كأس القضاة لكرة القدم: وزير العدل حافظ الأختام يشرف على مراسم المقابلة النهائية    ضرورة استقاء المعلومات من المصادر الرسمية    هذه خارطة طريق إنجاح الدخول المدرسي المقبل    تجربة نموذجية في المرافقة الصحية للعمال    استحداث 54 ألف منصب عمل خلال ستة أشهر    مصنع الدراجات النارية والكهربائية بقسنطينة يدخل الخدمة    دعوة صريحة للإبادة الجماعية    "ميدل إيست أي" ينشر فضائح المغرب التطبيعية مع الكيان الصهيوني    الإسراع في تأسيس مجلس الأعمال الجزائري- الفنزويلي    اهتمام إسباني بضم رامز زروقي    "الكاف" تحتفي بمجيد بوقرة قبل موعد "الشان"    محليو "الخضر" يحضرون بالجزائر ويواجهون الكونغو وديا    59 حالة وفاة غرقا بالشواطئ والمجمّعات المائية    الشرطة الإسبانية تضبط 15 طنا من الحشيش مصدرها المغرب    ضبط أزيد من قنطار من الكيف قادم من المغرب    تكريم المتفوقين وحث على البعد الأكاديمي العالي في التكوين    21 مليارا لترميم مسجدي "الكتانية" و"سيدي عفان" وزاوية "حفصة"    البهجة في المحروسة    نسيمة صيفي تفوز بمسابقة رمي القرص في الجائزة الكبرى لألعاب القوى أولوموك بجمهورية التشيك    عرض الفيلم التاريخي للشهيد" زيغود يوسف" لأول مرة بتيسمسيلت وسط حضور كبير للجمهور    الذكرى ال63 للاستقلال: الجزائر فاعل رئيسي في الساحة الطاقوية الدولية    رئيس الجمهورية يوقع مرسومين رئاسيين يتعلقان بإجراءات العفو عن المحبوسين والنزلاء المتحصلين على شهادات التعليم والتكوين    افتتاح الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر العاصمة للشباب بساحة "مقام الشهيد"    الذكرى ال63 لاسترجاع السيادة الوطنية: الجزائر تواصل مسار التحول الرقمي وترسيخ دعائم سيادتها    الصحراء الغربية: تزايد في الدعم الدولي والاعلام الصحراوي ينجح في كسر حصار الاحتلال المغربي    الزخم الذي حظيت به القضية الصحراوية بمجلس حقوق الإنسان يجب أن يساهم في الضغط على الاحتلال المغربي    حفل فني ساهر بالجزائر العاصمة إحياء للذكرى ال50 لرحيل أم كلثوم    رئيس الجمهورية: الجزائر اليوم تتعامل مع الرهانات بنفس جديد وتتطلع إلى رفع التحديات بكامل الثقة في قدراتها    الذكرى ال63 لاسترجاع السيادة الوطنية: السكك الحديدية في الجزائر, من أداة للنهب الاستعماري إلى رافعة إستراتيجية للتنمية الوطنية    جيجل: وفاة 4 أشخاص واصابة 35 آخرين بجروح في حادث انقلاب حافلة    رئيس الجمهورية يترأس الحفل السنوي لتقليد الرتب وإسداء الأوسمة    محكمة ورقلة: إصدار أمر بإيداع ضد شخص متورط بنقل أزيد من 54 كلغ من الكوكايين    الجيش يُوجّه ضربات موجعة لبقايا الإرهاب    توزيع آلاف السكنات ومقرّرات استفادة من قطع أرضية    قانون التعبئة العامّة في مجلس الأمة    هذه تفاصيل هدنة ترامب في غزّة    اختتام مشروع باورفورماد بوهران    نهائي كاس الجزائر/ اتحاد الجزائر- شباب بلوزداد: قمة واعدة بين اختصاصين    المجلس الأعلى للغة العربية ينظم احتفائية    سورة الاستجابة.. كنز من فوق سبع سماوات    جانت: انطلاق تظاهرة ''السبيبا'' الثقافية وسط حضور جماهيري غفير    نصاب الزكاة لهذا العام قدر بمليون و ستمائة و خمسة عشر ألف دينار جزائري    أمطار رعدية على عدة ولايات من الوطن    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 57012 شهيدا و134592 مصابا    المشاريع السكنية أصبحت تُنجز في غضون سنة واحدة فقط    أخبار اليوم تُهنّئ وتحتجب    المغرب من يعرقل الحل في الصحراء الغربية    توأمة بين البلديات : انطلاق قافلة ثقافية من تيميمون باتجاه مدينة أقبو    كرة اليد/كأس الجزائر (سيدات)..نادي بومرداس- نادي الأبيار: نهائي واعد بين عملاقي الكرة الصغيرة النسوية    دعوة إلى الاستلهام من الثورة الجزائرية للتحرر من قيود الاستعمار    الفاف" تقرر تقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب بنسبة 25 بالمائة    630 مليار دينار مصاريف صندوق التأمينات الاجتماعية    الكشف المبكر عن السكري عند الأطفال ضروريٌّ    الدعاء وصال المحبين.. ومناجاة العاشقين    فتاوى : حكم تلف البضاعة أثناء الشحن والتعويض عليها    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    صناعة صيدلانية: تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الوزاري الافريقي المرتقب نوفمبر المقبل بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين ملحمة واستعارة
نشر في صوت الأحرار يوم 06 - 07 - 2014

كل المدن الكبرى والبلدان المميزة صنعها التاريخ المميز الذي عاشته، لكن الاستعارة، هي من جعلها تستمر في الذاكرة الجمعية من خلال اللغة والآداب والفنون. ماذا تساوي أثينا القديمة من دون ملاحمها ومسرحييها؟ هل نتخيل يوما أثينا من دون هوميروس والإلياذة والأوديسة؟ وروما القديمة، من دون إلياذة الشاعر فيرجيل الذي حاول أن يتخطى سلطان استعارة هوميروس.
تشكل فلسطين في الوعي العربي رديفا مقاربا ومحايثا لهذه الاستعارة. فهي خارج الحدث التاريخي المرير، ملحمة الجرح العربي النازف باستمرار.
السؤال البسيط في هذا السياق، هل استطاعت الأجيال العربية المتعاقبة أن تجعل من فلسطين ملحمتها المركزية؟ هل أنجزت لغة حية وواسعة الرؤية لاستلهامها كليا وتحويلها إلى تعبير تراجيدي؟ للأسف ما يزال تعاملنا الثقافي معلقا على خطابات هرمت، ولم تعد مقنعة. الخطاب البطولي الذي يركن إلى خطابات الرفض، والرفض فقط. حتى أصبح الرفض نمط تفكير، مريح ولا يكلف صاحبه أي جهد يذكر.
ما يزال يُنظر لقضية حيوية وديناميكية، بقدر ما هي مأساوية، ضمن غلاف تقديسي لا يفرق بين الاستعارة التي هي منجز لغوي تعبيري حر، والحقيقة التاريخية يريد بعض مثقفينا ونقادنا، من الحقيقة التاريخية أن تطغى، على الاستعارة التي يجب أن تظل في النهاية ترديدا لجوهر مقدس اسمه التاريخ وكلما حاولت الاستعارة أن تخرج من عبودية التاريخ والتحرر، وتحويل مادته إلى سلسلة من القيم الفنية التي تستمر عبر التاريخ، يتسلط هذا المثقف الوثوقي الرافض، على النص الأدبي، والروائي تحديدا، فيطالبه بالوفاء لا للتاريخ، ولكن لصيغة معينة من هذا التاريخ، بل كثيرا ما يصل إلى موضة أصبحت مستشرية اليوم في المشرق العربي بالخصوص: التخوين والتطبيع؟ الكثير مما أقرأه في السنوات الأخيرة يقود إلى هذه الأطروحات التي لا تخدم القضية الفلسطينية أبدا بل وتعطل الاستعارة من التوغل عميقا في فلسطين الملحمة لهذا أرى أن ما يقوم به الروائي الفلسطيني الكبير إبراهيم نصر الله عظيم على أكثر من مستوى لأنه يحاول أن يجعل من هذه الاستعارة في كل غناها الشعبي، مادته المشروعة الاحتلال هو جزء من المشهدية اليومية في المجتمع الفلسطيني فهل على الكاتب العربي عموما أن يغيبه بحكم أنه عدو أم أن يدخل أعماقه ويحللها بقوة، في تعدديتها وليس كما يسطحها التاريخ الذي يجعل الشياطين من جهة والملائكة من جهة ثانية؟ الأمر لا يتعلق فقط بحالة إجرامية اسمها الاحتلال ولكن ببشر ونماذج سيتحركون داخل النص، بنوازع ونفسيات وقناعات ثقافية وأيديولوجية متضاربة.
ماذا كان سيحدث لو فعل هومير ما يفعله اليوم بعض مثقفينا، واتخذ موقفا مسبقا من شخصيات وتعاطف مع هكتور أو مع آشيل أو وقف مع الطرواديين ضد الآشيين؟ فالأدب بقدر ما هو قضية مبطنة ومبثوثة داخل النص، هو أكثر من ذلك، قيمة إنسانية لا تقنع بها الفلسطيني أو العربي المقتنعين بعدالة قضيتهم، ولكنها تتوجه لمساحة أوسع اسمها الإنسانية. هوميروس والكتاب العظام في ملاحمهم أنتجوا القيمة وناصروها لأن القيمة هي الأبقى وهي الأكثر خلودا الرفض الأعمى لا يوصل إلا إلى المزيد من تدمير الاستعارة وابتذالها لأنها ستصغر وستصبح هاجسا إيديولوجيا وليس فنيا.
لا يمكن للكاتب أن يكتب وفق التخوينيين أو المتخفين تحت التطبيع، ولهذا عليه أن يخوض حربين، حرب التاريخ وحرب الفن وربما حربا ثالثة، هي حرب الحرية. للأسف نقف اليوم أمام نوع من الناقد العربي المسلح بالمفاهيم الجاهزة، لا يريد أن يفهم النص في استقلاليته. يطالبه بأن يكون صدى لمشروعه الإيديولوجي. فيحاسب النص وكأنه خطاب بالمعنى السياسي وليس خطابا أدبيا، وتحاكَم الشخصيات على أساس أنها متواطئة، بينما الأدب ينشيء سياقاته داخليا فالشخصيات هي نماذج بشرية، لا يمكن تسطيحها بسهولة.
هي تعبير عن مواقف المناضل والخائن، الجبان والشجاع، المتطرف والعاقل، المومس والعفيفة، ولا يمكن أن ننظر لها كلها على سوية واحدة. تجريم الشخصية اليهودية بشكل إطلاقي هو ما يعطيها مبررات الوجود والاستمرار.
أي أن هذا الخطاب التخويني، من حيث لا يدري أو يدري، يوفر الحجج لاستمرار خطاب الصهيونية إذ لا يمكن وضع نيتنياهو في صف نعوم شومسكي مثلا نعرف جيدا أن الكثير من العائلات الفلسطينية مثلا في القدس، حمت في الأربعينيات بعض العائلات اليهودية خوفا من زحف نازي محتمل وعندما يناقش نص هذه القضايا لا يعني أنه يبررها. على النقد العربي أن يخرج من منطق المحاكمات وأن ينفتح على حاضر حي ومستقبل هو في طور التكوين كل ما يحدث اليوم في فلسطين، في رام الله أو في غزة، هو جزء حي من هذا التاريخ، من هذه الاستعارة التي ستجعل من فلسطين شيئا لا يموت ربما كان مقتل الحركة الصهيونية التي تريد نفي الاستعارة الفلسطينية، هنا.
¯ نقلًا عن صحيفة القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.