في الحقيقة ومن سنة الحياة هناك في اي عمل النجاح والفشل وبينهما مستويات عديدة فعند الناس المخلصين في عملهم...النجاح يُثمن والفشل يُعاقب بعدة طرق اولها الاعتراف بالفشل في حد ذاته. الانسان الواثق من نفسه والجاد والمخلص في عمله لا يخاف من الاعتراف حتى لو كلفه ذلك فقدان منصبه لان الهدف في الاخير خدمة الوظيفة وليس خدمة المصلحة الخاصة فان فشلت فان التزامي بالصالح العام يحتم علي تطوير نفسي او الانسحاب لترك مكاني لمن هو افضل... قد يبدوا ان هذا الكلام يقترب من المثالية...لكن في الحقيقة هذا هو العرف السائد في الدول المتقدمة وليس بالضرورة الدول المتقدمة اقتصاديا او تكنولوجيا بل حتى المتقدمة فكريا واخلاصا.. فهذا قيصر روسيا، "وصفته بالقيصر طبعا احتراما وتقديرا لصنيعه" طالعتنا وكالات الانباء العالمية عن خبر مهم وهو استقالة رئيس اتحادية روسيا سيرغي فورسينكو من منصبه عقب الخروج المبكر لمنتخب بلاده من اورو 2012... فما الذي يميز هذا الشخص المحترم؟ استقالة رئيس الاتحاد الروس - كرة القدم - كأس أوروبا 2012 1* اولا هو تقلد هذا المنصب فقط منذ فبراير 2010 عقب انتخابات تفوق بها على خصمه بفارق كبير 2*هو رجل اعمال كبيير ومعروف في روسيا يكفي فقط ذكر انه هو المدير العام لهيئة الاوراق المالية Lentransgaz وهي شركة تابعة ل شركة غازبروم العملاقة. 3* هو رئيس نادي زينيت سانت بطرسبرغ 4*وأظن انه رئيس ايضا لاحد اكبر المجمعات الاعلامية في روسيا... 5*عضو في المجلس التنفيذي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم ورياضيا 1*لم يقصر هذا الرجل فقد انتدب احد افضل مدربي العالم وهو الهولندي ديك ادفوكات 2*المنتخب الروسي لم يكن اداؤه سيئا تماما فقد كانت نتائجه كالاتي لعب المنتخب الروسي في المجموعة الاولى وبدأ البطولة بفوز ساحق على التشيك (4-1)،وبعدها تعادل في مباراته الثانية أمام البلد المنظم بولندا 1-1، وخسر أمام اليونان 1/0 3* حتى خطاب الاستقالة الذي قدمه كان محترما جدا ففيه أسف شديد على الخروج المبكر ثم اعتذار لكل المشجعين...وبالطبع الاستقالة... والله ان هذا الشخص يستحق وقفة احترام وتقدير فرغم انه لم تمض الا سنتان على تقلده المنصب ورغم انه ذو جاه ومال ونفوذ وتأثير ورغم انه لم يقصر في انتداب الكفاءة التدريبية ورغم ان المنتخب لم يكن سيئا جدا...ورغم ورغم الا انه ايضا لم يكتف بالاسف ولم يكتف بالاعتذار بل قدم استقالته وترك منصبه انه رمز الاخلاص بامتياز ورمز عدم تقديس المناصب ورمز الاعتراف بالفشل فأين نحن من كل هذا ؟؟ بسبب مهازلنا المتواصلة في مختلف الرياضات فان مسؤولينا اصبحوا مبدعين في اختلاق التبريرات الى درجة انه يمكننا وضع لائحة بقائمة التبريرات هاته...وكلها تنم عن تهرب من تحمل المسؤولية وخوفا على المناصب التي يُنظر لها في الجزائر كمكاسب *نحن يعشش مسؤولونا في المناصب الى درجة اننا نسأم ونمل من حفظ اسمائهم على ظهر قلب *نحن مهازلنا تتعدى كل الحدود من الاقصاءات المهينة من التصفيات ومن الهزائم النكراء ومن الفضائح التسييرية المترامية الاطراف ومع ذلك لا نستحق في عرفهم حتى خطاب أسف واعتذار، والويل لمن يتكلم عن الاستقالة... *نحن ايضا ننتدب المدربين الذين ينفذوا دون نقاش رغم مسوياتهم الضعيفة فنيا ولا احد يناقش *نحن نمتلك مسؤولين لا يحترمون احدا لدرجة انك لا تسمع لهم حوارات او ندوات صحفية لتتم مساءلتهم او احراجهم كما يحدث في كل دول العالم ببساطة نمتلك مسؤولين فوق كل شيء فالمسؤولية في الحقيقة او المنصب هو ملكية شخصية وتعتبر مصدر رزق مهم جدا ولا يجوز الكلام تماما عن الاقالة او الاستقالة وفي الحالات النادرة التي ربما يترك فيها المسؤول المنصب فيكون هذا بسب انه سيرتقي لمنصب افضل بل وانه قبل ان يذهب يكون قد فرخ وجهز من سيسير على دربه حتى تبقى اوضاع الامتيازات كما هي وختاما اقول: الكل يتحمل مسؤولية هذا وخاصة من القمة وهذا احد اهم اسباب الكثير من المهازل لان هذه الذهنية تعني الافلات من الحساب والعقاب والمسائلة وتعني ايضا شراء وبيع المناصب وتعني استغلال المنصب وتعني الفساد في ابشع صوره وتعني اننا سنبقى في مصاف الدول المتخلفة ارجوا ان تكون المناسبة المهمة جدا القادمة فرصة لمراجعة انفسنا. واقول دائما: نحن اغنى الدول في الكثير من المجالات ولكننا أفقر دول العالم من حيث المسؤولين النزهاء ولا حول ولا قوة الا بالله. * العضو "الحقيقة"