64 سنة على مجازر 17 أكتوبر 1961 جريمة نكراء في السجل المخزي لفرنسا أحيت الجزائر أمس الجمعة اليوم الوطني للهجرة المخلد للذكرى ال64 لمجازر 17 أكتوبر 1961 التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية ضد أبناء الجالية الجزائرية في جريمة نكراء تبقى مسجلة في السجل المخزي الذي تحاول بلاد حقوق الإنسان طمس آثاره منذ عقود. وفي ذلك الثلاثاء الأسود الذي فشلت فيه شرطة باريس في إسكات صوت الحرية بأعماق نهر السين الذي امتزجت مياهه بدماء الشهداء تصدرت صور التقتيل والتعذيب الوحشي الذي تعرض له آلاف المتظاهرين الجزائريين السلميين عناوين الصحف الأوروبية والعالمية ما جعل المؤرخين يصنفون تلك المجازر كأعنف قمع مارسته دولة ضد متظاهرين في الشارع بأوروبا الغربية في التاريخ المعاصر. وتوثق تلك المشاهد المأساوية في محطات ميترو الأنفاق وجسور نهر السين لحقد الاستعمار ودمويته وعنصريته في تلك اللحظات المجنونة الخارجة عن أدنى حس حضاري وإنساني مثلما أكده رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في مناسبة سابقة اعتبر خلالها أن هذه المجازر تؤكد من جهة أخرى على عمق الرابطة الوطنية المقدسة بين أبناء الوطن في الداخل والخارج وعلى التحام أفراد الجالية بالقضايا المصيرية لبلدهم الأم. وقد التزم رئيس الجمهورية في مناسبات عدة بالدفاع عن أفراد الجالية ورعاية مصالحهم وتوفير شروط اندماجهم في ديناميكية التحول بالجزائر نحو المستقبل برؤية جديدة مؤمنة بكسب الرهانات وتحقيق أحلام الشهداء الأبرار وب جزائر مرفوعة الرأس متمسكة بمبدأ الحق والإنصاف فيما يتعلق بملف الذاكرة الذي تحاول أوساط متطرفة تزييفه أو إحالته إلى رفوف النسيان مبرزا أهمية التخلص من عقدة الماضي الاستعماري والتوجه إلى مستقبل لا إصغاء فيه لزراع الحقد والكراهية ممن ما زالوا أسيري الفكر الاستعماري البائد . وتعد مجازر 17 أكتوبر 1961 من بين المحطات الكثيرة التي أبان فيها الجزائريون بالمهجر عن ارتباطهم الوثيق بقضية وطنهم الأم حيث أن الجالية كانت تمثل المحرك الأساسي والمحيط الحيوي الذي استمدت منه الثورة التحريرية دعمها. وقد أزعج هذا الدور الكبير والفعال السلطات الفرنسية وجعلها تفرض حصارا على تحركات واتصالات الجزائريين إلى حد فرض حظر للتجوال واعتقال أعداد كبيرة من المهاجرين وإعادتهم إلى السجون والمعتقلات في الجزائر. ودفع هذا الأمر بجبهة التحرير الوطني إلى التخطيط لمظاهرات 17 أكتوبر السلمية إلا أن السلطات الفرنسية قابلتها بأبشع مظاهر العنف والوحشية بالإضافة إلى تطبيق سياسة التعتيم وطمس الحقائق. وقد قامت قوات الأمن الفرنسية بأمر من قائد الشرطة لمنطقة السين موريس بابون المدان سنة 1998 بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بقمع مظاهرة سلمية دعت إليها فيدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني تنديدا بحظر التجوال المفروض على مسلمي فرنساالجزائريين واستجاب لهذا النداء عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال. وأسفرت هذه المجزرة الدموية التي تواصلت إلى ما بعد ليلة 17 أكتوبر عن رمي عشرات المتظاهرين في نهر السين بعد قتلهم رميا بالرصاص أو بعد تعرضهم للضرب كما تم وضع عدد كبير منهم في السجون. وقد بلغ عدد ضحايا عنف الشرطة مئات القتلى إلى جانب آلاف الجرحى والمفقودين في حين أن شهادات أشخاص نجوا من الموت تشير إلى طرق وحشية لا مثيل لها واصفين مناظر بشعة لعشرات الجثث الطافية فوق مياه نهر السين. ولم تكتف الإدارة الاستعمارية بأعمال القتل بل قامت بتوقيف زهاء 15 ألف جزائري وجزائرية خلال تلك الأحداث تم تحويلهم إلى قصر الرياضات وحديقة المعارض وملعب كوبيرتين ليتم اعتقالهم في ظروف مأساوية حيث تاشريفت: مظاهرات 17 أكتوبر جسّدت أسمى معاني التلاحم أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق السيد عبد المالك تاشريفت يوم الخميس أن مظاهرات 17 أكتوبر 1961 التي قام بها المهاجرون الجزائريونبفرنسا جسدت أسمى معاني التلاحم بين أبناء الجزائر في الداخل والخارج. وفي ندوة تاريخية بعنوان بنات وأبناء الجالية الجزائرية بالخارج قداسة الانتماء واستمرارية الوفاء احتضنها النادي الوطني للجيش ببني مسوس (الجزائر العاصمة) إحياء للذكرى ال64 لليوم الوطني للهجرة أشار السيد تاشريفت إلى أن مظاهرات 17 أكتوبر 1961 أكدت أن الإرادة الوطنية كانت واحدة والهدف مشترك معتبرا أن هذه الذكرى ذخر لا ينضب وأثر لا يموت وحجة دامغة على حب الجزائري لوطنه . ونوّه بدور أفراد الجالية بالمهجر والذين ما فتئوا يبرهنون عن وفائهم لوطنهم واستعدادهم الدائم للمساهمة في نهضته والدفاع عن صورته ومصالحه ومكتسباته في كل مكان . وبعد أن ذكر بأنّ الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تفتخر بكل بناتها وأبنائها أينما كانوا وصف السيد تاشريفت هؤلاء ب صوت الجزائر في العالم وسفرائها الأوفياء في كل المحافل وركيزة أساسية في تعزيز مكانتها الدولية وصون صورتها المشرقة . من جهته أكد كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف بالجالية الوطنية بالخارج السيد سفيان شايب أن اليوم الوطني للهجرة يعد محطة مخلدة ومعبرة عن التضحيات الجليلة لجاليتنا التي ستبقى راسخة في تاريخنا الوطني .