إيه يا بلدي التعيس ! ها أنت قد أصبحت سعيدا فأقم الأفراح في كل زواياك يا وطن السعادة والسعداء.. اليوم يا وطني السعيد انتصرت على نفسك "بنوابك" الميامين فبدلت ما كنت تفسده على نفسك بنفسك من دستور .. قيد إرادتك وحريتك وسلبك حقك في أن تنعم بالإستقرار والأمن ..! يا شعبنا الأسن ها هم نوابك الميامين الذين انتخبتهم بالمقاطعة ينجزون عملا وطنيا تاريخيا، فيصححون ما أفسدته أنت بانتخابك المباشر قبل سنوات .! أليست السيادة ملكك وتمارسها عن طريق نوابك لتلقي بها ما أنجزته بنفسك؟! أليس هذا من التطورات الجليلة في عالم أب القانون وهو الدستور .. أليس هذا التطور ستحكيه الأجيال على أنه إنجاز عظيم من إنجازاتك التي تعادل أو تريد عن إنجازات أول نوفمبر ؟! ألا يحق لك أيها الشعب الحارن أو الأسن (ليس مهما) أن تبتهج بهذا الإنجاز الذي حققه نواب من صلبك انتخبتهم بحرفة انتخاب وانتصروا عليك وبك وبالغياب .! فأقم الأعراس في كل زوايا الوطن ابتهاجا بنوابك وبأبنائك الذين من فرحتهم هذه رموا أنفسهم في البحر.. أو رموا أنفسهم في غرف الفنادق ذات النجوم الخمس! أ تذكر يا شعبنا العزيز الحارن أن الشباب أبناء الحراش الأسن مثلك والذي ينعم بالركود المريح ! قد ابتهجوا عندما انتصر فريق الحراش على خصمه في كرة القدم فقام الشباب بإقامة الأفراح والليالي الملاح ! .. ووصل من نشوة الفرح بالشباب إلى حد رمي أنفسهم في الوادي .. وهم يغنون طربا.. الواد وادنا..! أتتذكر أيها الشعب العاشق للحرنة أن توابك غير الميامين الذين انتخبتهم بالحضور وليس بالغياب كما هو حال نوابك اليوم انتخبتهم سنة 1963 ليضعوا لك أول دستور .. هؤلاء النواب نشب بينهم خلاف حول كيفية وضع دستور يكرس سيطرتك عليهم .. وليس سيطرتهم عليك ..! كما هو حاصل اليوم .. فتشابك فريق وجدة مع فريق تيزي وزو تماما مثلما هو حاصل اليوم .. فانتصر بن بلة لفريق وجدة على حساب فريق تيزي وزو فكانت النتيجة أن قام بومدين بإلغاء الجميع في انقلاب 1965، والتاريخ لا يعيد نفسه أيها الشعب الأسن إلا في الأشياء الجميلة .! أ تتذكر أيها الشعب السعيد بالبطاطا المستوردة والشباب المصدر بالتهريب أن الهوشة نفسها تكررت بين الفريقين سنة 1975 وكانت نتيجتها دستور 1976 الذي كان هدفه الأساس آنذاك هو القضاء على هذه الهوشة.. لكن ما حدث 1978 حول مجرى التاريخ .! هل تتذكر أيها الشعب الحارن أحداث الربيع البربري والكاب سيغلي ؟! أليست احتجاجا "ثقافيا" ظريفا يحمل معنى السياسة على أشواك وجدة وصقيع الأوراس؟! وإن نسيت أيها الشعب النائم فإنك لا تنسى أن شباب 5 أكتوبر 1988 خرج ليهتف بسقوط الشاذلي لذات الأسباب ..! ولكن الشاذلي لم يسقط .. ولكنه بكى فقط في التلفاز.. وتنازل عن جزء من صلاحياته كرئيس لفائدة رئيس الحكومة ..وكان ذلك كافيا لإسكات الأمر سنة أو سنتين.. ولكنه لم يحل المشكلة التي بقيت قائمة إلى اليوم .. وستبقى قائمة إلى الغد أيضا..! إيه يا شعبنا الأبي .. بارك وزيد لهذا التغيير العظيم للدستور والذي أنزل رتبة رئيس الحكومة إلى وزير أول ! بعد 20 سنة كاملة من النضال الشعبي والمؤ سساتي ضد طغيان منصب رئيس الحكومة على كل مؤسسات الدولة بما فيها الرئيس الذي يعينه وينهي مهامه متى شاء ؟! ولأي سبب شاء ! لاحظ أيها الشعب السعيد بهزال نوابه أن السياسة في الجزائر قد تطورت فأصبحت قيمة الرجال والمؤسسات تقاس بسعر البرميل.! لاحظ أيها الشعب السيد أن الشاذلي بن جديد في سنة 1988 خفض من قيمته السياسية وزاد من قيمة الوزير الأول فرقاه إلى رئيس الحكومة.. لأن سعر البرميل انخفض عن المتوقع ! واليوم سعر البرميل ارتفع.. فليس من المنطقي أن تبقى قيمة الرئيس كما كانت في عهد الشاذلي أو تبقى قيمة رئيس الحكومة كما كانت في عهد مرباح وحمروش.! إنجازات عظيمة أنجزها نوابك الذين لم تنتخب عليهم لصالح سعادتك ورقيك ومنعتك أيها الشعب السعيد .! فمن إنجازات هؤلاء النواب أنهم أصبحوا ينوبونك في السيادة عليك.. ألغوا أيضا فكرة السلطة والمعارضة .! فأصبح البرلمان بغرفتيه يمثل السلطة ويمثل في نفس الوقت المعارضة.! رحم الله الأستاذ المصري الدكتور طعيمة الجرف الذي درسنا في معهد الصحافة مادة القانون الدستوري والقانون الإداري سنة 1968 بعد أن درس هذه المواد في جامعة السوربون في باريس طوال ربع قرن، و كتب نظرية نشوء الدولة في القانون الدستوري، قال لنا رحمه الله : اسمعوا يا أبنائي.. خلاصة تجربتي في تدريس القانون هي أن القانون لا يطبق إلا على ثلاثة أشخاص : "الجهلة والضعفاء والمغفلين" ! ولهذا ابتدع القانونيون الأقوياء نظرية "القانون لا يحمي المغفلين" ! لحماية الفايقين من المغفلين وليس العكس.! وقال لنا رحمه الله في موضوع الشرعية : "إن شرعية السلطة يا أبنائي توجد دائما حيث توجد القوة.. وضرب لنا مثلا بانقلاب بومدين وحمه الله على بن بلة .. فقال :"الشرعية قبل أن يعتقل بن بلة بثوان كانت عند بن بلة، لكن بعد اعتقال بن بلة بثوان أصبحت الشرعية مع بومدين .! تلك هي حقائق ما أنت فيه من سعادة أيها الشعب السعيد .!