بموازاة المعركة العسكرية الأمريكية الدائرة في سوريا، تدور حرب أخرى لا تقل ضراوة هي حرب الصور المزيفة استند إليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشن ضربة جوية على البلاد، بل شكلت لدى مسؤولين بواشنطن أمام كاميرات التلفزيون مادة للتبرير وإثارة المشاعر الانسانية كان أبرزها صورة لطفل سوري ظهر سابقا في حلب وإدلب. الطفل السوري عمران، صاحب ال5 سنوات الذي تم انتشاله من تحت أنقاض منزله بحلب، الصيف الماضي والدم يغطي وجهه يظهر مرة أخرى في صورتين مختلفتين بعدما وضعوا رقم 21 على قفاه بعد نجاته من الهجوم الكيماوي الذي شهدته بلدة خان شيخون في إدلب منذ أيام يستيقظ بجانبه كيس شبيس، بحسب مراقبين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أين تبين أن الصور والفيديوهات المسربة تمت من خلال القبعات البيضاء ومرصد لندن لحقوق الإنسان. رقم 21 على ناصية الطفل السوري تدعم زيف الصور ويتجاهل الإعلام الغربي والعربي في المجمل سيناريو التضليل في مجزرة الغوطة، فقد كشف مفتشي الأممالمتحدة في 21 أوت 2013 عقب التحقيق في اتهامات عن استعمال الأسلحة الكيماوية في الغوطة بتورط ما يسمى ”المعارضة المسلحة”، ويتذكر الرأي العام صور وفيديوهات لأطفال ونساء قتلى ظهرت على الأنترنت مما جعل الخبراء يؤكدون أن الفيديوهات والصور نزلت على الأنترنت من أميركا أو بريطانيا. بل أن المشاهد التثميلية يتم تصويرها في دول عربية أيضا مثلما بينت وزارة الداخلية المصرية التي ألقت القبض في ديسمبر 2016 على خمسة أشخاص لقيامهم باستغلال طفلة في مشاهد تمثيلية كاذبة بدعوى تصويرها في مدينة حلب السورية. وبينما كانت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والتلفزيونات تعج بالصور غير المسندة نقل في وقت سابق المندوب السوري في الأممالمتحدة، بشار الجعفري، قضية تداول الأخبار الملفقة إلى قلب المؤسسة الدولية، وذلك عندما عمد إلى عرض صورة لجندي يساعد سيدة على النزول من عربة على أنها من مدينة حلب، ليتضح أن الصورة تعود حقيقة إلى العراق. ونشرت المعارضة أيضا صورة لطفلة على أنها تهرب من قصف قوات الجيش السوري، إلا أن الصورة اتضح أنها مفبركة من فيديو كليب لفنانة لبنانية تدعى هبة طوجي، صدر عام 2014. وتصطدم المبررات الأمريكية بضعف أو غياب الأدلة التي تتهم الرئيس بشار الأسد، إذ تظهر الصور التي نشرت على مواقع التواصل الإجتماعي من قبل رجال الإنقاذ وناشطين، أنها مفبركة وجثث الضحايا والأطفال تعود لأحداث سابقة وفق ما أكده نائب المبعوث الروسي إلى الأممالمتحدة مضيفا أن الغارة السورية استهدفت مستودع أسلحة تحت سيطرة الارهابيين بما في ذلك ”مستودع إرهابي، حيث كانوا يصنعون قذائف محشوة بعناصر كيماوية” لإرسالها إلى العراق. ولم ينتظر الرئيس الأمريكي نتائج تحقيق دولي مستقل قبل القيام بهجوم جوي على سوريا -مثلما صرح- عقب الهجوم بالكيماوي الذي شهدته بلدة بادلب، ليشن تصعيدا عسكريا قد يرشح إلى ”مواجهة” بين الغرب من جهة وروسيا وإيران من جهة أخرى، خصوصا وأن ما يسمى التحالف الدولي اقدم لأول مرة منذ ست سنوات على استهداف النظام السوري عوض تنظيم ”داعش”. وبهذا التصعيد الرئيس الأمريكي يكون قد تجاوز موقف سلفه باراك أوباما من الأزمة السورية، إذ أن الكثيرين يتذكرون تعليقه عام 2013 حين كانت الولاياتالمتحدة قريبة للغاية من القيام بعملية غزو لسوريا. وكتب ترامب قبل نحو أربع سنوات قائلا: ”ماذا سنجني من قصف سوريا، سوى زيادة الديون واحتمال نشوب نزاع طويل الأمد؟ أوباما يحتاج إلى موافقة الكونغرس”. لكن وتعكس تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، محاولات ”لي ذراع” موسكو وطهران في الملف السوري فقد صرح أن الضربة الصاروخية الأميركية في سوريا هي ”إشارة” يجب أن ”تجعل الروس والإيرانيين يدركون أنه لم يعد بوسعهم دعم نظام بشار الأسد”.