سقوط حافلة المسافرين بوادي الحراش: سيعود يدعو السائقين إلى التحلي بالمسؤولية    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: ناصري يعزي عائلات الضحايا    رئيس الجمهورية يعزي في وفاة ضحايا سقوط حافلة لنقل المسافرين في واد الحراش بالجزائر العاصمة    سقوط حافلة المسافرين بواد الحراش: الحماية المدنية تسخر إمكانيات بشرية و مادية معتبرة لإسعاف الضحايا    كأس العالم لكرة اليد أقل من 19 سنة: الجزائر تفوز على الاوروغواي (32-27) و تحتل المركز 27    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى61827 شهيدا و 155275 مصابا    القمة الإفريقية للمياه: جنوب افريقيا تجدد موقفها الثابت لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    البليدة: اخماد حريق نشب بمركز تجاري ببوفاريك    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 /المجموعة الثالثة/: الحكم الكاميروني عبدو ميفير يدير مباراة الجزائر-غينيا    كرة القدم/ملتقى حكام النخبة: اختتام فعاليات ملتقى ما قبل انطلاق الموسم الكروي لفائدة حكام النخبة    غوتيريش يدعو الكيان الصهيوني الى وقف خطة بناء المستوطنات في الضفة الغربية    وهران: توافد كبير للشباب والعائلات على الواجهة البحرية الجديدة    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    زيد الخير يعقد بالقاهرة جلسة علمية مع أمين الفتوى بدار الافتاء المصرية    صناعة السيارات: تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات إلى غاية 21 اغسطس    المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء: السيدان بلمهدي وزيد الخير يزوران مقر مشيخة الأزهر    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    الشلف أمن الولاية : تضع حدا لنشاط اشخاص يحترفون السرقة    القرار التاريخي بإدراج الصحافة الإلكترونية كآلية إشهار    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    متى تكون أفريقيا للأفارقة..؟!    بولتون، أمن و استقرار إفريقيا وأوروبا على المحك    المطالبة باعتقال مسؤولين عسكريين صهاينة    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    طبعة رابعة استثنائية للمعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025    بن شيخة مدربا جديدا للاتحاد    هذا موعد الدخول الجامعي    جهود متواصلة لمكافحة الإرهاب والإجرام    وطّار يعود هذا الأسبوع    هل الرئيس ترامب صانع سلام؟!    هكذا حوّل الصهاينة غزّة إلى مدينة للموت    الخُضر يستهدفون الفوز للاقتراب من التأهل    حملة تحسيسية مشتركة    زيد الخير يترأس بالقاهرة جلسة علمية    والي تيبازة يدعو إلى استكمال العمليات المسجلة    ممتنّون للجزائر والرئيس تبون دعم القضايا العادلة    تمكين الشباب ليكون محرّك التنمية في إفريقيا    معرض التجارة البينية الإفريقية, محطة استراتيجية لتحقيق التكامل العربي-الإفريقي    مسجد "صالح باي".. حارس ذاكرة عنابة    إقبال كبير على حديقة التسلية والترفيه    حصيلة إيجابية لتجارة المقايضة بإيليزي    تتويج 53 طفلًا حافظا لكتاب الله    بولبينة سعيد ببدايته القوية مع نادي الدحيل القطري    دورفال أمام مستقبل غامض قبل غلق الميركاتو    تحذير برتغالي لبنفيكا من التعاقد مع محمد عمورة    ثوانٍ تحسم قضايا.. "نقرة على منصة رقمية" تختصر المسافة بين المواطن والقضاء    استثمار في صحافة الطفل    رحلة طفل يحوّل فقدان البصر إلى قوة وإلهام    منصة لتنمية الخيال وترسيخ القيم    موجة زكام حادّة تضرب الأسر في عزّ الصيف    يجب وضع ضوابط شرعية لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي    تحسيس حول ترشيد استهلاك الطاقة    حملة توعوية حول الاستخدام السيئ للأنترنيت    القانون المنظم للنشاطات المنجمية يعزز سيادتنا الاقتصادية    قويدري يستقبل وفداً نقابياً    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    تطهير قائمة موزّعي الأدوية لضبط السوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن لادن في بيوت العنكبوت
نشر في صوت الأحرار يوم 08 - 05 - 2011

يمكن اعتبار الأسبوع الماضي أسبوع بن لادن بلا منازع، فقد كان اهتمام الصحافة الدولية منصبا بالأساس على خبر مقتل هذا الرجل الآتي من الحجاز والذي حولته وسائل الاتصال الغربية إلى رمز لكل المسلمين.
إذن فقد مات بن لادن، أو قتل، أو غيب. المهم ليس في مصير الرجل بل في من سيستعمل لاحقا، من طرف الغرب لإبراز عنف الإسلام وتطرف المسلمين. اعتقد أن هذا هو السؤال المهم.
بداية اهتمام الغرب بالإسلام وبإمكانية توظيفه لخدمة مصالحه كانت على يد الانجليز، مع مطلع القرن العشرين، عندما تولت مجموعة من المعربين الانجليز مسألة إثارة الفتن بين العرب والعثمانيين بهدف إسقاط الخلافة العثمانية وكذلك السعي لإنشاء مذهب جديد يدعو إلى السلفية مما يبعد المسلمين عن كل منابع التطور والعصرنة ويجعلهم يغرقون في نقاشات تافهة حول طول اللحية بالنسبة للرجل وعرض الجلباب بالنسبة للمرأة.
إلى جانب المدفع الذي استعمل، من طرف فرنسا، لاحتلال الكثير من المناطق العربية، لجأ الأنجليز، خاصة في الجزيرة العربية، إلى المستشرقين لتحقيق أهدافهم، وهو ما تم بالفعل، بحيث أصبحت الحجاز، بعد تغيير اسمها، مصدرا لكل الأفكار الداعية للخمول والاتكال وعدم المواجهة والطاعة العمياء للحاكم ولو انحرف عن الطريق الصحيح.
البريطانيون خلفهم الأمريكيون للاهتمام بالإسلام وبإمكانية توظيفه لخدمة مصالحهم. بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة اقتصادية وعسكرية على الكرة الأرضية وقائدة للعالم الحر في مواجهة الكتلة الشرقية الناشئة؛ وكان لابد لزعيمة الدول الليبرالية أن تبحث لها عن مناطق نفوذ في العالم. في هذه المرحلة، بدأ البترول يتدفق من منابع عديدة بالعالم العربي مما أضاف لهذه المنطقة أهمية أخرى إضافة لموقعها الجيوستراتيجي.
لأنهم في الغرب يبنون كل استراتيجياتهم وسياساتهم انطلاقا من دراسات المختصين، فقد اهتمت أمريكا بالاستشراف منذ منتصف القرن العشرين حيث شجعت الحكومة الأمريكية الجامعات على افتتاح أقسام الدراسات العربية الإسلامية، واستقدمت لذلك خبراء من الجامعات الأوروبية، فحضر من بريطانيا كل من جوستاف فون جرونباوم وهاملتون جب وبرنارد لويس وغيرهم.
المستشرق هاملتون جب، أسس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد بينما أنشأ جرونباوم مركزاً في جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجلوس.
من هذه المرحلة، بدأت الدراسات حول العالم الإسلامي عموما والعربي بالخصوص تعرف التخصصات الدقيقة والدراسات الميدانية ومنها برزت وجوه كان لها الباع الطويل في السياسة الأمريكية في المنطقة العربية. لقد لعب هؤلاء المستشرقين دور الأضواء الكاشفة بالنسبة للإدارة الأمريكية وسياستها في المنطقة.
اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالإسلام والمسلمين، أزداد بسقوط الملكية ووصول الضباط الأحرار إلى الحكم في مصر وقيام الثورة الجزائرية منذ نوفمبر 1954.
أمريكا، ومعها كل الدول الغربية، شجعت، انطلاقا من نتائج دراسات مخابر الاستشراق، بروز وانتشار مظاهر الإسلام السلفي وذلك حتى بداية الثمانينيات إذ انطلاقا من هذه الفترة ظهر، في المنطقة، معطى آخرا فضح إفلاس هذا النوع من الإسلام وكشف ارتباط الداعين إليه بالمصالح الأمريكية والصهيونية وبين أخطاره على مستقبل الأمة الإسلامية جمعاء. المعطى الجديد، تمثل في قيام الثورة بإيران والتي أخذت تلاوين ثورة المسلمين المحرومين. هذه الثورة، التي باركتها الكثير من الأقلام الغربية وخاصة الفرنسية التي رأت فيها حركة شبيهة بحركة ماي 1968 بفرنسا وأنها ستنهي الوجود الأمريكي بإيران لصالح الوجود الفرنسي باعتبار أن آية الله الخميني كان لاجئا بفرنسا وأن المقربين منه كلهم من الفركوفونيين، هذه الثورة سرعان ما ظهرت لهم بوجه آخر لا يخدم أبدا مصالح الغرب مما جعل كل الذين ساندوها بكتاباتهم ينقلبون عليها.
بنجاح الثورة الإيرانية، اتضح أن السلفية لم تعد كافية لتنويم المسلمين ولا لتجنيدهم ضد ما كان يسمى بالعدو الشيوعي الملحد، فلجأ الغرب إلى العمل على إبراز شكل آخر من "أشكال" المسلمين. في هذه المرحلة، بدأت تظهر في الغرب كتابات تتكلم عن الوجود الإسلامي بالدول الغربية وأخطار هذا الوجود على مستقبل الديمقراطية والعصرنة والتعليم والثقافة وغير ذلك. بالولايات المتحدة الأمريكية، ظهرت موجة جديدة من المستشرقين الذين ركزوا دراساتهم وتدخلاتهم على المسلمين بدل الإسلام وعلى الممارسات المشينة والبعيدة عن لب الإسلام وتقديمها على إنها هي الإسلام. في فرنسا، ظهرت سلسلة من الكتب لعل أهمها هي كتب جيل كيبل التي بدأها بكتابه المعنون بضواحي الإسلام، والذي جاء فيه بأنه يوجد في فرنسا ألف مسجد، وهو ما أثار مخاوف كبيرة لدى الفرنسيين من هذا الدين الذي »يتوسع بشكل كبير«.
في الجهة المقابلة، في العالم العربي، لا أحد كان يهتم بما يجري أو يتابع ما كان ينشر حول الإسلام والمسلمين. لا أحد من الحكام العرب كان يملك القدرة على استيعاب أبعاد المؤامرة التي كانت تحاك ضد المنطقة. التوجه الجديد لدى مخابر الدراسات في الغرب، فرخ شكلا جديدا من الإسلام يعتمد بالأساس على التطرف والاهتمام بالقشور بدل اللب. في دراسة أكاديمية أنجزتها حول صورة الإسلام والمسلمين في أهم أكبر أربع أسبوعيات فرنسية صدرت في الفترة ما بين 1978 و1992، جمعت فيها وحللت كل ما نشرته هذه الجرائد حول الإسلام والمسلمين، وجدت أنها طوال هذه المدة لم تتحدث سوى عن ممارسات منبوذة قدمت على أنها من لب الإسلام كما وجدت أنها شجعت على التطرف والترويج لكل خطاب يدعو إلى ذلك في المنطقة العربية.
في هذا الجو بالذات، ظهر بن لادن الذي استعمل في حرب الغرب ضد الجيش السوفييتي في أفغانستان، ثم واصل، نفس الغرب، استعماله لإبراز خطر الإسلام على الغرب والحضارة الإنسانية.
بن لادن الذي استغل لتنفيذ عملية منهاتن واحتلال أفغانستان ومواصلة تدمير العراق ومحاولة التدخل العسكري في الساحل والصحراء الإفريقية وغيرها من القضايا العديدة التي تصب كلها في صالح الولايات المتحدة الأمريكية، بن لادن هذا ما كان ليكون لولا تخلف النظام السياسي العربي وقمعه لكل الحريات وفساده وخنوعه.
المهم، لقد انتهى زمن بن لادن. أمريكا، قررت إنهاء الهمة لتبدأ مهمة أخرى يبدو أن الانتفاضات الواقعة في المنطقة العربية هي من كانت وراء التعجيل بإحداث التغيير في الإستراتيجية الأمريكية أو، كما يرى البعض، أن هذه الانتفاضات هي في حد ذاتها جزء من المهمة الجديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.