مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي: عطاف يشارك في جلسة الافتتاح    بوطبيق يؤكد من تيبازة..تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات    الجوية الجزائرية للشحن مستعدة للتكيف مع متطلبات التصدير    عطاف يشارك في الاجتماع الوزاري العربي بإسطنبول لمناقشة العدوان على ايران    منتدى حوار الأديان بروما:الجزائر ستبقى صوتا للسلام العادل    وزير الداخلية: تخصيص أكثر من 7 مليارات دينار لتهيئة وإعادة تأهيل الفضاءات الشاطئية    افتتاح تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" بالعاصمة    كتاب "الكسكسي, جذور وألوان الجزائر" يتوج بجائزة دولية بالبرتغال    تنافس 7 عروض على"العنقود الذهبي" في المهرجان ال15 للمسرح الفكاهي بالمدية    لمين عصماني: دعوة إلى الوقوف وقفة رجل واحد ضد أعداء الجزائر    التلفزيون الجزائري: عرض الفيلم المستوحى من قصة اختطاف واغتيال المعارض المغربي مهدي بن بركة    رزيق يدعو المتعاملين الاقتصاديين إلى اكتساح السوق الإفريقية    نهائي كأس الجزائر للكرة الطائرة 2025: الوداد يستهدف الثنائية والأولمبي كأسه الأولى    غزة: ارتفاع عدد الشهداء في غزة اليوم إلى 48 شهيدا    بداري يشرف على اجتماع تنسيقي مع مديري المؤسسات الجامعية والمدارس الوطنية للأساتذة    ألعاب القوى/الدوري الماسي-2025 : محمد ياسر تريكي يحقق المركز الخامس في الوثب الثلاثي    اليوم العالمي للاجئين: منظمة التعاون الإسلامي تدعو إلى تعزيز آليات تقاسم الأعباء واحترام حقوق اللاجئين    الرابطة الأولى موبيليس: وفاق سطيف ينهي الموسم بانتصار واتحاد الجزائر يغرق في وهران    ميسي يتوهّج    ناصري يشيد بسياسات تبّون    لنِحْمِ غاباتنا    نقل ملكية الطاسيلي إلى آر آلجيري    بوالزرد: الإصلاحات بلغت مراحل متقدمة    هذا عدد المشتركين في شبكة الألياف البصرية    الدحيل يعلن تعاقده مع بولبينة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    بلحاج يطلب الإعفاء من رئاسة المحكمة الدستورية    مصداقية منظومة عدم الانتشار النّووي على المحك    مواءمة التكوين العالي المتخصص مع حاجيات سوق الشغل    تحقيق الإقلاع الفعلي للوحدات الصناعية المسترجعة أولوية    "حماس" تطالب المجتمع الدولي ومؤسساته بتحمّل المسؤولية    10 هكتارات من المساحات العازلة المضادة للحرائق    كل الظروف مهيأة لافتتاح موسم الاصطياف بالعاصمة    نشر نتائج الإحصاء العام الفلاحي الثالث قريبا    المغرب: انتهاكات حقوق الاطفال بتواطؤ الصمت الرسمي وغياب الحزم    الجزائر العاصمة: انطلاق الطبعة ال6 لحملة التنظيف الكبرى    المغرب لا يريد التعاون من أجل التوصل إلى حل    بتكليف من رئيس الجمهورية، عطاف يشارك في الدورة ال51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول    جعل الجامعة قاطرة للاقتصاد الوطني    بكالوريا 2025 كانت في المستوى    إنتاج فلاحي استثنائي هذا الموسم    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    انطلاق الحملة الوطنية لتدعيم تلقيح الأطفال    تكريم الممثلة الجزائرية رانيا سروتي    الرئيس تبون يولي عناية خاصة لمسألة الذّاكرة الوطنية    الأمن الهوياتي في مواجهة التحولات العالمية    نادي بارادو يودع عادل بولبينة برسالة مؤثرة    "الفاف" تعلن الحرب على المنشطات والمخدرات في البطولة الوطنية    بنفيكا البرتغالي يريد حاج موسى لتعويض دي ماريا    حملة وطنية لتدعيم عملية تلقيح الأطفال الأقل من 6 سنوات ابتداء من الأحد المقبل    المنيعة: تدابير استثنائية لتغطية الطلب المتزايد على الكهرباء خلال الصيف الجاري    الجزائر عاصمة للثقافة الحسانية    نحو وضع خريطة صحية جديدة لإعادة تنظيم شبكات العلاج    "تارزيفت"... تعبير عن حفاوة الاستقبال    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يبكي الوزير..
نشر في صوت الأحرار يوم 21 - 09 - 2012

حينما يأتي الاعتراف صريحا من الرجل الذي يقف على هرم هياكل القطاع؛ فلا بدّ أن ندرك أنّ الأمر جدّ لا هزل، وأنّ الخطر المحدق بالوطن والمواطن أكبر من أن يُسكت عليه.. وبعدما يعترف الرجل، ولو بشكل غير مباشر، عن عجز أو تقصير في حماية إطارات تقوم بدورها في خدمة البلاد والعباد؛ يتبادر إلى الأذهان أنّ الحديث عن الصومال أو أفغانستان، وليس عن جزائر العزّة والكرامة.
الرجل هو وزير العدل الجديد، محمد شرفي.. والمناسبة اجتماع لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء في دورة عادية، حيث وجّه السيد الوزير خطابه.. والمكان هو مقرّ المحكمة العليا.. وهكذا اقترنت أهمية المكان بأهمية الإنسان.. وزير عدل وقانون ورجال سامون في قطاعه الحسّاس.
تنبيهات وإشارات السيد الوزير الواضحة كانت متعدّدة خلال خطابه ومن ذلك تأكيده على أن "السبب الأول للمساس بالممارسة الكاملة للمواطنة يكمن في الفساد المنتشر الذي يهدّد النسيج الاجتماعي ويمسخ مجهود تشييد دولة القانون، ويعبث بتسيير الاقتصاد الوطني ويمخر الصلات القائمة بين المواطنين وممثّلي الدولة".
ثم يتحوّل الكلام إلى مقام أوضح عندما يتحدث الوزير عن راشين ومرتشين مندسّين "يكادون لا يتركون مصلحة عمومية في منأى عن هذه الآفة".. كلام خطير ومركّز ربّما حاول الوزير التخفيف منه عبر التأكيد على وجود أغلبية نظيفة تقف في مواجهة هؤلاء الفاسدين، على حدّ تعبير الرجل، وهم "الأغلبية من إطارات الدولة أولئك المتشبّثين بقيم النزاهة النبيلة.. ومن بين هؤلاء الإطارات المشرّفة للدولة نجد الآلاف من القضاة وأمناء الضبط وموظفي إدارة السجون الذين ينصبّ همّهم الوحيد على إعطاء كل ذي حقّ حقه خوفا من الرقيب الأعلى واحتراما للقانون".
السيد الوزير هاجم الضالعين في الفساد داخل قطاع القضاء منبها على أنهم "لن يتمكنوا من الاستمرار في تحدّي القانون والأخلاق وأنه آن الأوان لأن يعودوا إلى رشدهم لأن محاربة الفساد لن يكون لها معنى ولا نجاعة إلا عندما تكون العدالة في منأى عن هذه الآفة ومحصنة منها".. وهو كلام جميل لكنّه أقل من المطلوب فهو يعني ببساطة شديدة أن الحكومة الجديدة، القديمة ببعض وجوهها المؤثّرة، ليس في وسعها أكثر من دعوة هؤلاء إلى التوبة الطوعيّة، أما العقاب فيبدو أنّ أوانه لم يحن بعد.. وربما يؤيّد هذا التوجيه أو التحليل اعتراف السيد الوزير بوجود ضغوط تسعى لمنع القضاة من أداء مهامهم بحرية ونزاهة قائلا: "إذا كانت المطلبية الشرعية للمجتمع التطبيق الصارم للقانون من طرف القاضي ضد المتسببين في الفساد ظاهرا وباطنا، فمن الأجدر لنا في نفس الوقت حماية الإطارات النزيهة الملتزمة بمكافحة الفساد من الضغوطات متعددة الأشكال والتي يمكن أن يكون هدفها إضعاف العزائم في هذه المعركة".
والمعادلة واضحة، وضوح الشمس في رابعة النهار، حيث يمكن الربط بين الأمرين: جهات أو لوبيات تضغط على القضاة النزهاء الملتزمين بمكافحة الفساد.. إذن من المنطقي أن تقوم تلك الجهات واللوبيات بتشجيع الفساد داخل قطاع القضاء وحماية الفاسدين، وهكذا تحافظ على وتيرة مصالحها وألاعيبها الاقتصادية والسياسية.
كلام الوزير خطير ومثير، لأن هذه الضغوطات لم تصدر، ولن تصدر، بالتأكيد من مواطن بسيط وحتى متوسط الحال، لأن في يد القاضي من السلطات والصلاحيات ما يؤهله لمقاضاة كل فرد يتعدّى حدوده داخل أو خارج قاعة المحكمة.. لكنّ عجزه عن تأديب شخص أو مجموعة أشخاص، وأكثر من ذلك تعرّضه لمتاعب إذا حاول مجرّد المحاولة؛ فذلك مربط الفرس وموضع السؤال الذي قد يحيّر ذوي الألباب ولو لبعض الوقت، حتى تنجلي الملابسات ويتحرّر اللغز من غموضه وعُلبه السوداء ودهاليزه وكهوفه شبه المزمنة، أو هكذا تصوّرنا لسنوات طويلة، أو رسّخوا فينا هذا التصور لننام على الضّيم، ونلبس المرقّع ونأكل فتات الموائد.
إنّ مثل هذا الكلام لا ينبغي أن يمرّ مرور الكرام، ليأتي ما يمحوه سواء من أحداث الوطن أو ما حوله.. بل إنّ من علامات حياة الدولة والشعب أن تتطور مثل هذه التصريحات إلى مقالات طويلة عريضة وورشات ومؤتمرات وتحقيقات، وغيرها ممّا يساعد على فك لغة اللّغز وترجمتها إلى كلام عادي يفهمه الجميع ويشكّلون من خلاله ردود أفعال مناسبة وقرارات تتماشى مع منعطفات المرحلة داخليا وخارجيا.
إن القضاء في حضارتنا الغابرة، وعند بعض الأمم المتحضّرة اليوم، له مكانته العالية، وللقاضي حصانته التي تفوق الجميع، وبالتالي انتعشت، وما زالت، مجتمعات العدالة والحرية والانتصار للمظلوم والضرب بشدّة على يد الفاسدين والمفسدين والعابثين.
إن من شروط القاضي في حضارتنا أن يكون ورعًا في دينه، زاهدًا غنيًا فإن كان فقيرًا أغناه الإمام، وأن يكون صبورًا وقورًا، غير عبوس، لا يبالي بلوم الناس ولا بأهل الجاه، وأن يكون الكلّ عنده في مجلس القضاء سواء.. وفي دول غربية تتمتع بقضاء نزيه يحصل القضاة على رواتب عالية بغرض تحصينهم ضد الرشوة والفساد، كما يتمتعون بضمانات عالية للحماية من الضغوطات السياسية والإجرامية، وهكذا يصبّون جهودهم نحو العدل والموضوعية في الأحكام دون خوف من أحد.
محرّر خبر خطاب السيد وزير العدل، كما ورد في إحدى الصحف الوطنية، قال إن الوزير شرفي بكى من شدة الانفعال عندما كان بصدد قراءة آخر سطور الخطاب.. وعندما يبكي الوزير، أو يتأثّر فقط، فإنّنا أما ناقوس خطر شديد، فربما تكون قاطرتنا قد اقتربت من هاوية سحيقة، وقد لا تنفع معها مكابح اللحظات الأخيرة، بعد أن اتفق الجميع، ممارسة أو سكوتا أو خوفا، على السير في الطريق الموغل في الخطأ زمنا طويلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.