دفع التهديد الصحي، الذي بات يشكله اقتناء نصف فاكهة البطيخ الأحمر، المعروف محليا ب«الدلاع"، بمصالح مديرية التجارة، إلى إصدار تعليمة تمنع بيعه مقسوما، غير أن بعض التجار، وتلبيةً لرغبة الزبائن، ما زالوا يُصرون على عرضه بهذه الطريقة في الأسواق الشعبية، مبررين موقفهم بارتفاع سعر الحبة الكاملة، ما يجعل اقتناءها صعبًا على الكثير من المواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود. الأمر الذي جعل تطبيق هذه التعليمة أمرا صعبا، في ظل تمسك العائلات الجزائرية بهذه الفاكهة الصيفية المنعشة، التي تُعد رفيقة أطباق الكسكسي التقليدي. وجد المواطن البليدي نفسه، بعد تفعيل التعليمة التي تمنع بيع البطيخ الأحمر مقسما في الأسواق، أمام معضلة الحصول على هذه الفاكهة التي لا غنى عنها صيفًا، فلجأ إلى حلول للتحايل على القرار. وحسب ما صرح به بعض التجار الذين التزموا بالتعليمة، فإن البيع بالقطع لا يتم إلا في حالة قدوم زبونَين يتفقان على اقتسام حبة واحدة. في المقابل، اختار تجار آخرون، خاصة أولئك الناشطين في الأسواق الشعبية، التحايل على التعليمة عبر بيع البطيخ المقسوم في الفترات الصباحية أو المسائية، التي تشهد إقبالاً واسعًا من الزبائن، حيث يتم تقطيع الحبات وبيعها مباشرة لتفادي تعرضها لأشعة الشمس، مبررين ذلك، بتمكين جميع الزبائن من اقتناء هذه الفاكهة، التي ما تزال أسعارها مرتفعة، ما يحول دون شرائها كاملة بصورة دورية من قبل العائلات محدودة الدخل. صحة المواطن أوْلى من قدرته الشرائية في هذا السياق، أكد ممثل مكتب منظمة حماية المستهلك بولاية البليدة، وحيد بن راجة، في تصريحه ل«المساء"، أن المنظمة رحبت بالتعليمة التي تمنع بيع البطيخ الأحمر مجزأ في الأسواق، نظرًا للتهديد الصحي الذي يشكله هذا السلوك، خاصة بعد تسجيل مخالفات خطيرة، تتعلق بغياب شروط الصحة والنظافة. وأوضح بن راجة، أن الكثير من التجار يلجأون إلى ممارسات تهدد الصحة العمومية، كاستعمال سكاكين غير معقمة لتقطيع البطيخ، وتغليف الحبات المجزأة بأغطية بلاستيكية وتركها عرضة لأشعة الشمس، فضلاً عن عرضها على الأرض أو في أماكن تفتقر لأدنى معايير النظافة. وأضاف أن تعذر اقتناء حبة كاملة، بسبب ارتفاع الأسعار، أمر مفهوم، لكن صحة المواطن تظل أهم، ولا يجب التفريط فيها مقابل ثمن فاكهة. تكثيف الرقابة والتوعية ضرورة ملحة شدد المتحدث على أن المنظمة تثمن قرار المنع، وتطالب مصالح الرقابة بتكثيف نشاطها التحسيسي والرقابي، خاصة في الأسواق الشعبية، لضمان الالتزام بتطبيق التعليمة، مشيرا إلى أن القرار، رغم دخوله حيز التنفيذ قبل أيام في ولاية البليدة، لم يُفعل كما يجب، بدليل استمرار بيع البطيخ الأحمر مجزأ، لاسيما في بعض نقاط البيع الموازية. في هذا السياق، دعا بن راجة إلى ضرورة تضافر جهود مصالح التجارة، الصحة، الأمن، ومكاتب حفظ الصحة والنظافة، لضمان التطبيق الفعلي للقرار، لافتًا إلى أن المواطن بدوره، معني بعملية الرقابة، من خلال التبليغ عن التجاوزات المرتبطة ببيع هذه الفاكهة مجزأة. وأكد المتحدث، أن بعض المواطنين متواطئون مع التجار، بغرض اقتناء حبات مقسومة، حيث يرون فيها خيارًا أفضل، لأنها "تُظهر نضجها"، خلافًا للحبة الكاملة التي لا يمكن معرفة درجة نضجها من الخارج. ولهذا، يضيف بن راجة، يتوجب تكثيف التوعية حول المخاطر الصحية المرتبطة باستهلاك البطيخ المجزأ، خاصة بعد تسجيل حالات تسمم غذائي في ولاية البليدة، ناتجة عن تناول هذه الفاكهة الصيفية.