لا يزال سكان شمال ولاية ميلة أوفياء للكثير من عادات و تقاليد الأجداد المرتبطة بالاحتفال بحلول عيد الفطر المبارك بدءا بسهر الأمهات و الجدات إلى ساعة متأخرة من الليل لوضع الحناء في أيادي الصغار إلى الاستيقاظ مبكرا في صبيحة العيد من أجل عجن و تحضير "الغرايف" المعروفة ببعض مناطق شرق البلاد ب"القرصة" وهي نوع من العجائن التقليدية الشهيرة المرتبطة بالأفراح و المناسبات السارة من أعراس و حفلات ختان و خطوبة و نجاح في الدراسة و الحصول على سكن أو شراء سيارة... إلخ . حيث تهرع ربات البيوت ببلديات و مداشر شمال ميلة مبكرا لعجن الدقيق بالماء و الملح بطريقة خاصة لإعداد الغرايف و طهيها فوق طاجين من فخار و تحرصن على أن تكفي الأكلة لتلبية احتياجات أفراد العائلة و الضيوف من الأهل و الأقارب و الجيران الذين يبدأون بتبادل الزيارات و التهاني مباشرة بعد الانتهاء من أداء صلاة العيد بالمسجد و تنااول طبق "الغرايف"الشهي. و تعتبر "الغرايف" التي يتم وضع كمية من الزبدة فوقها بالاضافة إلى العسل أو السكر حسب الذوق أساس موائد العيد في المنطقة و تتفاخر النسوة حول نوعيتها و مدى بروز الثقوب التي تتخللها و ليونتها و لا تغني "الغرايف"عن تزيين صينية العيد بشتى أنواع الحلويات التقليدية و العصرية التي تتفنن في تحضيرها بنات ميلة و يظل الكسكسي الطبق الرئيسي في أول وجبة غذاء بعد شهر كامل من الصيام و القيام بالمنطقة. و الأجمل تمسك كافة الأجيال بالمنطقة بصلة الرحم و قضاء أيام العيد في زيارة الأهل و الأقارب و الجيران مرفوقين بأبنائهم الصغار الذين يفرحون بأجواء العيد و النقود التي يقدمهم لهم الكبار بالمناسبة من أجل شراء الألعاب و الحلويات . والملاحظ أن رياح العصرنة قضت على عادة قديمة ظلت منتشرة بالمنطقة إلى غاية الثمانينات من القرن الفارط و تتمثل في التقاء الفتيات في صبيحة العيد في مكان معين و تشكيلهن لمجموعات تتكون من عشر بنات تقريبا ثم ينطلقن في عدة اتجاهات و هن يرددن أغنيات و هتافات شعبية تقليدية ليعبرن عن فرحتهن بالعيد و مهما يكن يبقى للعيد نكهته الخاصة بشمال ولاية ميلة.