ممثلا لرئيس الجمهورية, السيد ربيقة يشارك غدا الأربعاء في مراسم الاحتفال بالذكرى المئوية الثانية لاستقلال بوليفيا    إعادة تشغيل 12 قطار "كوراديا"    الألعاب الإفريقية المدرسية-2025: الجزائر تتوج بلقب النسخة الأولى    رحلة لاكتشاف مدينة وهران: أطفال الجالية الوطنية يجددون ارتباطهم بجذورهم    مونديال كرة اليد أقل من 19 سنة (ذكور): السباعي الجزائري من أجل مشاركة مشرفة في القاهرة    عنابة: عروض فنية متنوعة تتوج الألعاب الأفريقية المدرسية    مرصد صحراوي يندد ب"الجرائم البيئية" قبالة سواحل مدينة الداخلة المحتلة    حوادث المرور: وفاة 34 شخصا وإصابة 1884 آخرين خلال أسبوع    بورصة الجزائر: ارتفاع كبير في قيمة الأسهم المتداولة خلال السداسي الأول من2025    المدير العام للحماية المدنية يقف بغرب الوطن على التدابير المتخذة لمجابهة حرائق الغابات    البرلمان العربي: اقتحام مسؤولين صهاينة للأقصى المبارك    أكثر من 200 صحفي دولي يطالبون بالدخول إلى القطاع    النعامة : ضبط 68 كغ من الكيف المعالج    عمار طاطاي مربي الأفاعي والتماسيح يُبهر زوار "نوميديا لاند"    "فخّ" الجمال يهدد عيون الجزائريات    استعراض سبل تعزيز التعاون الثنائي بما يخدم اللغة العربية    التسجيلات الجامعية: أزيد من 70 بالمائة من حاملي البكالوريا الجدد تحصلوا على إحدى رغباتهم الثلاث الأولى    برج باجي مختار: تنصيب رئيس أمن الولاية الجديد    كانكس 2025: اختيار ستة أفلام جزائرية قصيرة للمشاركة في مسابقة قارية    الرئيس يريد إصلاحاً شاملاً للعدالة    بلايلي يهدي الترجي الكأس الممتازة    هذه أهم محطّات الموسم الدراسي الجديد    اليابان مهتمّ بالتعاون مع الجزائر    المغرب يواصل انتهاكاته بالصحراء الغربية    ما نفعله في غزّة جريمة    يجب الموافقة على عرض القسّام    تسريح استثنائي للسلع    الوالي المنتدب يستعجل إنجاز المشاريع    اتفاقية لإدماج الأحياء الجامعية رقمياً    أسبوع ثقافي لأولاد جلال بالعاصمة    الجزائر متمسّكة بثوابتها الوطنية وخياراتها الاستراتيجية    عاشت الجزائر وعاش جيشها المغوار    مشاركون في الجامعة الصيفية للأطر الصحراوية: الكفاح المسلح.. الحقيقة التي يفهمها الاستعمار المغربي    الجيش سيبقى الخادم الوفي للوطن    الطبعة ال14 لمهرجان أغنية الراي بمشاركة 23 فنّانا شابا    "نفطال" تطوّر آليات التدخل لمواجهة الطوارئ بكفاءة أكبر    بنك "BNA" يسجل ناتجا صافيا ب 48 مليار دينار    سلطة الانتخابات.. مسابقة لأحسن بحث في القانون الانتخابي    البرلمان العربي: اقتحام مسؤولين صهاينة للأقصى المبارك انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس    الجزائر في النهائي    أيام للمالوف بقالمة    وزارة الثقافة تنظم ورشة تكوينية دولية    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    المنتخب الوطني يعود الى أرض الوطن    الجزائر وسبع دول أخرى تقرر زيادة في إنتاج النفط    مشاركة مشرفة للجزائر وإشادة بالمستوى الفني والتنظيمي    ستة فروع في مهمة تحقيق مزيد من الميداليات    آليات جديدة للتبليغ عن الآثار الجانبية لما بعد التلقيح    ورشة إفريقية عبر التحاضر المرئي لتعزيز ملفات ترشيح التراث العالمي    سحب فوري للترخيص ومنع الوكالات من تنظيم العمرة في هذه الحالات    الجلفة تنزل بزخمها ضيفة على عروس الشرق عنابة    دعم التعاون بين الجزائر وزيمبابوي في صناعة الأدوية    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ
نشر في أخبار اليوم يوم 31 - 07 - 2021


في مدينة الأبيض سيدي الشيخ
فرنسا وأول تجربة تنصيرية في التاريخ
-الجزء الخامس والستون-
بقلم: الطيب بن إبراهيم
*المستشرق ماسينيون يعدل نص الأذان
التنصير غاية وليس وسيلة ومذهب هؤلاء القوم هو الميكيافيلية حيث الغاية تبرر الوسيلة ولمَ لا تُجرب كل وسيلة للتنصير حتى ولو لم تستعمل من قبل فمدينة المقاومة والتصوُّف ( الأبيض سيدي الشيخ ) التي أطلق عليها المارشال الفرنسي أوبار ليوتي 1854 1934 اسم مكة الصغيرة كانت مغرية للتعامل معها بأي وسيلة حتى ولو كانت الوسيلة مخالفة للقواعد والأعراف الكنسية الصارمة.
كان من أخطر وأجرأ الخطوات التي أقدمت عليها إرسالية إخوة يسوع الصغار في إطار مشروعها التنصيري في مدينة الأبيض سيدي الشيخ وفي برنامج تكيفها مع السكان وتقربها الشكلي من عالم الإسلام بزعامة القس روني فوايوم أن وصل بهم الأمر لدرجة تخلِّي كنيسة الإرسالية عن استعمال الجرس كوسيلة للدعوة للصلاة واستبداله بنص أذان بلسان عربي مبين تقليدا لأذان المسلمين وتقربا من المصلين.
لم يكن أحد من تلامذة شارل دي فوكو يجرؤ على اتخاذ أي خطوة تتعلق بنشاط الإرسالية خاصة إذا كان الأمر حدثا فريدا من نوعه في تاريخ التنصير يتطلب المساس بطقوس وأساليب المعتقدين الدينيين الإسلام والمسيحية والتخلي عن استعمال الجرس واستبداله بأذان كنداء للصلاة باللغة العربية في كنيسة لخمسة مسيحيين فقط ليس من بينهم عربي أو مسلم واحد فمؤكد أن الفكرة لا يجرؤ أحد على طرحها ومناقشتها وإبداء الرأي فيها لخطورتها وحساسيتها وجرأتها وذلك إلا بعد الرجوع للمرجع العالمي في الإسلاميات المستشرق لويس ماسينيون واستشارته والأخذ برأيه قبل أن يعطي موافقته؟!! .
*ماسينيون يُعدِّل الأذان
كل من يعنيه أمر إرسالية الأبيض سيدي الشيخ من الفرنسيين ورجال الدين كان يعلم أن لويس ماسينيون هو من يقف وراء تجارب ونشاط إرسالية إخوة يسوع الصغار خاصة بعد انطلاق تجربتها المثيرة للجدل فسرعان ما اتجهت الأنظار نحوه لمعرفة رأيه وتعليقه على الحدث وأكيد أن ماسينيون كان على علم بذلك إن لم يكن هو من أوحى بالفكرة لمنفذها.
إذا كان لويس ماسينيون مستشار وزارة الخارجية الفرنسية لا تتخذ أي خطوة لها علاقة بعالم الإسلام من طرف دولته إلا بمشورته فما بالك بإرسالية يعد هو أحد مؤسسيها ومسيريها في متاهات عالمها الإسلامي وهو منظرها الأول بدون منازع فبعد موافقته المبدئية على المبادرة انطلق العمل باستعمال الأذان وسمع به من يعنيهم الأمر بدءا من السكان إلى الفاتيكان.
دامت تجربة الأذان الفاشلة ما يقرب من السنة وبعد الضجة التي أثارتها وردود فعل السكان التي وصلت إلى الحاكم العام تم توقيف التجربة بعد اتخاذ القرار من طرف المحافظ الرسولي الأسقف نوي غوستاف وتركت هذه التجربة المثيرة للجدل ردود فعل مختلفة من عدة جهات مؤيدة ومعارضة وما يعنينا هنا هو تعليقات وردود فعل لويس ماسينيون.
الأمر عند ماسينيون لم يتوقف بتوقيف الأذان ولأهمية الحدث لم ينته الحديث عنه بمجرد رسالة واحدة فالرسائل التي بعثها ماسينيون وأشارت لتجربة الأذان الجريئة والمثيرة للجدل ونصه وأصله ومكانه وزمانه تنوعت وتعددت وما استطعت الإطلاع عليه هو خمس رسائل تناولت الموضوع ثلاث رسائل أرسلت لرئيس الإرسالية القس روني فوايوم أثناء استعمال الأذان قبل توقيفه ورسالتان أخرتان أرسلتا كانتا بعد توقيف الأذان.
أول رسالة أرسلت من طرف لويس ماسينيون الحذر إلى رئيس الإرسالية المؤذن فوايوم تتحدث عن الأذان كانت بتاريخ 11 سبتمبر سنة 1934م كانت هذه الرسالة ردا على رسالة رئيس الإرسالية روني فوايوم في الأول من نفس الشهر أي في أقل من شهر بعد بداية تجربة الأذان وخلاصة ما جاء فيها أن ماسينيون ذكَّر مؤذن الكنيسة ببعض المحاولات السابقة في التاريخ التي لم ترق لما قام به في مدينة الأبيض سيدي الشيخ خاصة محاولة الأب Delmer كما أن ماسينيون تفهم لماذا لم يجرأ الأب فوايوم في هذا الأذان على التلفظ باسم يسوع في أذانه ومع ذلك يشكر ماسينيون المؤذن فوايوم على نصوصه المختارة للأذان التي يجب أن تسمع كما يسمع أذان المسلمين ويتمنى أن لا تفشل تجربة إسماع اسم مريم ويسوع من أعلى المنارة وماسينيون يتفهم عدم ذكر المؤذن روني فوايوم لمحمد (صلى الله عليه وسلم) لكنه يُذَكِّره أن هذا الأذان ألغى كل أنواع الشهادات عند المسلمين ويتساءل ماسينيون ما دمتم احتفظتم بنداء المسلمين الصلاة خير من النوم فلماذا لم يذكر إبراهيم في هذا الأذان كما يذكر في كل صلاة عند المسلمين؟ وينصح ماسينيون المؤذن فوايوم بأن الإشارة لإبراهيم أساسية فهو الجد المشترك للجميع ويقترح عليه استبدال جملة La prière vaut mieux que le sommeil بجملة أخرى هي : La prière est meilleure que le sommeil وأخيرا يتمنى له التوفيق في مهامه .
ومن خلال رأي خبير الإسلاميات ماسينيون وتوجيهاته وتأثيره على روني فوايوم وإرساليته ودغدغة عواطف المسلمين أخذ روني فوايوم برأي أستاذه وعمل بنصيحته وعدَّل نص الأذان وأدخل ذكر إبراهيم في نصه الجديد وأضيفت الجملة الجديدة : ربنا انشر علينا نعمتك كما نشرتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
وثاني رسالة من ماسينيون لرئيس الإرسالية روني فوايوم تتحدث عن الأذان أرسلت من مدينة باريس إلى إرسالية مدينة الأبيض سيدي الشيخ بتاريخ 2 نوفمبر سنة 1934 بعد شهرين تقريبا من الرسالة السابقة يعود فيها ماسينيون مرة أخرى للحديث عن الأذان ونصوصه ويذكر ماسينيون أنه رفض الدخول مباشرة في أعمال تنصيرية حرجا من زملائه المسلمين؟! .وأتْبِعت هذه الرسالة برسالة ثالثة عن الأذان بتاريخ 28 ديسمبر سنة 1934م يُذَكِّرُ فيها لويس ماسينيون تلميذه الأب روني فوايوم بأنه لازال ينتظر منه إرسال نص الأذان واعتقد أنه يقصد النص المعدّل.
أما الرسالة الرابعة عن الآذان فكانت بتاريخ 5 جوان سنة 1935م جاءت بعد تاريخ توقيف الأذان ب 13 يوما وفيها يقر ماسينيون بكل حسرة لرئيس الإرسالية الأب روني فوايوم بالانحناء والانصياع لقرار توقيف الأذان الذي كان من قبل سلطة مدنية دينية متمثلة في المونسينيار غوستاف نوي Nouet المحافظ الرسولي ويعتقد أن الوقت لم يحن بعد لتقبل الفكرة.
لم ينته النقاش عن الأذان بعد توقيفه من كنيسة الأبيض ومقر إرساليتها بل بقي الجدل قائما حول مصدره بين أعضائها وزعيمهم ماسينيون وآخر رسالة عن الأذان من ماسينيون لروني فوايوم كانت بتاريخ 16 سبتمبر سنة 1935م بعد توقيف الأذان بأربعة أشهر يؤكد فيها ماسينيون أنه هو الآخر مثل فوايوم منشغل بمسألة أصل الآذان الإسلامي. فماسينيون يرى أنه من المحتمل أن الأذان استعمل من قبل المسيحيين في الصحراء خاصة في اليمن أو الحبشة فهو لا يوافق على القول القائل أنه نداء خاص بالمسلمين خاصة عندما يتعلق الأمر بحمد الله ويعد ماسينيون مراسله فوايوم أنه عندما يكون أكثر تفرغا سيراسله في الموضوع.
يتبع...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.