يعاني سكان حي كرفة محمد التابع إقليميا لبلدية بورقيقة بولاية تيبازة من التهميش الذي يمسهم على مدار السنوات الماضية، من خلال العيش في بيوت هشة تغيب فيها أدنى المرافق الضرورية للحياة من ماء وكهرباء وغاز، مما جعلهم في أزمة الحرمان والتهميش أمام غياب السلطات المحلية وضربها لشكاويهم وانشغالاتهم عرض الحائط. تواجه أكثر من 300 عائلة ببلدية بورقيقة الموت بمختلف أشكاله، من خلال غياب أدنى ضروريات الحياة الإنسانية وكون سكناتهم تتواجد بالقرب من واد جرمان الذي يهدد حياتهم مع اقتراب فصل الشتاء أين يعرف ارتفاع منسوب مياهه، ناهيك عن الحالة الكارثية والخطيرة التي يتواجد عليها، حيث أنه أصبح قناة صرف للمياه القذرة ومفرغة للنفايات تتراكم فيها كل أوساخ المنطقة. ومن أجل نقل معاناة هؤلاء السكان الذين يقطنون الحي منذ أزيد من 20 سنة في نفس الظروف من الحرمان وانعدام شروط الحياة، انتقلت (أخبار اليوم) إلى عين المكان، وعند وصولنا استقبلنا بعض القاطنين بوجوه كلها استياء وعلامات البأس والشقاء والمعاناة بادية عليهم، وعند نزولنا عبر الطريق المحاذي للوادي انبهرنا بما شاهدناه من مياه قذرة ونفايات تتجمع على كافة ضفاف الوادي على مدار كل المسار الذي تتواجد فيه تلك البيوت الهشة، وفي حديثنا مع بعض العائلات التي تقطن الحي رفعوا عبر صفحاتنا شكاويهم وأعربوا عن معاناتهم التي يعيشونها، كما أبدوا تخوفهم الشديد من الوضعية سيما وأن فصل الشتاء على الأبواب، حيث رفع هؤلاء استغاثتهم للسلطات المحلية والولائية على رأسهم رئيس الجمهورية من أجل النظر في مشكلتهم في أقرب الآجال والرد عن انشغالاتهم والعمل على ترحيلهم إلى سكنات لائقة تنجيهم من حياة الذل والمعاناة التي يتقاسمونها مع الجرذان والحشرات، وتفك عنهم العزلة، خصوصا أن الحي يتواجد في منطقة بعيدة عن مركز المدينة مما يجبرهم على السير على الأقدام لمسافات بعيدة من أجل قضاء حاجياتهم اليومية، بعدما صارت حياتهم داخل البيوت القصديرية بلا معنى. وطالب هؤلاء السكان السلطات بتسوية وضعيتهم العالقة بإعادة إسكانهم في أحياء سكنية لائقة، بعد أن أبدوا استياءهم من المعاناة اليومية التي يعيشونها داخل تلك السكنات المعرضة للانهيار في أي لحظة بسبب فيضان الوادي الذي يعرف ارتفاع منسوب مياهه كلما تساقطت الأمطار، مؤكدين أن الوضعية الاجتماعية المزرية وضعف مداخليهم الشهرية وفقرهم وعدم امتلاكهم لمأوى يأويهم ويحميهم من الشارع، يجبرهم على البقاء بذات المكان مهددين بالموت الأكيد، ولكن وحسب ما أكده هؤلاء فقد تدهورت أمورهم في الحي خلال السنوات الأخيرة بعد أن كثرت البنايات والمحلات، مما جعل الوادي الذي كان في البداية نقيا ونظيفا مزبلة عمومية وقناة لصرف المياه القذرة. هذا ما جعل حياتهم تتأزم، ولدى حديثنا إليهم استنكروا بشدة سياسة التهميش والإقصاء المفروضة عليهم من طرف السلطات المحلية التي لم تتدخل لتسوية وضعيتهم السكنية، رغم تقديمهم لتلك السلطات بشكاويهم بعدما اهترأت سكناتهم وصارت غير قابلة للسكن، وتشعبت حياتهم وأصبحت لا تطاق. كما أضاف هؤلاء القاطنون أن الحي يفتقر إلى شبكة المياه والغاز، وما زاد من تخوف وقلق السكان هو تلك الأمراض والأوبئة التي تهدد حياتهم وحياة أولادهم خصوصا أن هؤلاء لا يعرفون مكانا آخر للعب إلا وسط تلك المفرغات والنفايات مما يجعلهم معرضين للأمراض جراء تلك الروائح الكريهة والأوساخ، التي قد تؤدي بحياتهم إلى الموت البطيء. كما أن تلك الأوساخ والقذارة تسببت في عدة أمراض للسكان على غرار الربو والحساسية، ناهيك عن انتشار الحشرات الضارة التي تحرم عليهم راحة العيش والنوم، كما أن الحي يعرف انتشار الجرذان والثعابين التي تزحف في الغالب إلى داخل البيوت لتتقاسم مع تلك العائلات حياتها، إلى جانب انتشار القوارض والحشرات. فضلا عن انتشار كل أنواع الجراثيم الناتجة عن تعكر مياه (وادي جرمان)، ناهيك عن الروائح الكريهة التي تسيطر على المكان، وفي حديثهم أشاروا إلى أن الأمر يزداد سوءا وتأزما في فصل الشتاء، حيث يرتفع منسوب مياه الوادي ما يؤدي إلى فيضانه وهو ما يهدد السكان لاسيما وأن السكنات تقع بمحاذاة الوادي، هذا الأخير الذي غالبا ما يشهد ارتفاعا في منسوب مياهه كل فصل شتاء، مما يجبر السكان على ترك منازلهم والفرار بعيدا، في انتظار عودة المياه إلى مستواها الطبيعي وهدوء الوادي.