بلمهدي يستقبل شيخ الزاوية البلقايدية الهبرية    كرة القدم/رابطة ابطال افريقيا/الدور الأول التمهيدي /ذهاب/: مولودية الجزائر تعود بتعادل ثمين من مونروفيا أمام نادي فوس الليبيري (0-0)    بوغالي يهنئ جمال سجاتي المتوج بميدالية فضية في سباق 800 متر بطوكيو    الدخول المدرسي: مخطط أمني وقائي و حملة تحسيسية وطنية للوقاية من حوادث المرور    تعليمات بتشكيل لجنة مركزية لمتابعة إنجاز الخطين المنجميين الشرقي والغربي    بن دودة تعاين أشغال تأهيل المكتبة الوطنية ورقمنة رصيدها الوثائقي..اطلعت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة في زيارتها التفقدية للمكتبة الوطنية بالجزائر العاصمة،    مركز الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب: تنظيم الطبعة الثانية لتظاهرة "الفن من أجل السلام" بالجزائر العاصمة    العاب القوى مونديال- 2025 /نهائي سباق 800 م/ : "سعيد بإهدائي الجزائر الميدالية الفضية"    الدخول الاجتماعي:التكفل بانشغالات المواطن محور اجتماع سعيود بالولاة    الجزائر العاصمة..تكثيف جهود الصيانة والتطهير تحسبا لموسم الأمطار    رغم الإبادة الإسرائيلية..900 ألف فلسطيني ما زالوا في مدينة غزة    دخول مدرسي: إطلاق الأسبوع الوطني للصحة المدرسية إبتداء من يوم غد الأحد    أودعتها لدى محكمة العدل الدولية.. الجزائر تندد بالطابع "المخزي" لعريضة مالي    افتتاح اشغال جلسات التراث الثقافي في الوطن العربي، بن دودة:دور ريادي للجزائر في حماية التراث وتعزيزه عربيا ودوليا    مشاركة 76 فيلما من 20 بلدا متوسطيا..إدراج مسابقات جديدة بالطبعة الخامسة لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    انضمام الجزائر إلى الأيبا: مكسب جديد للدبلوماسية البرلمانية    معسكر: معركة حرق مزارع المعمرين...استراتيجية محكمة لتحطيم البنية التحتية الاقتصادية للاستعمار الفرنسي    غزة تنزف دما والعالم ما زال صامتا    توحيد برامج التكفّل بالمصابين بالتوحّد    وزارة التضامن تطلق برنامج الأسرة المنتجة    الكلاب الضّالة.. خطرٌ يُهدّد سلامة المواطنين    هذه أولى توجيهات بوعمامة..    عطاف يوقع بنيويورك على الاتفاق المتعلق باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار    انتخاب الجزائر عضوا بمجلس الاستثمار البريدي    رسمياً.. نجل زيدان مؤهّل لتمثيل الجزائر    الجزائر تنظم حدثا حول التجارب النووية الفرنسية بالجنوب    شؤون دينية: بلمهدي يزور لجنة مراجعة وتدقيق نسخ المصحف الشريف    غوتيريش يؤكد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء "المذبحة" في غزة    بتكليف من رئيس الجمهورية, عطاف يحل بنيويورك للمشاركة في أشغال الشق رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة    المعرض العالمي بأوساكا : تواصل فعاليات الأبواب المفتوحة حول الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقات المتجددة والهيدروجين    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار البرتغال الاعتراف بدولة فلسطين    منصّة رقمية لوزارة الشباب    "لن نستسلم.. والجزائر لن تتخلى أبدا عن الفلسطينيين"    التجند لإنجاح المهرجان الدولي للسياحة الصحراوية بتيممون    تسريع وتيرة إنجاز مشاريع الموارد المائية    برنامج خاص بالصحة المدرسية    القبض على سارقي محتويات مسكن    وزارة العدل تنظم ورشة تكوينية حول العملات المشفرة    الجزائر حاضرة بستة مصارعين في موعد ليما    مدارس تطلب شهادة الميلاد رغم إلغائها    شكوى ضد النظام المغربي لتواطئه في إبادة الشعب الفلسطيني    التحضير لاجتماع اللجنة الاقتصادية الجزئرية - المجرية    لقاء مع صنّاع المحتوى والمهتمين بالفضاء الرقمي    سجّاتي ومولى يبلغان نصف نهائي ال800 متر    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    مهرجان عنابة يكرّم لخضر حمينة ويخاطب المستقبل    سجاتي ومولى على بعد خطوة من كتابة التاريخ    "الألسكو" في الجزائر لبحث سُبل حماية تراث العرب    التناقض يضرب مشوار حسام عوار مع اتحاد جدة    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكمة عطائية
نشر في الفجر يوم 09 - 12 - 2013


الاستعداد والواردات
يقول ابن عطاء الله السكندري:”قلما تكون الواردات الإلهية إلا بغتة،لئلا يدّعيها العبّاد بوجود الاستعداد”
علمت مما سبق ذكره أن مرادهم بالوارد التذكرة الإلهية الوافدة إلى قلب العبد مباشرة، أي دون وساطة تأمل وتفكير.
والإنسان أياً كان،بمقتضى الفطرة الإيمانية التي يتمتع بها،معرّض لهذه الواردات الإلهية، ولكن ما السبيل لنيلها؟ أهو جهد معين من الطاعات والقربات ينبغي أن ينهض به الإنسان، أم استعداد خاص يتمتع به صنف من الناس دون غيره؟
والجواب: أن السبيل إلى هذه الواردات يتمثل في فضل من الله لا في جهد أو سلوك من العباد.
وهذا هو السبب في أنها تأتي في الغالب بغتةَ،ولا تسري إلى القلب تدريجاً ولو سلكت سبيلها إليه تدريجاً لكان في ذلك ما يوهم، بأنها آثار تتجمع في الفؤاد من تزايد الطاعات وكثرة الأذكار التي يأخذ السالك بها نفسه.. في حين أن ما يسري في فؤاد الإنسان من الإشراق الذي يتزايد فيه على أعقاب ابتعاده عن المحرمات وانصرافه إلى الأذكار والقربات ومراقبة الله شيء،والواردات التي يتحدث عنها ابن عطاء الله هنا شيء آخر.
إشراقة القلب ثمرة للإستقامة على الطاعات والقربات وذكر الله عز وجل.
أما الواردات فمنحة من الله يرسلها إلى قلب من يشاء من عباده،فيصحو بعد غفلة،ويرِّقُ بعد قسوة، ويقبل إلى الله بعد إدبار.
ولكي يتبين صاحب هذا القلب،أنها عطية من الله جاءته دون تسبب منه،ودون جهد أو توقع،يكرمه بها فجأة ودون ارتباط بمقدمات من الطاعات والقربات.
وينطبق هذا على حال كثير من العصاة و الفساق يؤوبون إلى الله فجأة وعلى غير توقع، ودون تخطيط أو تدبير أو تفكير سابق.. وإنها لقصة التائبين المتكررة والمتزايدة كل يوم.
وفي أودية التيه، حيث تعجّ بالشاردين والفاسقين والمفسرفين على أنفسهم.. ما من أيام تمرّ إلا ويفاجأ المجتمع بأعداد من أسوأ هؤلاء الشاردين، وقد خلقوا خلقاً جديداً وغاضت عن حياتهم
أفكار ومشاعر كانت إليها زمام تسيارهم وقيادتهم،لتحلّ محلّها أفكار نورانية جديدة لا عهد لهم بها، تقودهم دون توقف إلى مرضاة الله.
وفي تاريخنا الغابر نماذج كثيرة،لمن جذبتهم الواردات الربانية فجأة،من أقصى أودية الفسوق والعصيان إلى صعيد الهداية والعرفان، ولا ريب أنَّ العد لا يحصيهم.. لعلك تذكر منهم الفضيل بن عياض الذي تنزل عليه الوارد الرباني وقد تسور جدار دارٍ في جنح ليل مظلم، على موعد لقاء،مع خليلة له،ولعلك تذكر منهم عبد الله بن المبارك الذي فاجأه الوارد الرباني من خلال هاتف صك سمعه ثم سرى إلى قلبه، وقد تذكر منهم بشر بن حارث الحافي الذي انتشله الوارد الإلهي من بين أمواج لهوه وصخبه ومونه، على حين غرة وأخرجه حافياً من قصره،يعانق حياةً جديدة من العبادة والعبودية وصدق التبتل لله.
بل انظر إلى حال هؤلاء الذين تسمع أنباء تحولهم من الكفر إلى الإسلام، إن في بقاع أوروبا وأمريكا أو غيرها.. إن كثيراً منهم لم يفكروا من قبل في اعتناق الإسلام ،ولم يضعوا نصب أعينهم مشروعاً لهداية أو لقراءةٍ في الدين، ولكن إشراقة الإيمان هجمت على أفئدتهم على حين غرة.. وما كان ذلك إلاّ لأن وارداً من نفحات الغيب الإلهي أوفده الله إلى قلوبهم.
وانظر.. تجد مصداق ما أقول، في الارتباك أو الحرج الذي يقع فيه بعضهؤلاء،عندما يواجههم صحفيون أو فضوليون بسؤالهم التقليدي لأحدهم:ما الذي حملك على الدخول في الإسلام؟
ولكن جواب الرجل وربما المرأة في كثير من الأحيان، يأتي أبسط من هذا الذي ينتظره السائل، إنه لا يعرف إجابته عن هذا السؤال أكثر من الاستئناس الذي حلّ في جوانب قلبه بالإسلام، والانشراح الذي فاض به صدره لاعتناقه. والاندفاع الشعوري إلى تقبله.. وهذا الجواب البسيط الذي يجيب به أكثر الذين هدوا إلى اعتناق الإسلام،ليس إلا ترجمة عفوية دقيقة لقول الله تعالى: “ولكن الله حبَّب إليكم الإيمان وزيَّنه في قلوبكم وكَرَّه إليكم الكفُرَ والفسُوق والعِصيان”(الحجرات)
ولا يذهبن بك الوهم،مما أقول،إلى أن حقائق الإسلام لا تمرّ، إذ ن من قناة الدلائل العلمية والمنطقية.. فالإسلام لا ينهض وجوده إلا على دعائم العلم،ولا تتألف سداه ولحمته إلاَّ من حقائقه، غير أن الإدراك العلمي لا يكفي لحمل العالم على اعتناقه..
إذ أن الوارد الإلهي هو الذي ينتشل هؤلاء الذين قيّدهم عن اتباع الحق سلطان عصبياتهم وكبريائهم والتذرع لحماية مصالحهم الاجتماعية والسياسية.
والذي يحجب الإنسان عن الواردات،ويحرمه من فرصة التعرض لها استكباره على الله واستخفافه بما قد يتلقاه من أوامره وأحكامه وشرائعه.. ذلك قرار ألزم الله به ذاته العلية في مثل قوله: “سأصرفُ عن آياتِي الذين يتكبَّرون في الأرض بغيْر الحقِّ وإن يروا كلَّ آية لا يؤمنوا بها وإن يروْا سبيل الرُّشد لا يتخِذوهُ سَبيلاً و إٍن يروْا سبيلَ الغيِّ يتخذوه سبيلاً ذلك بأنّهم كذَّبوا بآياتِنا وكانوا عنها غافلين”(الأعراف).
المرحوم الشيخ سعيد رمضا ن البوطي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.