عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى    اختتام فعاليات مخيم الشباب لذوي الاحتياجات الخاصة    هزة أرضية بشدة 2ر3 بولاية المدية    مجمع سونارم يستقبل وفداً تشادياً    خفض التصنيف الائتماني لفرنسا    مطار الجزائر يستعين بالذكاء الاصطناعي    حكومة جديدة وتحدّيات كبيرة    اتخذنا إجراءات لضمان استقبال الطلبة في أحسن الظروف    عطّاف يمثّل تبّون في قمّة الدوحة    بوغالي يرحّب    شبيبة الساورة تلتحق بأصحاب الصدارة    رونالدو الأوّل ورام يتفوق على ميسي    تأهل 81 مشروعا جمعويا عبر منصة شراكة    تفكيك شبكة إجرامية وحجز 5623 كبسولة    إبراز دور الإمام في تعزيز اللحمة الوطنية    تكريم جزائري لسلوم حدّاد    13 سبتمبر 1956 محطة هامة بمعركة التحرير إلى رهان التنمية    توقيف ثلاثيني بعد ظهوره في فيديو    جيجل : انتشال جثة متعفنة بتاسوست    قسنطينة : مصابون في حوادث مرورية    يترأس اجتماعا تحضيريا مع رؤساء المجموعات البرلمانية    بطولة إفريقيا للأمم لأقل من 17 سنة إناث بوهران: المنتخب الجزائري يستهل المنافسة بالفوز على بوركينا فاسو 26-21    ممتنّون للجزائر مساندتها إيران خلال الاعتداء الصهيوني    الجزائر ملتزمة بترقية الديمقراطية وحقوق المرأة    مجلس الأمة يفتتح اليوم دورته البرلمانية العادية    مؤهّلات الجزائر قيمة مضافة فاعلة    الصيدلة الاقتصادية أداة استراتيجية لمرافقة السياسات الصحية    تعليمات للتكفّل الأمثل بانشغالات الصيادلة الخواص    إصابة عمورة تُهدد جاهزيته لمباراتي الصومال وأوغندا    نجاح أول عملية إصلاح للصمام التاجي التالف    69 مليارا مستحقات "سونلغاز"    ضيوف إمدغاسن يكتشفون جمال جبال الشلعلع    لبحث العدوان الإسرائيلي على دولة قطر..عطاف يمثل الرئيس تبون في القمة العربية الإسلامية الطارئة    المؤسسات التربوية الجديدة تحت المجهر    إعداد ملف لإدراج المالوف ضمن قائمة التراث العالمي    ملتقى وطني عن آثاره وإنجازاته الرائدة في نوفمبر القادم    أدب السجون.. وثيقة تاريخية وأخلاقية بأبعاد كونية    المالوف من المدرسة إلى العالمية : الطبعة ال13 للمهرجان الثقافي الدولي للمالوف من 20 إلى 24 سبتمبر    نظمته "الجاحظية"..لقاء تأبيني لاستذكار خصال الكاتب والمثقف الموسوعي محمد صالح ناصر    فان بيرسي يدافع عن أنيس حاج موسى ويتهم التحكيم    يوسف بلايلي يثير أزمة جديدة في تونس    العدوان الصهيوني : ما يحدث في غزة "إبادة جماعية ممنهجة"    الجمباز /كأس العالم 2025 : تتويج كيليا نمور بذهبية جهاز العارضتين غير المتوازيتين بباريس    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    مناجم: مجمع سونارم يستقبل وفدا تشاديا لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    سوق أهراس تستقبل الموروث الثقافي لولاية إيليزي    البطولة الإفريقية للأمم لكرة اليد لأقل من 19 سنة إناث: المستوى الفني كان "جد مقبول"    "الشراكة مع إيطاليا الأكثر تأثيرا" "من حيث الكيف والكم"    توقيع عقود شراكة خلال أيام المعرض فاقت 48 مليار دولار    متابعة لمعارض المستلزمات المدرسية وتموين السوق    إشادة ب"ظلّ البدو" في مهرجان تورونتو    الديوان الوطني للحج والعمرة يحذر من صفحات مضللة على مواقع التواصل    الديوان الوطني للحج و العمرة : تحذير من صفحات إلكترونية تروج لأخبار مضللة و خدمات وهمية    نحو توفير عوامل التغيير الاجتماعي والحضاري    حج 2026: برايك يشرف على افتتاح أشغال لجنة مراجعة دفاتر الشروط لموسم الحج المقبل    سجود الشُكْر في السيرة النبوية الشريفة    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العبرة بهزيمتي 1967 و1982
رأي حر
نشر في الفجر يوم 12 - 09 - 2012

يتخيل للمراقب أن كل عينة من الفسيسفساء اللبنانية اصطنعت لنفسها أجوبة عن الكثير من الأسئلة التي تشغل الناس في بلاد العرب، وفي مقدمتها "الثورات العربية"، والأحداث في سورية على وجه الخصوص. ولهذه الإجابات ميزة يتوجب أخذها بالحسبان، فهي في الغالب لا تبنى على بحث ميداني أو دليل أو برهان، وتُدرج في باب النبوءات. يستتبع ذلك أنك إذا "آمنت" بها فزت "بالنجاة"، وإن طلبت بيانها بالحجة والقرائن، ولججت، عدّك أصحابها من "الكافرين". والحكم على "من ارتد" معروف، وعلى الكافرين أيضا. ينجم عنه أن جميع أتباع طائفة أومذهب في لبنان، الأتباع الحقيقيون أوالمفترضون "هم كافرون" في نظر أتباع الطوائف والمذاهب الأخرى. وبالإضافة إليه هناك عملية دائمة في داخل هذه "الكيانات" أستقصاء عن "المعارضين" لتكفيرهم ومعاقبتهم. هذا لا ينطبق برأيي في المجال الديني فقط وإنما في جميع مجالات العيش المشترك أيضا، بدءا من الخلية العائلية ووصولا إلى الجمع الوطني.
لعل عودة هذه النزعة العصبية بعنفها هي التي جعلت قطع الفسيفساء اللبنانية، تتحول. فتبدلت أشكالها وأحجامها وصار التئامها صعبا، بل يكاد أن يكون مستحيلا.
أكتفي بهذه التوطئة، فأنا لست بصدد البحث في موضوع لبنان، وإنما اردت التمهيد لتقديم بعض مما يمكن معاينته والخلاصات المحتملة استنادا إليه.
من المعروف أن "حزب الله" نشأ أثناء احتلال المستعمرين الإسرائيليين لجنوب لبنان سنة 1982. معظم المنضوين إلى صفوفه هم من سكان تلك المنطقة، ذات الأغلبية الشيعية. تصدى هذا الحزب لمقاومة الإسرائليليين، وتفرّد بهذه المقاومة حتى تاريخ رحيلهم سنة 2000. لذا فإن وجوده، في نظرهم، مصدر إزعاج لهم، بما هو حركة لا تدافع عن لبنان فقط، ولكنها تمنع التسوية والتطبيع أيضا ،على حساب اللاجئيين الفلسطينيين في لبنان وفي أماكن أخرى.
من هذا المنطلق أوعز الإسرائيليون إلى أصدقائهم في الغرب باعتبار "حزب الله منظمة إرهابية". ومثلما فعلوا لتصفية الفصائل الفلسطينية في بيروت، يحاولون بجميع الوسائل النيل منه. لايزال اللبنانيون يتذكرون حرب تموز 2006، التي شنها الإسرائيليون ضد لبنان بقصد نزع سلاح هذا الحزب، ولكنهم فشلوا.
من البديهي أن يستشعر حزب الله في زمان الإختواء، المعتقد الديني وإملاءاته التي تحث على ضرورة العمل من أجل أستعادة الأماكن المقدسة في فلسطين ليتبرّك بها المؤمنون بقدسيتها. وهو لا يتميز بهذا الموقف من الحركات التي تستلهم شعاراتها من الدين، ليس في بلاد العرب فقط وإنما في غيرها من البلدان أيضا. من نافلة القول أنه لم يسبق إلى استخدام الدين في تحريض الناس ودعوتهم إلى سلوك نهج معين أو قتال عدو. كما أنه لم يكن آخر من لجأ إلى ذلك. فلقد سبقه في هذا المجال كثيرون وجاء من بعده كثيرون أيضا.
لا أعتقد أن هذه المسألة تحتاج إلى بسط وتوسع ، لمحلها من الوضو . فما أود قوله هنا هو أن "حزب الله الشيعي المقاوم" يمثل محورا أساسيا في الصراع على الساحة اللبنانية. ولما كانت هذه الساحة، في أغلب الأحيان، المكان الذي يتم فيه قطع الحسابات العربية العربية والعربية الغربية ، فإن التوقف أمام ظاهرة حزب الله في لبنان، مفيد في نظري، لتسليط الضوء على وجه من وجوه ما يصر البعض على تسميته "ثورات عربية".
هناك في لبنان من يقول إنه لايجوز أن يكون "حزب الله شيعي ومقاوم" في آن. فإما إن يكون "شيعيا" وإما أن يكون "مقاوما". القاعدة في لبنان هي أن هدف "الحزب السياسي" هو خدمة زعامة طائفية أومذهبية أوإقطاعية. من هذا المنظور فإن حزب الله يخدم حتما زعامة شيعية. وهنا تبرز أمام أصحاب هذه الرؤية، إشكالية السلاح الموجود لديه، رغم أن هذا السلاح استخدم ضد الإحتلال ثم ضد العدوان الإسرائيليين.
يقولون أن الإحتلال زال، وأن العدوان في تموز 2006، كان بسبب وجود هذا السلاح تحديدا، بالإضافة إلى تعرّض مقاتلي الحزب لدورية إسرائيلية بقرب الحدود اللبنانية، وبناء عليه فإن التمسك به يمثل خطرا على البلاد وإنتقاصا من سلطة وسيادة الدولة اللبنانية، فضلا عن أنه يستثير الأحزاب المذهبية والإقطاعية الأخرى .
يحسن التذكير أن الحقبة ما بين هزيمة نظم الحكم الوطنية العربية في حزيران 1967 من ناحية وهزيمة الفصائل الفلسطينية في لبنان في حزيران 1982 من ناحية ثانية، غنية بالمعطيات التي تدحض حجج ومزاعم الأحزاب المذهبية والطائفية والإقطاعية، لتبرير مطالبتها بنزع سلاح حزب الله بأي وسيلة من الوسائل. المعلوم أنها، جميعا، شاركت بميليشياتها في الحرب الأهلية التي أندلعت في نيسان 1975. فأسقطت الدولة وإقتلعت عرى التواصل بين مكونات الجمع الوطني، ومن بينها أحزاب مدت يدها ألى المستعمرين الإسرائيليين لتعاونهم ضد المنظمات الفلسطينية وتستقوي بهم.
لا يخفى أن التناقض الأساسي منذ 1980، هو بين إيران من جهة، وبين المستعمرين الإسرائيليين من جهة ثانية، وهو كمثل التناقض الذي وسم فترة الناصرية وصعود حركة التحرر العربية. مرده بالطبع إلى رفض المستعمرين الإسرائيليين، وحلفائهم في أوروبا وأمريكا المبدئي، لنشوء قوة ذاتية في الشرق الأوسط، تبطن احتمالية القدرة على الحد من تمدد نفوذهم أو دفعهم وتقليص هيمنتهم.
من البديهي في هذا السياق أن تلتقي الأطراف التي لا تجيز لنفسها "التطبيع" مع الإستعمار الإستيطاني، ولا تريد التنازل عن أرضها المحتلة، ولا تقبل بحل للقضية الفلسطينية لا يضمن المساواة بين جميع سكانها، بصرف النظر عن عقائدهم وأعراقهم، ولا يفتح أبواب الأماكن المقدسة أمام الذين يرغبون بالحج إليها.
وفي السياق نفسه لا يصدق عاقل أن غاية الولايات المتحدة الأمريكية ومشايخ الخليج والحكومة التركية من حربهم ضد سوريا، هو إحلال الديمقراطية والقضاء على الفساد. فهذا التحالف العدواني يريد بالقطع إجبار السوريين على التطبيع والتنازل عن الأرض المحتلة والتخلي عن حقوق الفلسطينيين في بلادهم. أما أستحضار المذاهب فهو لتوظيفها لبلوغ هذا الهدف.
خليل قانصو
لبنان 06 .09 .2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.