البليدة: تنصيب رئيس مجلس القضاء الجديد    تنصيب رئيس المجلس والنائب العام ورئيس المحكمة الإدارية لتبسة ومحافظ الدولة لدى المحكمة الإدارية للمسيلة    هاتف نقال: ارتفاع استثمارات "أوريدو الجزائر" الى 6ر8 مليار دج في السداسي الأول    السويد تطالب الاتحاد الأوروبي بتجميد الشق التجاري من اتفاقية شراكته مع الكيان الصهيوني    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 60249 شهيدا و147089 مصابا    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/: الجزائر تعزز مركزها الثاني في جدول الميداليات بعد منافسات اليوم الرابع    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/: المنتخب الوطني للملاكمة (إناث)، من اجل خطف أكبر عدد من الألقاب    عطلة الأمومة: إجراءات هامة تضمنها قانون التأمينات الاجتماعية الجديد    السيد عطاف يستقبل وزير خارجية نيجيريا    السيد زيتوني يقف على التحضيرات تحسبا لمعرض التجارة البينية الإفريقية 2025 بالجزائر    الصحراء الغربية: الإعلام الدولي يواصل تسليط الضوء على تداعيات تصوير فيلم سينمائي في الداخلة المحتلة    تواصل موجة الحر بجنوب الوطن وارتفاع الامواج بعدد من الولايات الساحلية وأمطار في أخرى    عين تموشنت: مصنع تحلية المياه بشط الهلال يتجاوز مليار م3 من المياه المحلاة منذ بداية الاستغلال    وهران: استزراع 20.000 وحدة من صغار البلطي الأحمر    البطولة الإفريقية للمحليين-2024 (المؤجلة الى 2025) /تحضيرات: المنتخب الوطني ينهزم أمام شبيبة الساورة (0-1)    زعلاني يرافع لقانون مكافحة الاتجار بالبشر    الجزائر لن تتراجع عن دعم فلسطين    افتتاح صالون دعم الاستثمار    زيتوني يشدد على ضرورة تعزيز آليات التوزيع    خطوة قويّة لتعزيز العلاقات الأخوية    استذكار مواقف أيقونة النضال والتحرر    رئيس لجنة تنسيق اللجان يشيد بالتنظيم المحكم    ناصري يبرز جهود الجزائر لتكريس نظام دولي عادل    الدرك يفتح الباب للشباب    الموانئ المغربية في خدمة آلة الإبادة الصهيونية    بللو يؤكّد الدور الاستراتيجي لمركزي البحث    رافد استراتيجي لصون التراث الثقافي الجزائري والإفريقي    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    البليدة : وضع حد لنشاط عصابة أشرار    آيت نوري يعود للتدريبات مع مانشستر سيتي    بن ناصر يغير وكيل أعماله    المرحلة الأولى نجحت ولا يجب التهاون وقدمنا اقتراحات لحفل الاختتام    أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث في غزّة    9 مراكز لتجميع الحبوب عبر البلديات    تحسين شروط الاستقبال والتواصل مع المواطن    مليون مسجّل في "عدل 3" اطّلعوا على نتائج دراسة ملفّاتهم    5 جرحى في انحراف وانقلاب سيارة    السيطرة على حريق شب بمتوسطة    "نصف دلاعة" لا يزال يغري المستهلك الجزائري    إحباط تمرير 5 قناطير من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغرب    القضية الفلسطينية أخذت حصة الأسد من النّقاش مع الرئيس    إيقاعات بلا حدود في قلب الجزائر    بين عبق التراث ورهانات المعاصرة    تساؤلات وفرضيات حول خفايا موقعين أثريين    موجة حر    راجع ملحوظ في معدل انتشار العدوى بالوسط الاستشفائي في الجزائر    فتاوى : الترغيب في الوفاء بالوعد، وأحكام إخلافه    من أسماء الله الحسنى.. الخالق، الخلاق    الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي الدولي "الصيف الموسيقي" من 7 إلى 14 أغسطس بالعاصمة    تيسير المعاني باختيار الألفاظ ليس إهانة لها بل وفاء لجوهرها    غزوة الأحزاب .. النصر الكبير    بوجدرة يفتح النار على مُمجّدي الاستعمار    جعل ولاية تمنراست قطبا طبيا بامتياز    تنصيب نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمّع "صيدال"    تمنراست: سيشرع في الأيام القادمة في الإجراءات المتعلقة بفتح مصالح المستشفى الجديد بسعة 240 سرير    السيدة نبيلة بن يغزر رئيسة مديرة عامة لمجمع "صيدال"    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''خزناجي'' التدخلات العسكرية؟
نشر في صوت الأحرار يوم 19 - 01 - 2013

لوران فابيوس كان واثقا : دول الخليج ستساهم في حرب مالي.. تصريح يعيد إلى أذهاننا ذلك الوصف الذي كنا نطلقه على ملوك وأمراء النفط بأولئك الذين يهوون إشعال ''الحراقات'' في كل مكان...
الإثنان، هولاند وفابيوس كانا في زيارة للإمارات العربية التي توجد بها قاعدة بحرية فرنسية وكان الهدف من الزيارة السعي لتسويق طائرة ''رفائيل'' إلى دولة الإمارات والأمر هنا يتعلق بعلاقات عامة، محاولة مزاحمة واشنطن في منطقة - هي سيدة فيها.
التدخل إذن في مالي، في منطقة الساحل الذي يعد أفقر فضاء إنساني في العالم والممول أو ''الخزناجي'' هناك في الخليج ولا أعتقد أن باريز استشارت تلك الدول الممولة أو أطلعتها على ساعة الصفر، إنما بادرت إلى الحرب مثل ما فعلت في ليبيا وهي متيقنة أن التكلفة مكفل بها وتحصيل حاصل.
يقول المثل، إذا لم تستح فافعل ما شئت ... وبالتوازي قبل ما شئت... تذكرت هذا المثل السائر وأنا أتتبع تصريحات الرئيس فرانسوا هولاند التي يصر فيها أن تدخل فرنسا عسكريا جاء لمطاردة منظمات ارهابية جهادية اسلاماوية والقول فيه بعض الصحة، لكن السؤال عن الفرق بين ارهابي الساحل الذين تتجند فرنسا وكل الغرب لمواجهتهم وعن ارهابي الشام الذين دعمتهم فرنسا والغرب ويعترفون بهم ويعتبرونهم مقاتلين من أجل الحرية والديمقراطية.
لست في حالة التباكي عن تنظيمات ومنظمات ارهابية تحالفت وتآلفت مع منظمات وتنظيمات الجريمة المنظمة والتهريب والمخدرات، لكن من حقي التساؤل عن هذا الاستيقاط المتأخر لفرنسا والغرب عن خطورة تنظيمات عشعشت في المنطقة لأكثر من عقد وأحيانا كانت تتغاضى عن وجودها ونشاطاتها الاجرامية، بل كانت تحاول التسلل إلى داخلها لتوجيهها وجهة أو وجهات معينة.
أود أن أقول، أن هناك علاقة تكاملية بين الإرهاب والتطلعات الفرنسية والغربية في المناطق التي تستهدف نمو ونشاط هذه الجماعات، وفي الأصل فإن الإرهاب الجهادي والأصولي والاسلاموي هو صناعة غربية بتمويل خليجي، وواشنطن لها تجربة في توجيه هذه الآفة وأيضا تدجينها واستخدامها لأهدافها المرحلية في كثير من المناطق ولعل تجربة افغانستان ستظل دوما ذلك المرجع الذي ينهل منه الكل وأعني هنا التنظيمات الارهابية كما الغرب عموما.
علينا أن نتذكر، أن عودة الوعي لفرنسا متأخرا بمخاطر الارهاب في الساحل لم يأت متأخرا فحسب، إنما أتى كذلك بعد محاولات جدية قامت بها الجزائر لتفضيل الخيار الديبلوماسي والحل السياسي، ذلك أن المسألة في الأصل ومنذ استقلال هذا البلد في ستينات القرن الماضي تتعلق ليس فقط بالتمييز الذي يمارسه الجنوب عرقيا تجاه الشمال بالنسبة للسلطة والمسؤولية والتوظيف.. إنما الغبن والتهميش اللذان جعلا مناطق الشمال ذات الأغلبية التارقية تعيش حالة من الفقر، الذي إن كان سمة لكل المجتمع المالي فهو في شمالها أعمق وأشد وطأة..
هذا الاقصاء السياسي والاقتصادي للمكون التارقي أدى إلى تراكم الغضب وتراكم انعدام الثقة، ولقد تعرض سكان الشمال إلى اضطهاد على مر العقود دفع بهم في الأخير إلى المطالبة بالانفصال، الخطوة غير المحسوبة والمتسرعة التي استغلتها فرنسا للتدخل العسكري، كما استغلتها التنظيمات الارهابية للتمركز أكثر في هذه المنطقة الفارغة أمنيا.
أكيد، أن التدخل العسكري الفرنسي جلب لها تأييدا غربيا ومساعدة متعددة الاشكال لكن ذلك لا يعني حسم المسألة في أسابيع أو شهور فرمال منطقة الساحل شاسعة تمتد من موريطانيا غربا إلى الصومال شرقا مرورا بدارفور ومالي وبوركينافاسو والنيجر وحتى شمال نيجيريا
والتنظيمات الارهابية التي تعرف الميدان جيدا لها ميزة الخفة والتحرك السريع، وحتى القوات البرية للقوات التابعة لمجموعة ''ايتواس'' الافريقية القادمة من البلدان الضعيفة المجاورة ستكون مواقعها الأصلية خاوية، كما أن تدريبها البدائي لا يمكن أن يؤثر كثيرا وربما هذا ما دفع فرنسا إلى الاعلان عن تعزيز قواتها البرية في مالي لتبلغ الفين وخمسمائة عسكري.
فضاء الساحل هذا كان لعقود ولقرون وربما لآلاف السنين منطقة تعايش وتبادل وانسجام وتعاون، بين مختلف مكوناتها وأعرافها ولغاتها وحتى دياناتها.. كانت مجتمعات وقبائل هذه المنطقة الشاسعة الفلاحية منها والرعوية والممارسة للتجارة، تتعايش وتتبادل المنافع وتتجاور بينها وأساسا بالمقايضة وقطعا كانت تحدث بينها مشاكل وخصومات وأحيانا مناوشات، لكنها تسوى من قبل أعيانها وشيوخ قبائلها، وما كان يحدث بينهم هو في أغلب الأحيان خلافات بين مجتمعات تمارس الرعي وتربية المواشي وبين مجتمعات تمارس الفلاحة والنشاط الزراعي.
هكذا كان، غير أن الأطماع الغربية في منطقة بقدر شحها وجفافها وفقرها على سطحها، هي ثرية وغنية في باطنها وتحتوي على ثروات هائلة من البترول والغاز والمعادن النفيسة كالذهب واليورانيوم وبعض المعادن النادرة هي الدافع أساسا وراء تدهور الأوضاع فيها منذ حوالي عقد لخلق تبرير للتدخلات الخارجية، وحين تستفيق فرنسا ووراءها الغرب كله اليوم على التهديد الارهابي..
وها نحن نرى إحدى نتائجها الأولوية في الهجوم الارهابي على منشأة عين أميناس البترولية، ومن المؤكد أن هذا يشكل امتحانا أمنيا كبيرا للجزائر التي تجد نفسها محصورة بين خطوط النار شرقا وجنوبا و غربا.. ولكن من أين قدم هؤلاء؟
بعيدا عن التكهنات، فإنه يمكن التأكيد أن المجموعة المهاجمة
تسللت من ليبيا وربما من الحدود الليبية - النيجيرية وإذا عرفنا الأوضاع المتردية أمنيا وغير المستقرة سياسيا، فإن الغرب وفرنسا في المقدمة هي المتسبب في هذا الفراغ الذي حدث في ليبيا، ليس بعد زوال نظام القذافي إنما بانهيار الدولة الكامل وتشتت الوحدات الأمنية وانحلالها، إن الأمر في هذه الحالة يتعلق بإحدى نتائج ''الربيع العربي'' في ليبيا كما في تونس وكما هو الأمر في سوريا واليمن.
لقد بارك الحلف الأطلسي تدخل فرنسا في مالي، كما يدعم الإرهابيين في سوريا وقبل ذلك تدخل في حملة ليبيا. الأمر هنا يذكرني بالعقيدة الجديدة للأطلسي الذي تبنى صراحة بعد سقوط حلف وارسو وجدار برلين بداية التسعينات أن التوجه مستقبلا والإنتشار سيكون جنوب المتوسط وكانت التطبيقات العملية في ليبيا منذ سنتين وفي سوريا منذ حوالي سنتين وفي الساحل اليوم وحسب وزير الدفاع الألماني طوماس دي ميزير، قال إن ألمانيا، قد ترسل جنودا ألمانيين للتدريب هناك ونلاحظ هنا مصطلح التدريب في ميدان حرب تختلف طبيعته عن ميدان أروبا...
في ظروف كهذه وقد أصبحت الجزائر وحيدة في جزيرة محاطة بالاضطرابات والحروب والعمليات الإرهابية أعتقد أنه آن الأوان لمراجعة أحد مبادئ السياسة الخارجية للجزائر ولو ظرفيا في سياق كهذا حول قضية استباق خطر محدق والأمر هنا يتعلق بتواجد مجموعات إرهابية خارج الحدود لكنها قد تتسلل في أية لحظة إلى التراب الوطني وأعتقد أن العمليات الإستباقية في هذه الحالة تفرض نفسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.