الشيخ القرة داغي يحذر: إذا تفشت الوساطة والرشوة في الأمة فانتظر الساعة أكد الشيخ د. علي محيي الدين القرة داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الفساد الإداري أخطرُ بكثير من الفساد المالي، بل هو السبب أيضا في الفساد المالي والاجتماعي والسياسي. ويُقصد بالفساد الإداري ثلاثة أنواع من هذا الفساد، النوع الأول: أن يختار الشخص المسؤول، أناسا غير أكفاء لوظيفة معينة حتى وإن كانوا أكفاء لوظيفة أخرى، لأن لكل وظيفة مواصفاتها وخصائصها وشروطها، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم بنصوص كثيرة، منها أن سيدنا يوسف حينما رشح نفسه أن يكون وزيرا للخزانة المالية، ولتوزيع المؤن والنفقات وغيرها، وللإشراف على قضية الادخار، اختار لهم شرطين أساسيين، الشرط الأول: أن يكون عالما ومتخصصا ولديه القدرة في هذه المجالات التي تحدث عنها، والشرط الثاني هو أن يكون أمينا ومخلصاً يخاف الله سبحانه وتعالى وهذا ما قاله سيدنا يوسف للملك فقال: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)، حفيظ أي إنني أمين مخلص وأخاف اللهَ سبحانه وتعالى وقد جُرِّبتُ والحمد لله، حينما طلبته امرأة العزيز لنفسها في قصر مغلق، والشيء الوحيد الذي منعه هو خوفه من الله وقال معاذ الله، وكذلك لديه العلم فالله سبحانه وتعالى أعطاه العلم والقدرة واكتسب من العلم حينما كان في السجن سواء كان علما من عند الله من خلال الوحي أو علوماً مكتسبة كان يستفيد منها من خلال التفكر والتعمق. مواصفات التطبيق وقال القرة داغي: إن مواصفات التطبيق للجوانب العملية تختلف عن الجوانب العلمية المتخصصة، وهذا ما نجده بالنسبة لسيدنا موسى حينما طلبته بنت شعيب حينما ساعدهما موسى في سقي الماشية (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمين)، هنا العلم ليس مقصودا في إدارة الرعي والعمال والصناعات والأشياء العملية التي تحتاج إلى القوة البدنية، مع أن صفة الأمين مازالت مشروطة في كل الأعمال سواء كان عملا بدنيا يحتاج إلى القوة البدنية، أو عملية فكرية إدارية، فإن الأمانة والإخلاص مطلوبان دائماً، لذلك تكرر هذا الشرط في جانب العلم والإدارة والوزارة والمسؤوليات الكبرى وكذلك في الجوانب العملية.. بينما حينما تحدَّث سيدنا موسى لترشيح سيدنا هارون، ذكر شرطا مناسبا للدعوة والتبليغ الذي يحتاج إليه الشيخ أو الداعية أو النبي، وهو البلاغة والفصاحة والقدرة على التأثير ولذلك برر ذلك ب(هو أفصح مني لساناً)، لكي يكون هارون نبيا، لأننا هنا نحتاج إلى قوة الفصاحة ولا نحتاج إلى قوة البدن.. هذا ما يرشدنا إليه القرآن الكريم بأن الوظائف ليست واحدة، وإنما لكل وظيفة خصائصها، وعلى المسؤول سواء كان إماما أو خليفة أو رئيسا أو مديراً حينما يُختار أن يتقي الله سبحانه وتعالى ويتحقق من هذين الشرطين: الأول: الاختصاص الذي يؤهِّله لأن يكون لهذا المنصب، ولا يُعيَّن إلا من كان متخصصاً، ثم الشرط الثاني المتكرر في جميع الحالات وهو الأمانة التي عبَّرنا عنها بالإخلاص. إذا ضيِّعت الأمانة وأكد فضيلته على أنه إذا كان الشخص المسؤول يُعيَّن على غير هذا الأساس، لأي سبب من الأسباب، فقد دخل ضمن هذا الفساد، ودخل في ضمن الأحاديث والآيات الكثيرة التي بيَّن الله سبحانه وتعالى وبيَّن رسوله صلى الله عليه وسلم الآثارَ الخطيرة لها في الدنيا والآخرة، وهذا جزء مما أشار إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قيام الساعة، حينما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم والنبي كان يتحدث فأشار إليه بعدم قطع كلامه ثم قال: (أين السائل عن الساعة؟) فقال: ها أنا ذا يا رسول الله فقال الرسول: (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة) وقال الرجل: كيف إضاعتها فقال الرسول: (إذا وُسد الأمر إلى غير أهله). أي إذا أنيط أو أعطي الأمر لغير أهله والمستحقين، والأمر هنا يراد به أي شيء فيه مسؤولية. وروى الشيخ القرة داغي قائلا: علماؤنا فسروا هذا الحديث بتفسيرين جميلين، كلاهما مطلوب هنا، التفسير الأول أنه إذا أُسند الأمر إلى غير أهله لأي سبب كان للقرابة أو الوساطة أو الرشوة فهذه من علامات الساعة الكبرى لأن الدنيا بهذه تختلّ، ومن العلماء أيضا من فسروا بالإضافة إلى هذا التفسير، أنه فانتظر الساعة، أي ساعة هذه الدائرة وساعة هذه الحكومة، وساعة هذا الشعب، أي أنه كما في يوم القيامة تضطرب الأمور فكذلك تقوم قيامة هذا الشعب أو الدولة أي تسوء أحوالها، وهذا ما نراه حقيقة اليوم حتى في ظل الثورات العربية، التي الآن حينما تحاول الحكومة المنتخبة العلاج فنجده يتعثر ولا مقدرة لها على ذلك لأن ما يسمى بالحكومة العميقة السابقة، داخلة في كل شيء، فبماذا يبدأون في التطهير: هل بالقضاء أو بالتعليم أو العسكر أو الشرطة؟.. وهنا يتبين خطورة هذه المسألة، فحينما يتساهل إنسان في البداية، من موظف أو موظفين، فبعدها تنتشر ويكون علاجُها صعبا ومتعسرا إلا إذا أراد الله ذلك. * علماؤنا فسروا هذا الحديث بتفسيرين جميلين، كلاهما مطلوب هنا، التفسير الأول أنه إذا أُسند الأمر إلى غير أهله لأي سبب كان للقرابة أو الوساطة أو الرشوة فهذه من علامات الساعة الكبرى لأن الدنيا بهذه تختلّ، ومن العلماء أيضا من فسروا بالإضافة إلى هذا التفسير، أنه فانتظر الساعة، أي ساعة هذه الدائرة وساعة هذه الحكومة، وساعة هذا الشعب، أي أنه كما في يوم القيامة تضطرب الأمور فكذلك تقوم قيامة هذا الشعب أو الدولة أي تسوء أحوالها، وهذا ما نراه حقيقة اليوم حتى في ظل الثورات العربية.