تاريخ كأس أمم إفريقيا (الحلقة التاسعة عشر)

ولدت في لشبونة وانطلقت في السودان وترعرعت في الأدغال
تاريخ كأس أمم إفريقيا (الحلقة التاسعة عشر)
إعداد: كريم مادي
الدورة التاسعة عشر (تونس 1994)
تألق نيجيريا.. سقوط تونس وغياب الجزائر
سنتان بعد دورة السنغال سنة 1992 والتي توج بلقبها المنتخب الإيفواري بفوزه في اللقاء النهائي على المنتخب الغاني بضربات الجزاء حطت كأس أمم إفريقيا في سنة 1994 بالجارة تونس دورة غابت عنها الراية الوطنية؟ ترى لماذا غاب المنتخب الجزائري عن دورة تونس 1994؟ لكن قبل أن تتعرفون على هذا السؤال دعونا نلقي نظرة عن كيفية فوز تونس باحتضان دورة 1994.
بعد 29 سنة
العرس القاري بتونس
بعد 29 سنة من تنظيمها نهائيات كأس أمم إفريقيا سنة 1965 هاهي تونس يسند لها احتضان العرس القاري سنة 1994 فباتت تونس خامس دولة تحتضن النهائيات أكثر من مرة بعد كل من مصر والسودان وإثيوبيا وغانا لكن الحلم الوردي الذي طالما انتظره التونسيون في رؤية منتخبهم يتوج باللقب القاري بقيادة الحارس شكري الواعر تبخر في الدور الأول وهو المنتخب الذي سبق له وأن خسر نهائي عام 1965 أمام المنتخب الغاني.
لكن قبل هذا دعونا نجيب على السؤال الذي سبق وأن طرحته في مقدمة هذه الحلقة؟ لماذا أرغم منتخبنا الوطني على عدم المشاركة في هاته البطولة وهو الذي بلغ النهائيات بدرجة ممتاز.
بسبب مهزلة كعروف
الجزائر خارج العرس القاري بتونس
بعد المشاركة الهزيلة للمنتخب الوطني في دورة السنغال بخروجه من الدور الأول كان لزاما على المنتخب الجزائري خوض غمار التصفيات والتي يجب إن ينهيها على الأقل في الصف الثاني إن أراد المشاركة في دورة تونس
خاض المنتخب الوطني في تصفيات دورة تونس عشرة مباريات كاملة حيث أوقع القرعة المنتخب الوطني ضمن المجموعة الثالثة التي ضمت كل من سيراليون وغينيا بيساو والطوغو وبورندي والسنغال ورغم قوة هذه المنتخبات إلا أن المنتخب الوطني حل في الصف الأول عن جدارة واستحقاق لكن قبل مواجهته الأخيرة أمام المنتخب السنغالي بملعب تلمسان حدث ما لم يكن في الحسبان حيث راح احد الخونة الجزائريين يرسل بفاكس إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ينص أن الفريق الوطني قد أدرج في لقاء الذهاب أمام المنتخب السنغالي اللاعب مراد كعروف وهو معاقب الأمر الذي دفع بالاتحاد الإفريقي بالتحري حول حقيقة ما أرسل له واتضح بعد تحريات كبيرة أنه فعلا كعروف قد شارك في لقاء السنغال وهو معاقب الأمر الذي دقع بالاتحاد الإفريقي بإقصاء المنتخب الجزائر من بلوغ الأدوار النهائية وتم تعويض منتخبنا بالمنتخب السنغالي ليغيب منتخبنا لأول مرة بعد سبع مشاركات متتالية في الأدوار النهائية.
لكن السؤال الذي قد يتبادر إلى ذهن الكثير هل تجرأت الوزراة ولا نقول الاتحادية بفتح تحقيق لمعرفة الاسم الذي كان وراء حرمان منتخبنا الوطني من بلوغ دورة تونس؟ الجواب سيكون بالنفي لا ومادام الأمر كذلك فإن الذي يقف وراء هاته المهزلة من أصحاب الأكتاف العريضة والفاهم يفهم من هم هؤلاء الأكتاف.
لا جديد في نمط المنافسة
قرعة البطولة عادلة
حافظت دورة تونس على نفس نمط وتركيبة الدورة الأخيرة التي لعبت بالسنغال بمشاركة 12 منتخبا في الأدوار النهائية تم تقسيمهم إلى أربع مجموعات وكل مجموعة ضمت ثلاث منتخبات يتأهل إلى الدور الثاني الأول والثاني عن كل مجموعة وبعدها تلعب المباريات بنظام الكأس بخروج المغلوب.
أسفرت عملية القرعة على النتائج التالية: المجموعة الأولى ضمت كل من تونس منظم البطولة ومالي والزائير فيما ضمت المجموعة الثانية كل من مصر والغابون ونيجيريا أما المجموعة الثالثة فضمت كل من كوت ديفوار بطل الدورة الأخيرة وسيراليون وزامبيا أما المجموعة الرابعة والأخيرة فقد ضمت منتخبات غانا وغينيا والسنغال.
الانطلاقة يوم 26 مارس 1994
هزيمة غير منتظرة لتونس
في ال 26 مارس 1994 أعطى الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي إشارة انطلاقة الدورة التاسعة عشر بملعب المنزه بالعاصمة التونسية وقبل اللقاء الافتتاحي الذي جمع مستضيف الدورة المنتخب التونسي بالمنتخب المالي تمتع الجمهور الغفير الذي غصت به مدرجات المنزه باستعراض المنتخبات المشاركة وبصور من عمق التاريخ التونسي ومن التاريخ الإفريقي وهذا بحضور العديد من الوجوه الرياضية البارزة يتقدمهم رئيس الفيفا آنذاك البرازيلي جواو هافلانج.
الدور الأول
المجموعة الأولى: خروج مفاجئ لمنظم البطولة
أولى مفاجآت البطولة جاءت من المجموعة الأولى حيث ودّع المنتخب التونسي البطولة في الدور الأول بعد أن حل ثالثا بنقطة واحدة فقط وراء كل من المنتخب المالي والزائيري.
دشن المنتخب التونسي البطولة بهزيمة أمام المنتخب المالي بنتيجة هدفين لصفر سجلهما كل من كوليبالي في الدقيقة ال36 وسيدي بي في الدقيقة ال34 ورغم محاولات التونسيين إلا أن النتيجة بقيت على حالها إلى غاية نهاية المباراة ليتجرع التونسيون مرارة الهزيمة التي وضعتهم في موقع حرج.
اللقاء الثاني من الجولة الثانية جمع بين المنتخبين المالي والزائيري وانتهى لمصلحة مالي بهدف دون رد وقعه اللاعب أسولا في الدقيقة الثالثة من المرحلة الأولى فوز أهل مالي مباشرة إلى الدور الثاني فيما ترك التأشيرة الثانية محل تنافس بين المنتخبين التونسي والزائيري لكن هدف لاعب المنتخب التونسي الرويسي الذي وقعه في الدقيقة ال 41 من المرحلة الأولى لم يكف منتخب بلاده لعبور الدور الأول بعد هدف التعادل لمنتخب الزئير الذي وقعه اللاعب نسومبو في الدقيقة ال56 لتأهل إلى الدور الثاني منتخب الزائيري بفارق الأهداف ناقص هدف مقابل ناقص هدفين للمنتخب التونسي.
المجموعة الثانية: مصر ونيجيريا بامتياز
كما كان متوقعا أسفرت مباريات المجموعة الثانية بتأهل المنتخبين النيجيري والمصري بدون عناء إلى الدور الثاني فيما أقصي المنتخب الغابوني من البطولة مبكرا بعد أن مني بهزيميتن.
في اللقاء الأول عن هذه المجموعة تمكن المنتخب النيجيري من هزم المنتخب الغابوني بثلاثة أهداف دون رد سجل منها رشيدي ايكيني هدفين في الدقيقتين ال 18 و 88 فيما سجل الهدف الثالث والثاني في المباراة اللاعب اديبوجوي في الدقيقة ال72 فوز جعل المنتخب النيجيري قاب قوسين أو أدنى من الدور الثاني.
اللقاء الموالي عن هذه المجموعة جمع المنتخبين المصري والغابوني وكما كان منتظرا لم يجد زملاء ابراهيم حسن أدنى صعوبة في هز شباك منافسهم حيث انهوا المباراة لمصلحتهم بنتيجة عريضة 4/0 سجل منها عماد سليمان هدفين في الدقيقتين ال 55 و 59 فيما سجل الهدفين الاخيرتين كل من منصور في الدقيقة الأولى والجمل في الدقيقة ال22.
آخر لقاء عن هذه المجموعة بين المنتخبين النيجيري والمصري انتهى بالتعادل بدون أهداف ليتأهل المنتخبان معا إلى الدور الثاني فيما خرج نهائيا المنتخب الغابوني من الدورة بدون رصيد مقابل ثلاث نقاط لمصر ونيجيريا لكن فارق الأهداف كان لمصلحة المصريين بزائد أربعة مقابل زائد ثلاثة لنيجيريا.
المجموعة الثالثة: زامبيا وكوت ديفوار اليد في اليد إلى الدور الثاني
على غرار المجموعة الثانية احترم المنطق في المجموعة الثالثة حيث تمكن المنتخبان الإيفواري والزامبي من بلوغ الدور الثاني بسهولة فيما خرج المنتخب السيراليوني من البطولة.
في اللقاء الأول الذي احتضنه ملعب مدينة سوسة بيوم 27 مارس لم يجد حامل اللقب المنتخب الإيفواري أي صعوبة في هزم المنتخب السيراليوني بنتيجة ثقيلة 4/0 سجل منها اللاعب تيهي ثلاثية كاملة في الدقائق ال 8 و67 و 75 فيما سجل اللاعب غال الهدف الثاني في اللقاء في الدقيقة ال 34 فوز سمح لمنتخب كوت ديفوار من تعبيد الطريق لبلوغ الدور الثاني فرغم خسارته في اللقاء الثاني له أمام المنتخب الزامبي في الجولة الثالثة بهدف دون رد إلا أنه بلغ الدور الموالي علما أن هدف المنتخب الزامبي وقعه اللاعب ماليتولي في الدقيقة ال80 وقبل ذلك كان المنتخب الزامبي قد تعادل في أول لقاء له أمام المنتخب السيراليوني بدون أهداف ليحل في الصف الأول المنتخب الزامبي بثلاث نقاط مقابل نقطتين لمنتخب كوت ديفوار ونقطة واحدة لسيراليون الذي ودّع البطولة.
المجموعة الرابعة : غانا والسنغال في الدور الموالي على حساب غينيا
جاءت مباريات المجموعة الرابعة والأخيرة لمصلحة المنتخبين الغاني والسنغالي الأول حل في المرتبة الأولى بأربع نقاط فيما حل الثاني في المرتبة الثانية بنقطتين أما المنتخب الغيني فحل في الصف الأخير بدون رصيد.
في اللقاء الأول الذي لعب بمدينة سوسة يوم 27 مارس تمكن المنتخب الغاني بفضل اللاعب اكو نور من أهداف الفوز لمنتخب بلاده قبل ثلاث دقائق من صافرة النهائية مانحا نقطتين من ذهب لغانا وفي اللقاء الثاني تمكن المنتخب السنغالي من هزم المنتخب الغيني بهدفين لواحد سجل للمنتصر كل من غاي في الدقيقة الأولى من المرحلة الثانية من ضربة جزاء وتاندوج في الدقيقة الخامسة من نفس الشوط وقبل ذلك كان المنتخب الغيني السباق إلى التسجيل بواسطة اللاعب كامارا في آخر دقيقة من المرحلة الأولى وهي النتيجة التي أقصت المنتخب الغيني من البطولة تاركا التنافس بين المنتخبين السنغالي والغاني حول المرتبة الأولى التي عادت في نهاية المطاف للمنتخب الغاني بفضل الهدف الذي وقعه اللاعب باولي قبل دقيقتين من صافرة النهاية. وبانتهاء هذا اللقاء اتضحت معالم مباريتي الدور الثاني.
الدور ربع النهائي
جمهورية الكونغو الديمقراطية مالي كوت ديفوار ونيجيريا في المربع الذهبي
حملت مباريات الدور ربع النهائي أربع مباريات في غاية الإثارة والتنافس ففي اللقاء الأول الذي لعب يوم 2 افريل في ملعب المنزه بين المنتخبين النيجيري وجمهورية الكونغو الديمقراطية انتهى لمصلحة النسور الخضراء بنتيجة هدفين لصفر من توقيع اللاعب ايكيني في الدقيقتين ال 51 و71 والأخير كان من ضربة جزاء وفي نفس اليوم تمكن المنتخب المالي من إقصاء المنتخب المصري بهدف دون رد من توقيع اللاعب سيدي طراوري في الدقيقة ال64.
في اليوم الموالي وبملعب سوسة انتهى اللقاء الأول بين المنتخبين الزامبي والسنغالي لمصلحة الأول بهدف دون رد وقعه اللاعب شاكلا في الدقيقة ال39 فيما انتهى اللقاء الثاني بين المنتخبين الغاني والايفواري لمصلحة الأخير بهدفين لصفر وهو لقاء ثأري بعد كان المنتخب الايفواري قد فاز على منافسه في نهائي الطبعة الأخيرة بالسنغال بضربات الجزاء سجل لكوت ديفوار كل من تيهي في الدقيقة ال 30 و عبد اللاي طراوري في الدقيقة ال82 وقبل ذلك كان المنتخب الغاني قد عدل النتيجة في الدقيقة ال78 بواسطة اكو نور ليتأهل المنتخب الإيفواري للمربع الذهبي.
الدور النصف النهائي
نيجيريا وزامبيا في النهائي
حملت مبارتا الدور النصف النهائي تأهل كل من منتخب نيجيريا على حساب المنتخب الإيفواري بضريات الجزاء فبعد انتهاء الوقت القانوني والإضافي بهدفين لمثلهما سجل لنيجيريا كل من ايروها في الدقيقة ال19 ورشيدي ايكيني في الدقيقة ال40 فيما سجل لكوت ديفوار اللاعب باسولا في الدقيقتين ال 19 و 31 ليبتسم الحظ لنيجيريا بضربات الجزاء وهو ثالث نهائي نشطة منتخب النسور الخضراء فيما اكتفى المنتخب الإيفواري باللعب على المركز الثالث والرابع.
اللقاء الثاني من هذا الدور انتهى لمصلحة المنتخب الزامبي على حساب منتخب مالي بنتيجة لا أحدا كان يتوقعها 4/0 سجلهما كل ليتنا في الدقيقة الثامنة وسايلتي في الدقيقة ال 31 وكالوتشيبا بواليا في الدقيقة ال47 ليختم مهرجان الأهداف اللاعب ماليتولي في الدقيقة ال71 ليلتقي المنتخب الزامبي والنيجري في اللقاء النهائي فيما التقى المنتخب المالي وكوت ديفوار في اللقاء الترتيبي.
اللقاء الترتيبي
حامل اللقب يكتفي بالمركز الثالث
وقبل ذلك كان المنتخب الإيفواري قد افتك المركز الثالث بفوزه على مالي بنتيجة 3/1 سجل لكوت ديفوار كل من كوني في الدقيقة الثانية وعدل لمالي ديالو في الدقيقة الأولى من المرحلة الثانية ليضيف زميلة اوتارا الهدف الثاني في الدقيقة ال68 وبعدها بدقيقتين عمق اللاعب سيي النتيجة ليكتفي الإيفواريون في دورة تونس بالمركز الثالث وبانتهاء لقاء نيجيريا وزمبيا بفوز نيجيريا بهدفين لواحد نضع نقطة النهائية على أمل نلتقي بكم في حلقة يوم غد مع حكايات اخرى من القصة الكاملة لكاس أمم إفريقيا .
النهائي
نيجيريا بعد 14 سنة
جمع اللقاء النهائي الذي لعب يوم 10 افريل في العاصمة التونسية بين المنتخب الزامبي والنيجري وكما توقع الكثيرون عاد التاج القاري لمنتخب النسور الخضراء بنتيجة هدفين لواحد سجل لنيجيريا اللاعب المتألق امونيكي في الدقيقتين الخامسة والأولى من المرحلة الثانية فيما سجل لزامبيا اللاعب ليتنا في الدقيقة الثالثة من المرحلة الأولى وهو ثاني تتويج لمنتخب نيجيريا باللقب القاري بعد لقب عام 1980 بأرضها بتغلبها آنذاك على منتخبنا الوطني بثلاثية نظيفة لكن المنتخب الزامبي عليه أن ينتظر 18 سنة كاملة لينتزع أول لقب له وهو ما سنتعرف عليه في آخر حلقة من هذه القصة المشوقة.
تطالعون في الحلقة المقبلة:
العرس القاري في أقصى القارة الافريقية... الكأس لجنوب إفريقيا والتقدير لتونس هذا ما سنتعرف عليه في الحلقة المقبلة والى ذلكم الحين تقبلوا مني أنا معد هذه السلسلة كريم مادي آلف سلام وسلام