المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: 73 شاحنة فقط دخلت إلى القطاع رغم الوعود والمجاعة تزداد شراسة    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025: المصارعة الجزائرية تتوج ب10 ميداليات منها 7 ذهبيات في مستهل الدورة    مُكتتبو عدل 3 يتلقون ردوداً متباينة    اتفاقية بين كوسيدار ألرام و ألجيريا فاو تركس إندستريز    العيبان يشيد بالمناخ الاستثماري في الجزائر    حِوار استراتيجي جزائري أمريكي    الاحتلال الصهيوني يهاجم سفينة حنظلة    يوميات القهر العادي    هذا موعد صبّ المنحة المدرسية الخاصّة    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    وفود إفريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد    خالص التعازي إلى فخامتكم وإلى الشعب الروسي الصديق    ضمان اجتماعي: لقاء جزائري-صيني لتعزيز التعاون الثنائي    الرئيس تبون مستشار ترامب : إلتزام قوي لتعزيز العلاقات التجارية والأمنية    إستشهاد 12 فلسطينيا في قصف على خانيونس ودير البلح    الاتحاد البرلماني العربي : قرار ضم الضفة والأغوار الفلسطينية انتهاك صارخ للقانون الدولي    حماس تعلق على الخطوة "الشكلية والمخادعة":إنزال مساعدات جوا في غزة خطوة شكلية لتبييض صورة إسرائيل    رغم الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار.. استمرار القتال بين كمبوديا وتايلاند    تحقيق صافي أرباح بقيمة مليار دج    الجزائر تسعى إلى جعل الجنوب الكبير قطبا زراعيا استراتيجيا    تدابير جديدة لتسوية نهائية لملف العقار الفلاحي    وهران.. استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    3,4 مليون تلميذ يستفيدون من المنحة المدرسية    شرطة الشلف تسترجع مركبتين محل سرقة    وفاة 8 أشخاص وإصابة 261 آخرين    ترقب استمرار موجة الحر    الجزائر العاصمة.. حملة لمحاربة مواقف السيارات غير الشرعية    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    وزير الثقافة والفنون يشدد على "ضرورة بلوغ أعلى درجات الجاهزية" لإنجاح الصالون الدولي للكتاب بالجزائر (سيلا 2025)    مصارعة /الألعاب الإفريقية المدرسية: المنتخب الوطني يحرز 10 ميداليات منها 7 ذهبية في مستهل المنافسة    المخزن يستخدم الهجرة للضّغط السياسي    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    أشبال بوقرة يستأنفون تحضيراتهم للمنافسة القارية    إنجاز مشاريع تنموية هامة ببلديات بومرداس    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    حملة لمكافحة الاستغلال غير القانوني لمواقف السيارات    870 ألف مكتتب اطلعوا على نتائج دراسة ملفاتهم    تزويد 247 مدرسة ابتدائية بالألواح الرقمية    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر 2025): القافلة الأولمبية الجزائرية تحل بعنابة    تحذيرات تُهمَل ومآس تتكرّر    مهرجان الأغنية الوهرانية يسدل ستاره    "المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    الجزائر تحتفي بعبقرية تشايكوفسكي في حفل موسيقي عالمي بدار الأوبرا    كان "شاهدا وصانعا ومؤثرا" في تاريخ الصحافة الجزائرية    الجزائر رافعة استراتيجية لتسريع وتيرة الاندماج الاقتصادي القاري    اختتام مهرجان الأغنية الوهرانية في طبعته ال16: تكريم الفائزين ولمسة عصرية على النغم الأصيل    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر-2025): برنامج ثقافي وترفيهي وسياحي ثري للوفود الرياضية المشاركة    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غرب يتصدّع وشرق يتوسّع!
نشر في أخبار اليوم يوم 03 - 02 - 2019


بقلم: صبحي غندور
ثلاثون عاماً مضت على انهيار المعسكر الشيوعي الذي كانت روسيا تقوده لعقود من الزمن وهو المعسكر الذي كان يضم إضافة إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي معظم أوروبا الشرقية وتدور في فلكه دول عديدة في العالم وتُحسب عليه أيضاً جمهورية الصين الشعبية التي اختلفت عقائدياً وسياسياً مع موسكو الشيوعية آنذاك لكن كانت مشاكلها الداخلية الاقتصادية والاجتماعية لا تسمح لها بلعب أي دور هام عالمياً.
ولقد انتهى حلف وارسو مع نهاية المعسكر الشيوعي لكن لم ينتهِ معه حلف الناتو الذي سقط مبرر وجوده بسقوط الاتحاد السوفييتي بل على العكس فقد تمدد الناتو من أوروبا الغربية التي كانت ميدانه الأساسي إلى عدة دول في شرق أوروبا تجاور روسيا الاتحادية وتحولت العاصمة البولندية وارسو إلى مركز مهم جداً لأنشطة حلف الناتو وخططه العسكرية.
وشهدت حقبة التسعينيات من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي سياسات أميركية تتصف بالهيمنة والتفرد في قيادة العالم كلّه وبالسعي لتطبيق مفهوم الإمبراطورية الواحدة المهيمنة على الكرة الأرضية بأكملها. وكانت حقبة التسعينيات هي العصر الذهبي لسياسة الأحادية القطبية الأمريكية في تزامن مع الخلل الكبير الذي حدث في القيادة الروسية وحيث اعتمدت الولايات المتحدة أيضاً على مظلة العولمة لتبرير هيمنتها الاقتصادية والسياسية والثقافية في أرجاء مختلفة من العالم.
وقد عاش العالم مع بداية حقبة التسعينيات حالةً من صراع المفاهيم حول هوية العصر الذي دخلته الإنسانية بعد انتهاء الحرب الباردة بين القطبين الرئيسيين للعالم في القرن العشرين هذه الحرب التي انتهت بانهزام وانهيار قطب المعسكر الشيوعي (الاتحاد السوفييتي) مقابل فوز وتعزيز قدرات المعسكر الرأسمالي (الولايات المتحدة الأمريكية).
فقد كانت الهوية السائدة سابقاً هي صراع الشرق والغرب أو الصراع بين المعسكر الشيوعي والمعسكر الرأسمالي ولم يكن مطروحاً (أو حتى مقبولاً في قلب كلّ معسكر) الصراع على أساس ديني أو قومي. فالشيوعية والرأسمالية التقتا حول فلسفات ومناهج مادية لا تنطلق من خصوصيات قومية أو دينية ولا تعير اهتماماً للقيم الدينية أو للسمات الثقافية المميزة للشعوب. كذلك اشتركت الشيوعية والرأسمالية في التعامل مع المسألة الاقتصادية كأولوية تتجاوز حدود الدول والأمم وتتّسم بطابع العالمية لأفكارها وساحة عملها وبما يحقّق المصالح الخاصة لقطب كلّ معسكر.
وبسقوط المنافس الشيوعي العالمي بقيت الرأسمالية وحيدة في طرحها لنموذج سياسي واقتصادي وثقافي متكامل لا يمكن أخذ بعضه دون البعض الآخر. الصيغة السياسية للأنظمة الليبرالية هي الوعاء السياسي لمضمون الاقتصاد الحر والمنافسة التجارية الحرة كذلك فإنّ بناء أنظمة سياسية واقتصادية ليبرالية يتطلّب شرعية ثقافية من المجتمع ومفاهيم وقِيَم تتماشى مع عناصر الفكر الرأسمالي بحيث تتكامل العناصر الثلاثة: ثقافة - اقتصاد - سياسة لتبني المجتمع الرأسمالي الحر .
ولأنّ المنافسة الحرة هي أساس في النظرية الرأسمالية فإنّ حواجز الحدود والثقافات يجب أن تسقط أمام رواد الرأسمالية من مفكرين واقتصاديين وسياسيين. كذلك فإنّ المنافسة الحرة تعني المنافسة وسط أبناء المجتمع الرأسمالي نفسه وتكون نتيجة المنافسة محكومة بقانون البقاء للأقوى . لذلك كانت العولمة كنتاج طبيعي لوجود الفكر الرأسمالي نفسه والذي لا يعترف بحدود جغرافية أو حواجز ثقافية.
ولأن الولايات المتحدة كانت رأس حربة المجتمعات الغربية الرأسمالية في مواجهة المجتمعات الشرقية الشيوعية فإنّها اعتبرت نفسها المنتصر الأول بعد سقوط الكتلة الشيوعية وهي _ من وجهة نظر قياداتها الفكرية والسياسية والاقتصادية والأمنية - معنيّة بقيادة العالم كلّه وباستكمال نشر عناصر الدعوة الرأسمالية ومفاهيمها الثقافية والسياسية والاقتصادية. ولصالح أمريكا أولاً.
وهذه الرؤية الأمريكية الهادفة للهيمنة على أرجاء الأرض كلّها لا تريد معها شريكاً منافساً حتى ولو كان من داخل المجتمعات الغربية الرأسمالية نفسها. لذا ترافقت محاولات الهيمنة الثقافية الأمريكية على الشعوب الأوروبية مع فترة سقوط الاتحاد السوفييتي حيث كان ذلك ضرورياً من وجهة النظر الأمريكية حتى لا تخرج أوروبا عن القيادة الأمريكية وتبني لنفسها (في ظلّ خطوات الاتحاد الأوروبي) عناصر قوة مستقلة (ومنافسة) للقوة الأمريكية الرائدة الآن.
وقد امتزجت في مطلع التسعينات نظريتان مصدرهما الأساسي أمريكا الأولى كان رائدها صموئيل هينيغتون وعنوانها: صراع الحضارات (وتخللت نظريته مقولة الصراع الحضاري القادم بين الغرب والإسلام) والثانية كان رائدها فوكوياما وعنوانها: نهاية التاريخ (والتي وصلت إلى خلاصة مفادها أن الحضارة الغربية قد انتصرت على غيرها وهي الحضارة الوحيدة القائمة الآن). والنظريتان تكملان بعضهما البعض وتستهدفان العالم كله وليس فقط العالم الإسلامي تحديداً.
ثمّ جاءت أحداث 11 سبتمبر 2001 لتُغيّر الكثير مما كان عليه العالم خاصة لجهة نتائج حربي أفغانستان والعراق على اقتصاد أمريكا وعلى علاقاتها مع دول كثيرة انتقدت الانفرادية الأمريكية في تقرير مصير العالم وهي عوامل ساعدت على نجاح الرئيس فلاديمير بوتين بتحقيق نهضة روسية رافقها نمو اقتصادي واجتماعي وعلمي كبير للصين أيضاً.
ولعلّ التباينات بين السياسات الأمريكية والأوروبية ازدادت وضوحاً في العامين الماضيين بسبب ما قام ويقوم به الرئيس الأمريكي ترامب من خروج عن اتفاقيات تدعمها أوروبا كاتفاقية المناخ والاتفاقية حول الملف الإيراني إضافة إلى رفض الدول الأوروبية دعم قرارات ترامب بشأن القدس والأونروا وفرضه لرسوم جمركية على الصادرات الأوروبية وما قام به من تشجيع لبريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي ولكل التيارات الشعوبية التي عادت للظهور في المجتمعات الأوروبية.
إنّ الدول الغربية أو دول العالم الرأسمالي أشبه بجسم رأسه في الولايات المتحدة ودماغه في واشنطن وحينما يحصل أي عطب في هذا الدماغ فإنّ الجسم كله ينعطب. وقد حدث ذلك اقتصادياً في عام 2008 حينما اهتزّ الاقتصاد الأوروبي بسبب الأزمة المالية في الولايات المتحدة. وها هي أوروبا تعاني الآن من أزمات سياسية واجتماعية بسبب أيضاً ما عليه واشنطن من أجندة ومن انتعاش للعنصرية والشعوبية في الولايات المتحدة. ويحدث ذلك كلّه بينما تزداد روسيا الاتحادية والصين قوةً وانتشاراً في قارات الأرض وفي فضائها. فالغرب الرأسمالي يتصدع بينما الشرق غير الإسلامي يتوسع الآن!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.