الأكلات الجاهزة.. حرفة لربّات البيوت وحل للعاملات    ظاهرة موسمية تتجاوز الوصفات الطبية    شنقريحة يحضر استعراضاً جوياً    عرقاب يُشدّد على أهمية تفعيل التعاون    الجزائر تشارك في منتدى موسكو    الاقتصاد العالمي يدخل مرحلة جديدة    ناصري يشارك في مؤتمر جنيف    حمدان يستشهد بثورة الجزائر    المخزن يتكتّم..    الساورة في الصدارة    تاقجوت يدعو النقابات العربية إلى مواصلة التجند    حروب العصابات.. إلى أين؟    وزارة الثقافة تطلق جائزة    سميرة بن عيسى تلمع في سماء الأدب    ندوة حول إسهامات المرأة في النضال إبّان الثورة    زروقي: سجل الذاكرة حافل ببطولات وطنيين في المهجر    الجزائر الجديدة مطالبة بتعميم منظومة رقمية حقيقية    أمطار رعدية على عدة ولايات من الوطن    الأمم المتحدة تطلق عملية واسعة النطاق بغزة    صراع الإرادات القادم ج/2    قالمة : إصابة 18 شخصا في اصطدام تسلسلي    منعرج مهم في تاريخ ثورة التحرير المجيدة    الجزائر تسعى إلى إعادة للحركة زخمها لمواجهة التحديات    تأكيد على انخراط الجزائر في الديناميكية الاقتصادية المتوسطية    رئيس الجمهورية , السيد عبد المجيد تبون, يترأس, اجتماعا لمجلس الوزراء    مديرية الصحة تدعو المواطنين خاصة المقيمين بسكيكدة وفلفلة للتلقيح ضد "الدفتيريا"    خريطة إنتاجية جديدة للقطاع الفلاحي قريبا    تقييم المشاريع المشتركة وبحث فرص جديدة    أغلب المشاريع الابتكارية الناجحة تناولت مواضيع التغذية والفلاحة    ناصري يترأس اجتماعا للمجموعة الإسلامية بجنيف    "المرأة البرايجية وإسهامها" محور ملتقى وطني    "حماس" تطالب الوسطاء بإلزام الاحتلال باحترام وقف إطلاق النار    دعوة المستثمرين للانخراط في الحملة الوطنية للتشجير    ترقية الإبداع النسوي والأولوية للجنوب    الأعشاب التقليدية.. صيدلية مفتوحة    رئيس الموزمبيق يجدّد موقف بلاده الثابت    يوم برلماني حول مدارس أشبال الأمة    فيغولي يحلم بكأس العرب وحديث عن سليماني    العمل ليس البيت ومن الضروري الالتزام بقواعده    لقاءات منوّعة مع صناع السينما    مسجد "لغزاغزة" شاهد على عراقة سكيكدة    مدرب نيس الفرنسي يوجه رسالة قوية لبوداوي    هزيمة لبن سبعيني ودورتموند أمام البايرن    خبراء الصحة يشدّدون على أهمية تعزيز التطعيم واحترام الرزنامة    المستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة : استئناف نشاط قسم العمليات "ابن سينا"    افتتاح الطبعة العاشرة للمهرجان الثقافي الوطني لإبداعات المرأة تحت شعار "امرأة الجنوب.. أصالة تروى وإبداع يضيء"    عودة آيت نوري وعطال تبعث المنافسة بين دورفال ورفيق بلغالي    صادي وبيتكوفيتش يتضامنان معه..أمين غويري يغيب رسميا عن كأس إفريقيا    المنتخب الوطني : بقائمة من 50 لاعباً.. هل يستعد بيتكوفيتش لمفاجأة كبرى؟    "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"    "جوائز نوبل".. أزمات اقتصادية وحروب السلام!    أدب النفس.. "إنَّما بُعِثتُ لأُتمِّمَ صالِحَ الأخلاقِ"    فتاوى : حكم قراءة القرآن بدون تدبر    تسجيل خمس حالات إصابة مؤكدة بداء الدفتيريا بولاية سكيكدة    انتصاران هامّان لأولمبيك آقبو وأولمبي الشلف    الجزائر نموذج يحتذى به في بلوغ الأمن الدوائي    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    أفضل ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا ما بين ترامب وأوباما
نشر في أخبار اليوم يوم 30 - 11 - 2018


بقلم: صبحي غندور
قليلاً ما تخلو تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الإشارة السلبية إلى حقبة الرئيس السابق باراك أوباما والمسألة لا ترتبط بعقد نفسية بل هي مسألة سياسية محض تندرج في سياق المنهج الذي سار عليه ترامب منذ سعيه للترشح لمنصب الرئاسة الأميركية.
ومن المهم معرفة أنّ طموحات ترامب لمنصب الرئاسة تعود لحقبة الثمانينيات من القرن الماضي رغم عدم توليه لأي موقع سياسي في العقود الماضية كلّها. وهو سعى في العام 2000 للترشح للرئاسة باسم حزب الإصلاح الذي تأسس في مطلع حقبة التسعينيات مع ترشح رجل الأعمال الثري روس بيرو لكن لم يُؤخذ ترشح ترامب جدياً رغم قيامه بحملات انتخابية في بعض الولايات.
إذن الطموحات السياسية لدونالد ترامب والتي كانت تتراوح بين منصب حاكمية ولاية نيويورك وبين رئاسة البيت الأبيض عمرها عقود من الزمن وهي لم تقف على أرضية انتماء فكري أو سياسي لحزب محدد.
أدرك ترامب ما حصل داخل الحزب الجمهوري في العام 2010 من ظهور وتفوق تيار حزب الشاي المحافظ والذي استطاع الحصول على غالبية أعضاء الكونغرس في الانتخابات النصفية اعتماداً على التخويف الذي مارسه هذا التيار من معاني فوز أوباما بالرئاسة الأميركية وعلى الحملات التي قام بها المرشحون باسم هذا التيار ضد المضامين الاجتماعية الليبرالية لأجندة أوباما وضد المهاجرين عموماً ومن هم من دول العالم الإسلامي على وجه الخصوص.
وكان ما سبق ذكره كافياً لدونالد ترامب لكي يحسم خياراته الفكرية والسياسية لصالح القوى المنتمية لهذه الجماعات اليمينية المحافظة التي تحركت ضد كل ما كان يرمز له أوباما من أجندة ومن أصول إثنية وعرقية وسياسية.
وبحيث تحولت هذه القوى إلى تيار شعبي بنى عليه ترامب لاحقاً قوة قاعدته الانتخابية والتي استطاعت تجاوز العديد من المرشحين المعروفين في الحزب الجمهوري وجعلت من ترامب رمزاً لها وتمكنت من إيصاله إلى الرئاسة الأميركية.
لذلك فحينما يشير ترامب في تصريحاته إلى أوباما فإنّه يفعل ذلك متعمداً لكي يُذكّر قاعدته الشعبية بأنه (أي ترامب) هو الذي أنقذهم من إمكانية استمرار حقبة أوباما لو فازت هيلاري كلينتون وبأن دعم هذه القاعدة الشعبية له هو الذي يضمن عدم تكرار حقبة أوباما وبأنّ عودة أميركا العظيمة .. أميركا ذات الأصول الأوروبية البيضاء البروتستانتية مرهونة باستمرار ترامب في الحكم وبما هو عليه من أجندة داخلية وخارجية.
فأميركا التي قامت على أساس دستوري سليم واتحاد قوي بين الولايات هي أيضاً تأسست كمجتمع على ما يُعرف اختصاراً بأحرف: WASP والتي تعني الرجال البيض الأنجلوسكسون البروتستانت . والدستور الأميركي العظيم الذي جرى إعداده منذ حوالي 230 سنة كان معنياً به أولاً وأخيراً هؤلاء المهاجرون القادمون من أوروبا.
والذين مارسوا العبودية بأعنف أشكالها ضدّ الإنسان الأسود البشرة إلى حين تحريرهم قانونياً من العبودية على أيدي الرئيس ابراهم لنكولن بعد حرب أهلية طاحنة مع الولايات الجنوبية التي رفضت إلغاء العبودية في أميركا.
لكن أميركا الحديثة هي غير ذلك تماماً فالهجرة الكبيرة المتزايدة إلى الولايات المتحدة في العقود الخمسة الماضية من مختلف بقاع العالم وبشكل خاص من أميركا اللاتينية بدأت تُغيّر معالم المجتمع الأميركي ثقافياً ودينياً واجتماعياً وسياسياً واحتضن الحزب الديمقراطي هذه الفئات الجديدة.
بينما راح الحزب الجمهوري باتجاه محافظ ولّد فيما بعد ظاهرة حزب الشاي في مقابل نموّ وتصاعد التيار الليبرالي اليساري في الحزب الديمقراطي والذي عبّر عنه في انتخابات الرئاسة الأخيرة المرشح بيرني ساندرز وبعض من فازوا في الانتخابات النصفية مؤخراً.
هذه المتغيّرات تحصل في الحياة السياسية الأميركية منذ مطلع هذا القرن الجديد وبعد تداعيات 11 سبتمبر 2001 حينما ارتبط موضوع الأمن الداخلي الأميركي بحروب كبيرة في العراق وأفغانستان وبمسائل لها علاقة بالعرب وبالمسلمين وبالأقليات الدينية والعرقية في أميركا إضافةً طبعاً للدور الخطير الذي قام به من عُرِفوا باسم المحافظين الجدد في صنع القرار الأميركي.
وفي تغذية مشاعر الخوف لدى عموم الأميركيين ممّا دعم أيضاً الاتّجاه الديني المحافظ في عدّة ولايات أميركية خاصّةً بعد فوز باراك أوباما بمنصب الرئاسة في العام 2008 وما سبّبه ذلك من عودة مشاعر العنصرية لدى بعض الأميركيين وخوفهم على نهاية عصر أميركا البيضاء البروتستانت الأنجلوسكسون .
إنّ الانقلاب الثقافي الذي حدث في العام 2008 بانتخاب مرشّح للرئاسة الأميركية هو ابن مهاجر إفريقي ولا ينحدر من سلالة العائلات الأوروبية الأصل التي تتوارث عادةً مواقع النفوذ والثروة كان لا يمكن القبول باستمراره أو جعله مقدّمة لتغيير كامل في المجتمع الأميركي الذي رمز له فوز أوباما في العام 2008.
لذا فوجود ترامب في البيت الأبيض بالنسبة للجمهوريين المحافظين هو أشبه بانقلاب نجح في القضاء على الانقلاب الثقافي والاجتماعي الذي حدث في العام 2008 حينما أُنتخب باراك ابن المهاجر الإفريقي حسين أوباما كرئيس للولايات المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.