إيران : تعرض مروحية الرئيس إلى حادث    طواف الجزائر للدراجات    الدرك الوطني بتازولت توقيف شخصين قاموا بسرقة منزل    سطيف: وفاة شخصين وإصابة 4 آخرين في حادثي مرور    هلاك 3 أشخاص وإصابة 7 آخرون بجروح خطيرة    لتوفره على مرافق عصرية تضمن تكوينا نوعيا للطلبة،الرئيس تبون: القطب العلمي والتكنولوجي بالمدينة الجديدة يعد مكسبا هاما للجزائر    رئيس حركة البناء الوطني،عبد القادر بن قرينة،من تيميمون: ضرورة حماية أمننا الفكري من محاولات استهدافه من بعض الجهات    القطب الجامعي لسيدي عبد الله.. صرح تكنولوجي بمقاييس عالمية    الإحصاء العام للفلاحة.. التنمية على أسس صلبة    تجسيد التّكامل الصّناعي بين الدّول العربية    برنامج بحث واستغلال لتثمين إمكانات المحروقات    قسنطينة: مشاريع معتبرة منتهية وأخرى في طور الانجاز بالخروب    الفرقة الهرمونية للحرس الجمهوري.. إبداع في يوم الطالب    "فينيكس بيوتك"..أهمية بالغة للإقتصاد الوطني    مستعدون لتعزيز التعاون في مجابهة التحديات المشتركة    الجيش الصحراوي يستهدف جنود الاحتلال المغربي بقطاع السمارة    الطّلبة الجزائريّون..الرّجال أسود النّزال    تعزيز التكفّل بجاليتنا وضمان مشاركتها في تجسيد الجزائر الجديدة    تتويجنا باللّقب مستحق.. ونَعِد الأنصار بألقاب أخرى    جامعة الجزائر 1 "بن يوسف بن خدة" تنظّم احتفالية    نقاط مباراة اتحاد العاصمة أكثر من مهمّة    مستغانم.. انطلاق أشغال تهيئة 3 قاعات متعدّدة الخدمات    توصيات بإنشاء مراكز لترميم وجمع وحفظ المخطوطات    سكيكدة.. نحو توزيع أكثر من 6 ألاف وحدة سكنية    تحسين التكفل بالمرضى الجزائريين داخل وخارج الوطن    الإحتلال يواصل سياسة التضييق و الحصار في حق الفلسطينيين بقطاع غزة    العدوان على غزة: هناك رغبة صهيونية في إستدامة عمليات التهجير القسري بحق الفلسطينيين    سياسة التعليم العالي في الجزائر، محور ندوة بالجزائر العاصمة    اعتقال 18 فلسطينياً من الضفة بينهم أطفال    الطارف : مديرية السياحة تدعو المواطن للتوجه للوكالات السياحية المعتمدة فقط    نادي الأهلي السعودي : رياض محرز يقترب من رقم قياسي تاريخي    إبراهيم مازة موهبة جزائرية شابة على أعتاب الدوري الإنجليزي    عرفت بخصوصية الموروث الثقافي المحلي..أهم محطات شهر التراث الثقافي بعاصمة التيطري    اختتام الطبعة ال9 للمهرجان الوطني لإبداعات المرأة    الثلاثي "سان جيرمان" من فرنسا و"أوركسترا الغرفة سيمون بوليفار" الفنزويلية يبدعان في ثالث أيام المهرجان الثقافي الدولي ال13 للموسيقى السيمفونية    الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة عمل إلى الناحية العسكرية الأولى    نقل بحري : ضرورة إعادة تنظيم شاملة لمنظومة تسيير الموانئ بهدف تحسين مردودها    الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الإشتراكية من تيزي وزو: يجب الوقوف ضد كل من يريد ضرب استقرار الوطن    سيساهم في تنويع مصادر تمويل السكن والبناء: البنك الوطني للإسكان يدخل حيز الخدمة    بتاريخ 26 و27 مايو: الجزائر تحتضن أشغال المؤتمر 36 للاتحاد البرلماني العربي    رئيس الجمهورية يهنّئ فريق مولودية الجزائر    إضافة إلى فضاء لموزعات النقود: 9 عمليات لإنجاز وتأهيل مراكز بريدية بتبسة    ميلة: استلام 5 مشاريع لمكافحة حرائق الغابات قريبا    بلقاسم ساحلي يؤكد: يجب تحسيس المواطنين بضرورة المشاركة في الانتخابات    ميدالية ذهبية للجزائرية نسيمة صايفي    الاتحاد الإفريقي يتبنى مقترحات الجزائر    رتب جديدة في قطاع الشؤون الدينية    الجزائر عازمة على أن تصبح مموّنا رئيسيا للهيدروجين    هذا موعد أول رحلة للبقاع المقدسة    مباراة متكافئة ومركز الوصافة لايزال في المزاد    المطالبة بتحيين القوانين لتنظيم مهنة الكاتب العمومي    إعادة افتتاح قاعة ما قبل التاريخ بعد التهيئة    الحجاج مدعوون للإسرع بحجز تذاكرهم    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين ملحمة واستعارة
نشر في صوت الأحرار يوم 06 - 07 - 2014

كل المدن الكبرى والبلدان المميزة صنعها التاريخ المميز الذي عاشته، لكن الاستعارة، هي من جعلها تستمر في الذاكرة الجمعية من خلال اللغة والآداب والفنون. ماذا تساوي أثينا القديمة من دون ملاحمها ومسرحييها؟ هل نتخيل يوما أثينا من دون هوميروس والإلياذة والأوديسة؟ وروما القديمة، من دون إلياذة الشاعر فيرجيل الذي حاول أن يتخطى سلطان استعارة هوميروس.
تشكل فلسطين في الوعي العربي رديفا مقاربا ومحايثا لهذه الاستعارة. فهي خارج الحدث التاريخي المرير، ملحمة الجرح العربي النازف باستمرار.
السؤال البسيط في هذا السياق، هل استطاعت الأجيال العربية المتعاقبة أن تجعل من فلسطين ملحمتها المركزية؟ هل أنجزت لغة حية وواسعة الرؤية لاستلهامها كليا وتحويلها إلى تعبير تراجيدي؟ للأسف ما يزال تعاملنا الثقافي معلقا على خطابات هرمت، ولم تعد مقنعة. الخطاب البطولي الذي يركن إلى خطابات الرفض، والرفض فقط. حتى أصبح الرفض نمط تفكير، مريح ولا يكلف صاحبه أي جهد يذكر.
ما يزال يُنظر لقضية حيوية وديناميكية، بقدر ما هي مأساوية، ضمن غلاف تقديسي لا يفرق بين الاستعارة التي هي منجز لغوي تعبيري حر، والحقيقة التاريخية يريد بعض مثقفينا ونقادنا، من الحقيقة التاريخية أن تطغى، على الاستعارة التي يجب أن تظل في النهاية ترديدا لجوهر مقدس اسمه التاريخ وكلما حاولت الاستعارة أن تخرج من عبودية التاريخ والتحرر، وتحويل مادته إلى سلسلة من القيم الفنية التي تستمر عبر التاريخ، يتسلط هذا المثقف الوثوقي الرافض، على النص الأدبي، والروائي تحديدا، فيطالبه بالوفاء لا للتاريخ، ولكن لصيغة معينة من هذا التاريخ، بل كثيرا ما يصل إلى موضة أصبحت مستشرية اليوم في المشرق العربي بالخصوص: التخوين والتطبيع؟ الكثير مما أقرأه في السنوات الأخيرة يقود إلى هذه الأطروحات التي لا تخدم القضية الفلسطينية أبدا بل وتعطل الاستعارة من التوغل عميقا في فلسطين الملحمة لهذا أرى أن ما يقوم به الروائي الفلسطيني الكبير إبراهيم نصر الله عظيم على أكثر من مستوى لأنه يحاول أن يجعل من هذه الاستعارة في كل غناها الشعبي، مادته المشروعة الاحتلال هو جزء من المشهدية اليومية في المجتمع الفلسطيني فهل على الكاتب العربي عموما أن يغيبه بحكم أنه عدو أم أن يدخل أعماقه ويحللها بقوة، في تعدديتها وليس كما يسطحها التاريخ الذي يجعل الشياطين من جهة والملائكة من جهة ثانية؟ الأمر لا يتعلق فقط بحالة إجرامية اسمها الاحتلال ولكن ببشر ونماذج سيتحركون داخل النص، بنوازع ونفسيات وقناعات ثقافية وأيديولوجية متضاربة.
ماذا كان سيحدث لو فعل هومير ما يفعله اليوم بعض مثقفينا، واتخذ موقفا مسبقا من شخصيات وتعاطف مع هكتور أو مع آشيل أو وقف مع الطرواديين ضد الآشيين؟ فالأدب بقدر ما هو قضية مبطنة ومبثوثة داخل النص، هو أكثر من ذلك، قيمة إنسانية لا تقنع بها الفلسطيني أو العربي المقتنعين بعدالة قضيتهم، ولكنها تتوجه لمساحة أوسع اسمها الإنسانية. هوميروس والكتاب العظام في ملاحمهم أنتجوا القيمة وناصروها لأن القيمة هي الأبقى وهي الأكثر خلودا الرفض الأعمى لا يوصل إلا إلى المزيد من تدمير الاستعارة وابتذالها لأنها ستصغر وستصبح هاجسا إيديولوجيا وليس فنيا.
لا يمكن للكاتب أن يكتب وفق التخوينيين أو المتخفين تحت التطبيع، ولهذا عليه أن يخوض حربين، حرب التاريخ وحرب الفن وربما حربا ثالثة، هي حرب الحرية. للأسف نقف اليوم أمام نوع من الناقد العربي المسلح بالمفاهيم الجاهزة، لا يريد أن يفهم النص في استقلاليته. يطالبه بأن يكون صدى لمشروعه الإيديولوجي. فيحاسب النص وكأنه خطاب بالمعنى السياسي وليس خطابا أدبيا، وتحاكَم الشخصيات على أساس أنها متواطئة، بينما الأدب ينشيء سياقاته داخليا فالشخصيات هي نماذج بشرية، لا يمكن تسطيحها بسهولة.
هي تعبير عن مواقف المناضل والخائن، الجبان والشجاع، المتطرف والعاقل، المومس والعفيفة، ولا يمكن أن ننظر لها كلها على سوية واحدة. تجريم الشخصية اليهودية بشكل إطلاقي هو ما يعطيها مبررات الوجود والاستمرار.
أي أن هذا الخطاب التخويني، من حيث لا يدري أو يدري، يوفر الحجج لاستمرار خطاب الصهيونية إذ لا يمكن وضع نيتنياهو في صف نعوم شومسكي مثلا نعرف جيدا أن الكثير من العائلات الفلسطينية مثلا في القدس، حمت في الأربعينيات بعض العائلات اليهودية خوفا من زحف نازي محتمل وعندما يناقش نص هذه القضايا لا يعني أنه يبررها. على النقد العربي أن يخرج من منطق المحاكمات وأن ينفتح على حاضر حي ومستقبل هو في طور التكوين كل ما يحدث اليوم في فلسطين، في رام الله أو في غزة، هو جزء حي من هذا التاريخ، من هذه الاستعارة التي ستجعل من فلسطين شيئا لا يموت ربما كان مقتل الحركة الصهيونية التي تريد نفي الاستعارة الفلسطينية، هنا.
¯ نقلًا عن صحيفة القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.