بسبب حوادث الاصطدام العفوية بين السائقين معارك دامية على الطرقات السريعة تنتهي في المحاكم انتقلت عدوى العراك والشجار من الأحياء الشعبية إلى الطرقات السريعة التي تحوّلت في الآونة الأخيرة إلى حلبات للصراع بسبب حوادث الاصطدام العفوية التي تحدث بين المراكب، وعادة ما تلحق تلك القضايا إلى أبواب المحاكم مما يفسر العصبية الزائدة للفرد الجزائري والتي لم تأت من العدم بل من الازدحام المروري الرهيب الذي صار من السيناريوهات المتكررة في طرقاتنا، وعادة ما تخلف تلك الحوادث العفوية أحداثا دامية شهدتها طرقاتنا السريعة وكانت نهايتها بمراكز الأمن. قفزت ظاهرة العراكات الدامية لتحتل مكانا دائما في الطرقات السريعة، ففي وسط الازدحام المروري تتحول بعض الحوادث العفوية إلى مصدر مخيف لاستعمال الوسائل الحادة لا لسبب سوى لارتكاب حادث بسيط بين سائقين أدى إلى اصطدام مركبتين، وحتى ولو كان الاصطدام خفيفا فإن من الأشخاص من يقيمون الدنيا ولا يقعدونها ويذهبون إلى الصراع والعراك الحاد، مما حوّل بعض الطرقات إلى حلبات للصراع الدائم وهي من الأمور التي لم يهضمها الجميع، خصوصا وأن تلك الحوادث العفوية هي جد محتملة على مستوى الطريق بسبب الكم الهائل من السيارات التي باتت تعبر بصفة يومية عبر أغلب الطرقات. اقتربنا من بعض السائقين فأكدوا الظاهرة المريرة التي باتت تعيشها معظم الطرقات السريعة بسبب تهور البعض، بل ومنهم من يتجرأون على تكسير المراكب في لحظة غضب عابرة، ما أكده لنا السيد فؤاد الذي قال إن بعض السائقين لا يتقبلون الاحتكاك بهم حتى ولو كان الاحتكاك عفويا وبسيطا من غير تعمد، وهو الموقف الذي عايشه في الكثير من المرات إلا أنه استطاع التحكم في الوضع، ورأى شخصيا أن صاحب المركبة على مستوى الطريق من الممكن الاحتكاك أو الاصطدام به عفويا من الآخرين، كما من الممكن جدا أن يصطدم هو بمركبة أخرى فيكون الفاعل أحيانا ويكون الضحية أحيانا أخرى ووجب الابتعاد عن كل مظاهر العنف التي باتت تملأ طرقاتنا من كل جانب. نفس ما بينته الآنسة خديجة إذ قالت إن النسوة هن أكثر عرضة للحقرة والظلم على مستوى الطرقات، وتلتصق دوما بهن تهمة جهل القيادة والكارثة العظمى إن حدث وأن اصطدمن بصفة عفوية بسائق آخر فالسب والشتم والكلام الخادش للحياء يكون مصيرهن، هذا في حالة ما إذا سلمن من الضرب المبرح، ورأت أنها سلوكات غير حضارية، فالسائق معرض لتلك الحوادث العفوية التي ينجم عنها الاحتكاك الطفيف بين السيارات وعلى الكل التحلي بالصبر والتعقل في تلك المواقف التي رأت أن الازدحام المروري كان سببا وراء إثارة تلك الأعصاب. وتجدر الإشارة أنه عرفت ناحية قاريدي 1 بالقبة نهاية الأسبوع الماضي حادثا مماثلا، وكان الاعتداء من طرف سائق مركبة خاصة على حافلة نقل عمومي من نوع اتوسا مما أدى إلى تقاذف المسافرين، بحيث جرت معركة حامية مع السائقين بسبب احتكاك المركبتين وتطور الأمر بقيام صاحب الشاحنة الخاصة بالاعتداء على زجاج الحافلة مما أدى إلى رعب المسافرين وتم تقاذفهم على مستوى الطريق السريع القريب من الجسر ولاذوا بالفرار ونزلوا من الحافلة، ولحسن الحظ أن حافلة أخرى أنقذت الموقف تشغل نفس الخط بحيث كانت متوجهة نحو ساحة أول ماي وكانت ملامح الهلع تميز المسافرين بعد وقوفهم على تلك المعركة الحقيقية. وبالفعل صارت تلك المواقف تطبع طرقاتنا السريعة وتكون نهايتها بأبواب المحاكم، فهل عصبية الفرد الجزائري لحقت إلى ذلك الحد، أم أنها مواقف حتمية أفرزها الاختناق المروري الرهيب الذي أدى إلى اكتساب أمراض مزمنة وعادات مشينة كانت من بينها الصراعات والعراكات التي تسجلها طرقاتنا بصفة متكررة.