نظّم، نهاية الأسبوع الفارط، الملتقى الوطني الثاني حول "القرآن والحضارة، حاضرة تنس أنموذجا" بالمركز الثقافي بالشلف، من طرف مديرية الشؤون الدينية بالشلف، تطرق الأساتذة المحاضرون لعلماء الشلف وبخاصة علماء تنس، وبيّنوا دورهم في نشر العلم والفقه والحديث، وتميّزهم وتفرده، ودعوا في توصياته إلى جمع تراث علماء المنطقة ووضع المخطوطات تحت تصرف الباحثين، وكذا تفعيل قيم الحوار والتواصل واحترام الآخر مع تسمية المؤسسات العلمية والثقافية بأعلام المنطقة. تطرّق المشاركون في الملتقى إلى عدّة نقاط تمحورت حول علماء تنس أيّدوا سيّدنا المغيلي في فتواه المتعلقة باليهود، كان بعض علماء المغرب الوسيط، يفسّرون بعض الصور، وقد أبدعوا في هذا النوع من التفسير، اقتبس العلاّمة الونشريسي من علماء تنس في عدة قضايا وفتواها اعتمد عليها، معترفا لهم بالعلم والاجتهاد والفتوى، بل سماهم يومها ب "علماء الشلف"، رغم أنه يومها لم تكن تسمى الشلف، وكان ينقل عنهم ويصفهم بالحافظ، وشيخنا، ما يدل على مكانة علماء الشلف. امتاز سهل الشلف بالصلحاء والعلماء، ومن محاسن هذه الأمة أنها تهتم بالنوازل والفقهاء. من عجائب الدنيا، أن الشهرة كتبت لابني الإمام ولم تكتب للإمام الأب، لكن يكفي الأب فخرا أنه ترك إمامين عظيمين. التقى ابني الإمام مع ابن تيمية الحنبلي، وتنظارا وتظاهرا عليه، فزادت في محنة ابن تيمية، ما يدل على المكانة العالية لابني الإمام، وتمكنهما الجيد من المنطق الذي لم يحسنه ابن تيمية، لذلك انهزم على يدي ابني الإمام. حثّ أحد المتدخلين على ضرورة حماية الدولة الجزائرية للمذهب المالكي، وأعطى مثالا على ذلك فقال: الحجاز كان يتبع المذهب المالكي إلى أن جاء سلاطين آل سعود وفرضوا المذهب الحنبلي بالقوة، واعتبر أحد المتدخلين أن مسجد تنس بني في القرن الثامن الهجري في عهد الأندلس، وهو ثالث مسجد بالجزائر، بعد مسجد ميلة، ومسجد سيدي بومدين، والولي الصالح سيدي معمر يحمل اسمه ورفاته اليوم مسجد سيدي معيزة، كما تحدث أستاذ عن العلامة أبو إسحاق التنسي المطماطي، فقال.. كان كلما زار فاس بالمغرب، يطلب منه العلماء تقديم دروس فيما يخص الفقه والحديث. وقال عنه السلطان المريني.. كل من يصافحني يرتعش، إلا أبو إسحاق التنسي المطماطي، كلما صافحته ارتعشت يداي، ما يدل على الهيبة والمكانة التي يتمتّع بها لدى العلماء والفقهاء والسلاطين. تحدث الأستاذ محمد أمين أو حلوفة، فقال: الدراسات الفرنسية تركز على تنس من حيث كونها امتداد للإمبراطورية الرومانية، سواء تعلق الأمر بدراستها لمسجد تنس، وتتعمد القول أن هندسته رومانية، أوالمشاريع المتعلقة بالبنايات القديمة، وتتعمد الدراسات الفرنسية ذلك، لتظهر أن الجزائر قبل الاحتلال الفرنسي، لم تكن ذات حضارة عربية مميزة، وأنها تبع للحضارة الرومانية، كما تريد أن تظهر ذلك. وعنصرية الدراسات الفرنسية ظهرت جليا في التأكيد على أن مسجد تنس بني على أرض بربرية، وتتعمد عدم ذكر أرض عربية، لتثير العنصرية والتفرقة من خلال الدراسات "العلمية"، وقال الأستاذ نصر الدين داوود من جامعة تلمسان، امتاز علماء الشلف ومنهم علماء تنس، بالموسوعية، والمشاركة الفعالة في القضاء والفتوى، والتدريس، وكانوا يمثلون المرجعية العلمية، خاصة العالم الفقيه أبو إسحاق التنسي المطماطي. تعجبت الأستاذة بلقاسم ليلى من تسمية أهل الشلف مسجد الشهيد بمسجد السعودية، واعتبرت ذلك إهانة لشهداء الجزائر، وتاريخ الجزائر، واقتربت منها، وأبديت لها إعجابي بما ذكرته من ملاحظة، كنت وما زلت أرددها على المسامع. وأعلمتها أني الوحيد فيما أظن وأعتقد، الذي يطلق لقب المسجد المجاور لمحطة القطار، ولذلك بدأت مقدمتي بذلك. وجاء في التوصيات، تثمين مثل هذه الملتقيات، جمع تراث علماء المنطقة، وضع المخطوطات تحت تصرف الباحثين. تفعيل قيم الحوار والتواصل وإحترام الآخر، تسمية المؤسسات العلمية والثقافية بأعلام المنطقة.