة الضغط على إيران من أجل وقف عنفها في الشرق الأوسط . وأبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغبته في إعادة بعض العلاقات مع روسيا حيث برر في تغريدة (أثارت الاستغراب) قبيل القمة توتر العلاقات بين بلاده وروسيا ب سنوات من التهور والحماقة الأمريكية والآن الحملة السياسية في إشارة إلى التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص روبرت مولر حول التدخل الروسي المزعوم في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016 لصالح حملة ترامب. وأثارت هذه التغريدة ارتياحا لدى موسكو على أمل أن ينهي ترامب سنوات من الخلالف بين البلدين. وقال ترامب: لدينا مسائل كثيرة علينا أن نناقشها ومسائل أخرى علينا التفكير فيها مشيرا إلى أن العالم كله يتطلع لنتائج هذه القمة . ورأى محللون سياسيون ومتتبعون لأحداث القمة التي جمعت بوتين بترامب أن الرئيس الروسي كان الأوفر حظا في القمة وأرجعوا الأمر إلى أنه حقق نجاحا سياسيا وعسكريا في سوريا حيث أن عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم كانت جزءا من الاتفاق والتفاهم بين الرئيسين في قمة هلسنكي وهذا يعني مساعدات مالية لسوريا من أجل استيعاب اللاجئين وتوفير الاحتياجات الأساسية لهذه العودة. ولفتوا إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد راهن على روسيا والرئيس بوتين بينما راهنت المعارضة السورية على الإدارة الأمريكية فلم تحصد إلا الخيبة تلو الأخرى لأن السياسة الامريكية تسعى لتحقيق مصالح معينة في مقدمتها أمن اسرائيل . واعتبر المحللون أن تحقيق السلام وبعث العلاقات بين أكبر قوتين من شأنه أن يخدم الاستقرار العالمي حيث لطالما كان هناك اختلاف في موقفي البلدين إزاء مجمل القضايا في العالم وقليلا ما كانا يتفقان على رأي موحد وأثارت الأزمات والقضايا الدولية مواجهات مباشرة بينهما في مجلس الامن وفي مناسبات عديدة استخدم كل منهما حق النقض (الفيتو) ضد الآخر ولعل تقريب وجهات النظر بينهما خلال القمة وعزمهما زيادة التشاور والتعاون بينهما لما يخدم مصالحهما ومصالح العالم تراه العديد من الدول أمرا إيجابيا. وتواجه روسياوالولاياتالمتحدة تحديات كبرى ومنها الإخلال بتوازن آليات الأمن والاستقرار الدولي والأزمات الإقليمية وانتشار مخاطر الإرهاب والجريمة الدولية وتنامي المشاكل في الاقتصاد العالمي. أما بخصوص سوريا فإن حل مهمة إحلال السلام والتوافق في هذا البلد قد يصبح نموذجا على العمل المشترك الناجح وتستطيع روسياوالولاياتالمتحدة بلا شك أن تتوليا الدور الرائد في هذه المسألة وتنظيم التعاون لتجاوز الأزمة الإنسانية والمساعدة على عودة اللاجئين إلى ديارهم. وشدد بوتين على ضرورة عودة الهدوء إلى منطقة الجولان والالتزام باتفاقية فك الاشتباك عام 1974 بعد القضاء على الإرهابيين بجنوب سوريا بشكل نهائي في حين أكد ترامب اهتمام واشنطن بالتعاون مع روسيا لتسوية الوضع في سوريا. ومن أبرز القضايا التي بحثها الطرفان تكثيف الاتصالات بين الاستخبارات في البلدين وتشكيل فريق عمل لمحاربة الإرهاب بعد تشكيل مجلس مشترك لشؤون العلاقات الثنائية. وأوضح بوتين أن الفكرة تتمثل في تشكيل مجلس خبراء متكون من باحثين سياسيين وعلماء ودبلوماسيين وعسكريين سابقين بارزين يتولى البحث عن نقاط تقارب والتفكير في كيفية تحقيق وتائر مستقرة وإيجابية للتعاون الثنائي بينما قال الرئيس الأمريكي إنه بداية لعملية طويلة لكننا قمنا بالخطوة الأولى نحو مستقبل أفضل سيكون فيه حوار ثابت . إلى جانب ذلك كان التعاون الاقتصادي حاضرا في القمة حيث اتفق الرئيسان على تشكيل مجموعة رفيعة المستوى ستجمع بين كبار رجال الأعمال الروس والأمريكيين. وهذه هي المرة الرابعة التي يلتقي فيها رؤساء من روسياوالولاياتالمتحدة في العاصمة الفنلندية هلسنكي. وسبق وأن التقى جيرالد فورد وليونيد بريجنيف (1975) وجورج بوش الأب وميخائيل غورباتشوف (1990) وبيل كلينتون وبوريس يلتسين (1997) لكن اغلب اللقاءان لم تر نتائجها النور بسبب الخلافات المستمرة بين البلدين الذين يشكلان قوتين في العالم.