من المرتقب أن تشهد العاصمة، اليوم، ثالث مسيرة غير مرخصة، بعد تلك التي دعا إليها الأرسيدي يوم 22 جانفي، ولقيت فشلا ذريعا، ثم مسيرة 12 فيفري التي نظمتها التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية والتي منعت من طرف قوات الأمن، يحدث هذا في وقت أعلن فيه الرئيس بوتفليقة في مجلس الوزراء الأخير عن جملة من القرارات السياسية أهمها رفع حالة الطوارئ في القريب العاجل. تأتي المسيرة المرتقبة، اليوم، وسط أجواء سياسية تطبعها التصريحات والتصريحات المضادة، وتحت مراقبة دولية للشأن الجزائري، ففي الوقت الذي يصر فيه دعاة المسيرة على قانونية وشرعية مطالبهم الداعية إلى الإصلاح السياسي، ورفع القيود عن التظاهر في العاصمة التي تشكل استثناء بحسب قانون منع المسيرات، ورفع القيود الأمنية والتضييق على المواطنين الراغبين في المشاركة في المسيرة، تعتبر الأحزاب والجمعيات الرافضة للمسيرة أن الداعين للتغيير أقلية يريدون العودة بالجزائر إلى زمن الفوضى والخراب، إذ لم تتوان أحزاب التحالف الرئاسي في التعبير صراحة عن رفضها للمسيرة كأسلوب للاحتجاج، حيث استنكر الأمين العام للأفلان عبد العزيز بلخادم، اللجوء إلى المسيرة علما أن الغالبية الواسعة من الجزائريين ترفض العبث بأمن واستقرار الجزائر، معترفا في الوقت نفسه أن هناك نقائص تسعى الحكومة لتداركها، ومنبها إلى الالتفات إلى الإنجازات التي تحققت وهي كثيرة. كما دعا الأمين العام للأرندي أحمد أويحيى، التنسيقسة الوطنية للتغيير إلى احترام قوانين الجمهورية، في إشارة واضحة إلى قانون منع المسيرات في العاصمة، في حين قلل رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني من تحركات المعارضة، معتبرا إياها أقلية لم تستطع تعبئة الشارع حول أطروحاتها. من جهته قال وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي بصريح العبارة، »هؤلاء مجرد أقلية لا تشكل أي تهديد للسلم الاجتماعي والسياسي في البلد«، مؤكدا رفع حالة الطوارئ قبل نهاية الشهر الجاري، وتتقاطع الويزة حنون مع أحزاب التحالف والحكومة في موقفها من المسيرة والأطراف الداعية إلى التغيير وإن كانت أكثر جرأة في اتهامها لهم بالتواطؤ مع الخارج عندما تقول إنها »ترفض الديمقراطية المحمولة على ظهر الدبابات«، في تلميح إلى تدخل أطراف خارجية ومنها القوى الكبرى. بالمقابل ترفض التنسيقية الوطنية للتغيير والديمقراطية ما تسميه اتهامات الأحزاب الداعمة للنظام، وبالأخص الاتهامات المتعلقة بالولاء للخارج وتلقي التعليمات من جهات خارجية تكن العداء للجزائر، ويعتقد الناشطون في هذا الإطار أن مطالبهم مشروعة وسلمية تهدف إلى الدفع إلى إصلاح سياسي واقتصادي عميق. وبعيدا عن الجدل الدائر بين المعارضين والمؤيدين للنظام، تبقى التنسيقية الوطنية للتغيير غير قادرة على تعبئة الشارع العريض حول مطالبها التي تتسم بالغموض أحيانا والتضارب والانشقاقات أحيانا أخرى، تماما مثلما عجزت الأحزاب المؤيدة عن تفعيل الساحة السياسية وتقديم اقتراحات عملية لتنفيس الاحتقان الاجتماعي والسياسي، لتبقى بذلك الآمال معلقة على اجتماع مجلس الوزراء القادم وما سيقرره الرئيس بوتفليقة بخصوص الانفتاح السياسي والإعلامي ومراجعة السياسية الاجتماعية.