من المتوقع بعد المصادقة على تعديل الدستور الجديد أن يتم مراجعة بعض القوانين بما يتماشى مع الوضع الراهن عل المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، فيما سينبثق عن الدستور قوانين أخرى جديدة. وأوضح حمزة خضري، رئيس الجمعية الوطنية للدراسات الدستورية والقانونية، في تصريح ل السياسي أن أهم القوانين التي سيتم مراجعتها في ظل الدستور الجديد قانون الانتخابات ليتكيف مع الشروط الجديدة للترشح لرئاسة الجمهورية التي وردت في المادة 73، والتي من بينها إثبات الإقامة الغير منقطعة في الجزائر لمدة عشر سنوات، وعدم اكتساب جنسية أخرى من قبل، وأيضا مراجعة قانون الأحزاب لتكريس الضمانات الجديدة للأحزاب السياسية التي أعلنت عنها المادة 42 مكرر، وكذالك مراجعة القانون 99/02 المتعلق بتنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة والعلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، مشيرا إلى أن هذا يتم من خلال التكيف مع الإجراءات الجديدة لوسائل الرقابة البرلمانية على الحكومة وأيضا مراجعة قانون إجراءات الجزائية لتبني المبدأ الجديد الذي كرسه الدستور وهو مبدأ التقاضي على درجتين في المادة الثانية وغيرها من النصوص الأخرى، كإعادة النظر في النظام الداخلي لغرفتي البرلمان بالمجلس الشعبي الوطني، ومجلس الأمة، وأيضا تصريف الضمانات التي أعطيت للمعارضة لاسيما التمثيل المناسب في قبة البرلمان وهناك أيضا الكثير من القوانين الأخرى. إصدار قوانين جديدة في ظل تعديل الدستور الجديد وأضاف حمزة خيضر، أن النوع الثاني من القوانين الناجمة عن تعديل الدستور الجديد هي التي سيتم إصدارها ولم تكون متواجدة من قبل، القانون الذي يخصص مقتضيات المادة 17 فقرة 02 التي وضعت على الدولة التزام الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية لاسيما الأراضي الفلاحية والمياه وكذلك من القوانين الجديدة التي من المنتظر أن تصدر القانون الذي يبين المناصب السياسية والمدنية الثانية التي تشترط فيها الجنسية الجزائرية دون سواها تطبيقا لما جاء في المادة 51 من الدستور، مضيفا انه من الممكن إصدار قوانين أخرى لتنظيم سير وعمل الهيئات الجديدة التي أعلن عنها الدستور الجديد على غرار المجلس الأعلى للشباب والمجلس الوطني للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، والأكاديمية اللغة الامازيغية والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مشيرا إلى أن هذه هي المنظومة القانونية وكيفيات مراجعتها تطبيقا للدستور الجديد. وأضاف خضري فيما يتعلق بالشق الاقتصادي، أن مؤسسات الدولة كلها المحلية والمركزية مطالبة بالتكيف مع المهمة الجديدة، مشيرا إلى أن هناك مهام جديدة لمؤسسات الدولة أضيفت في المادة 08 من الدستور، وهي بناء اقتصاد حر ومنتج يثمن القدرات المادية والبشرية والعلمية للبلاد، كما يتوقع أن تضع الدولة إستراتيجية قوية وكبيرة لتطبيق المادة 64 التي تنص على مسؤولية الدولة في مساواة المواطنين في أداء الضريبة، مشيرا إلى أن الجزائر تحولت بموجب هذا الدستور إلى اقتصاد حر فعليا لأول مرة بعد التحول الدستوري سنة 1996 ولكن التحول الفعلي كان بموجب دستور 2016، لذلك تحاول الدولة أن تأطر نشاط المتعاملين الاقتصاديين بما يسمح بالمساواة في أداء الضريبة وهذا في إطار البحث عن واردات جديدة للخزينة العمومية خارج المحروقات، لان المحروقات تراجعت أسعارها في السوق الدولية منذ حوالي عام ولذلك خلاصة التحول الاقتصادي أن الدستور يكلف كل مؤسسات الدولة بموجب المادة 08 القيام بتحول نحو اقتصاد حر يثمن القدرات البشرية والمادية للبلاد. وفيما يتعلق بالحريات، أكد ذات المتحدث، أن الدستور الجديد جاء بحريات جديدة مكرسة ضمن الجيل الثالث للحريات، على غرار الحق في الثقافة والشعائر الدينية، والحق في الحريات الأكاديمية والبحث العلمي، مضيفا أن هذه الحريات التي لم يكن معترف بها من قبل ستتولى قوانين جديدة كيفيات تنظيمها وممارستها وعلى سبيل المثال حرية الشعائر الدينية بدل حرية المعتقد كما كان منصوص عليه في الدستور السابق، والقانون الذي صدر في 2006 الذي يدون كيفيات ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين والذي من الممكن يتم مراجعته بما يعزز لغير المسلمين في الجزائر ممارسة الشعائر الدينية بعد أن تم دسترتها في الدستور الحالي، مضيفا أن الحقوق والحريات الجديدة من المتوقع أن تصدر بشأنها قوانين لتعزيز كيفيات ممارستها وتقديم ضمانات أخرى للمواطنين خضم ممارسة هذه الحقوق الجديدة. ثلاث أولويات في مراجعة المنظومة القانونية وأشار رئيس الجمعية الوطنية للدراسات الدستورية والقانونية، أن ضرورة مراجعة المنظومة القانونية بعد المصادقة على الدستور، تحتاج لثلاث أولويات تم الإشارة إليها في رسالة رئيس الجمهورية، والمتعلقة بإعادة ترتيب الأولويات بما يتماشى مع الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد في ظل تراجع أسعار المحروقات والذي لا ينبغي أن يمس بالجانب الاجتماعي الذي نص عليها الدستور خاصة مجانية التعليم، وتوفير العلاج والسكن، إلى جانب المحافظة على مكتسب السلم والأمن والاستقرار في ظل الظروف الداخلية والخارجية التي يميزها التدخل الشبه العسكري في ليبيا، والذي يضع الجزائر أمام تداعيات في مسالة إمكانية التعرض إلى اختراقات أمنية من طرف جماعات إرهابية، مسالة اللاجئين ومسالة تجارة المخدرات وغيرها، مضيفا أن الأولوية الثالثة تتعلق بمواصلة البحث عن التوافق والذي لا ينتهي بالمصادقة على الدستور مع الطبقة السياسية لتقوية الجبهة الداخلية بغية مواجهة التهديدات التي يفرضها الوقت الراهن على المستوى الداخلي والخارجي، والذي لا يكون إلا بتخلي الأحزاب السياسية عن الدعوة إلى استنساخ تجارب دول أخرى.