يتربع كتاب التاريخ على مكانة خاصة لدى القارئ الجزائري، الذي أصبح يولي اهتماما كبيرا بالمؤلفات التاريخية في السنوات الأخيرة، شغف تظهر ملامحه من إقبال الزوار على أءجنحة الصالون الدولي للكتاب. وفي جولة قادتنا عبر أجنحة الصالون الدولي للكاتب في طبعته ال 22، لمسنا تصدر كتاب التاريخ لواجهة أغلب دور النشر الجزائرية، على غرار دار القصبة والشهاب والعثمانية والبرزخ والكلمة ومنشورات سمر ودار خطاب ومنشورات المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار، دور يبدو رهانها رابحا على هذا النوع من الإصدارات التي أصبحت تحظى باهتمام كبير من القارئ الجزائري الشغوف بمعرفة تاريخ بلاده، خاصة إذا كان بأقلام مجاهدين عايشوا الثورة ونقلوا شهاداتهم الحية عنها بتفاصيل جديدة وزوايا تخرج عن إطار التاريخ الرسمي. منشورات الشهاب واحدة من أهم دور النشر الجزائرية المهتمة بنشر كتب التاريخ، وخاصة مذكرات المجاهدين التي تظهر بشكل لافت على الواجهة السوداء لمنشورات الشهاب، حيث يظهر كتاب المجاهدة زهرة ظريف ”مذكرات مجاهدة من جيش التحرير الوطني”، وكتاب ”رابح بطاط، رجل وتاريخ”، وكتاب ”عباس لغرور من الضال إلى قلب المعركة” بقلم شقيقه صالح لغرور. منشورات ”الكلمة” تعرض أيضا عددا من المؤلفات المهمة في التاريخ، على غرار كتاب ”ذاكرة السجن، 19561962” للمؤلف الفرنسي فليكس كلوزي، وكتاب ”ست سنوات في الجبل” لياسمينة شراد بن ناصر. فيما تقدم منشورات ”العثمانية” ضمن جديدها كتاب ”الحقيقة بدون طابو، قتل عبان رمضان”، وهو المؤلف الذي كتبه بلعيد رمضان والذي يجيب فيه القارئ الجزائري علن الأسئلة الأكثر إلحاحا من، كيف، ولماذا قتل عبان رمضان؟، مؤلف يؤكد مسؤول دار النشر العثمانية بأنه باع 3000 نسخة منه خلال الأسبوعين الماضيين، في إشارة واضحة إلى مدى تعطش الجزائريين لرفع اللبس عن عديد المناطق الرمادية في التاريخ الجزائري. مذكرات المجاهد والسفير الأسبق ”الطاهر قايد” كانت حاضرة هي الأخرى بين أجنحة الصالون الدولي للكتاب، ضمن قائمة إصدارات ”دار سمر”، حيث وقع المجاهد الطاهر قايد كتابه ”معركة، حرية”، والذي يسرد ضمنه الكاتب عديد الحقائق التاريخية عن مساره النضالي، إلى جانب شقيقته الشهيدة مليكة قايد، كما يستعرض الكتاب قائمة اسمية لعدد من القادة الشهداء الذين ماتوا في السجون والمعتقلات دون أن يذكرهم التاريخ. دار الأمة عرضت كتاب ”لماذا سجنت؟ تشريح المؤامرة” لكاتبه والي وهران السابق بشير فريك، وهو واحد من الإصدارات التي حظيت باهتمام كبير من جمهور الصالون الدولي للكتاب. وحسب تصريح رئيس مشروع منشورات الاختلاف، نسيم سعدون، فإن كتاب التاريخ أصبح يحظى باهتمام خاص من القارئ الجزائري بمختلف شرائحه، خاصة فيما يتعلق بكتب المذكرات والسير الذاتية وتاريخ ثورة التحرير، التي أصبحت تكتب بأقلام جديدة خارج إطار التاريخ الرسمي وهو ما اعتبره محدثنا عاملا مهما في تنامي ظاهرة الاهتمام بكتاب التاريخ لدى القارئ الجزائري، المتعطش لكل جديد عن ماضيه.