لا يزال فريقا بحث الحفريتين في زموري ورشقون، بالتعاون مع البروفسور سعيد معوش، يحاولون إيجاد أجوبة حول سبب اختفاء المدينة الأثرية بزموري، التي تم اكتشافها عام 2017، وكيف تنقل الإنسان إلى جزيرة رشقون في العصر القديم وعاش فيها. بالمناسبة، قدم البروفسور سعيد معوش فرضيات حول اختفاء موقع زموري، أو المدينة الأثرية لزموري بقوله، إنه يفترض بأن المنطقة تلك حدث فيها تسونامي، بعد الزلزال الذي ضرب الجزائر العاصمة عام 1365، فقد تم إيجاد أثار من مسكوكات وأواني من السيراميك تعود إلى الفترة الموحدية (القرن العاشر ميلادي)، التي ازدهرت فيها المدينة وأخرى تعود إلى حضارات أقدم، مثل الرومانية، وهو ما جعله يعتقد أن هذه الأخيرة أصلها من البحر. وأكد معوش استحالة نزوح سكان هذه المدينة عنها، إلا بحدوث كارثة عظمى، مضيفا أن بيوت هذه المدينة تحطمت عن آخرها، ربما بفعل زلزال، ومن ثم تسونامي الذي أخفاها، كما أن الرمال التي كانت غارقة فيها حينما تم اكتشافها، لم تكن موجودة في تلك الفترة، أي في العصر الوسيط، بل من المؤكد أن الرياح جلبتها بعد زمن طويل. أما جزيرة شقرون، وكيف أن الإنسان عاش فيها في العصر القديم، رغم صعوبة التنقل إليها وإمكانية الحياة فيها، قال البرفسور إنه يفترض أن الجزيرة لم تكن كذلك، بل كانت جزءا من اليابسة التي تحيط بها، إذ أن مستوى الماء في تلك الفترة كان منخفضا على مستواه الحالي ب40 مترا. ويدرس البروفسور الحركية التي تتسم بها الطبقات الأرضية واختلاف مستوى البحر، وقدم العديد من الأمثلة حول هذا الموضوع، مثل معاينته، بأم عينه، ارتفاع مستوى الماء بعد زلزال بومرداس عام 2003، مضيفا أن مستوى البحر غير مستقر منذ ملايين السنوات، مثل منطقة تعد يابسة في تيبازة، ولكن قبل 125 مليون سنة، كان هناك بحر، علما أن مستوى البحر يرتفع بميلمترين كل عام. أما الآثار التي يتركها تسونامي، فليس من السهل إيجادها، خاصة بعد حدوث عواصف كبيرة، تمحو كل الآثار، مشيرا إلى أن عشرة بالمئة من التسونامي وقعت في بحر المتوسط، وهي نسبة كبيرة مقارنة بصغر البحر، يؤكد سعيد معوش. كما تحدث البروفيسور، عن وجود صخور كبيرة جدا في الموقع الأثري بتيبازة، والتي تعتبر شاهدة على وقوع تسونامي، فكل صخور تزن مئة طن يلزمها موجة يبلغ ارتفاعها 41 موجة، لنقلها من البحر إلى البر. كما أن البحر انخفض مستواه ب 157 متر منذ عشرين ألف سنة. أما الباحثة عائشة حنفي، فتحدثت في ورقتها، عن الحفرية التي تشرف عليها رفقة طاقم عمل بمعلم زموري البحري المجهول عند العامة، والذي لحظه، لم يكتشفه المستعمر الفرنسي، فظل مختفيا إلى غاية عام 2017، حينما حماه رجل من المنطقة ضد أناس أرادوا الاستيلاء عليه، فاتصل بالمختصين لتبدأ عملية البحث على مستواها. وأشارت حنفي إلى غياب الآثار المعنية بالمنطقة منذ القرن الثالث عشر، أي أن هناك حدثٌ جعل الحياة تتوقف في هذه المدينة الأثرية بزموري، والتي تم اكتشافها عام 2017، غارقة في الرمال والماء، وتم إيجاد مراحيض داخل البيوت فيها، وهو ما يعد أول اكتشاف من هذا النوع في الجزائر، التي عرفت بوضع المراحيض خارج البيوت. وتابعت أنه، تم إيجاد آثار من مسكوكات وأوان مصنوعة من السيراميك، تعود إلى فترة الموحدين، وبعضها من الحضارات الأقدم منها، كما تم إيجاد آثار لأرضية بنايات أخرى عام 2022، جميعها مصنوعة بالأجر والقليل من الحجارة، علاوة على إيجاد سبل لإخراج الماء حتى غير الصحي منه، وهو ما يميز أيضا هذه المدينة الأثرية. أما الباحثة سلوى شيبان، التي تشارك في حفرية جزيرة رشقون وما جاوره، التي انطلقت عام 2017، فقد قدمت بدورها تفاصيل عن هذه الحفرية، مشيرة إلى صعوبة عيش الإنسان في جزيرة رشقون في العصر الحضاري الإيبرو مغربي، وبالتالي وجود عدة فرضيات حول هذا الموضوع.