الرابطة الأولى موبيليس: مولودية الجزائر تتوج باللقب و نجم مقرة يرافق اتحاد بسكرة الى الرابطة الثانية    انتاج زيت الزيتون: تكريم 145 منتجا في الطبعة الاولى من المسابقة الوطنية أوليوميد    افتتاح أشغال الملتقى الدولي حول التعارف الإنساني وأثره في إرساء العلاقات وتحقيق التعايش    السيد شايب يشارك في ندوة حول موضوع "الاستثمار بالجزائر"    معرض الجزائر الدولي: السيد زيتوني يستقبل نظيره العماني    اتخاذ إجراءات لإعادة بعث مشروع مصنع الاسمنت ببلدية عين الإبل بولاية الجلفة    عطاف يشارك في الاجتماع الوزاري العربي بإسطنبول لمناقشة العدوان على ايران    منتدى حوار الأديان بروما:الجزائر ستبقى صوتا للسلام العادل    بوطبيق يؤكد من تيبازة..تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات    مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي: عطاف يشارك في جلسة الافتتاح    وزير الداخلية: تخصيص أكثر من 7 مليارات دينار لتهيئة وإعادة تأهيل الفضاءات الشاطئية    الجوية الجزائرية للشحن مستعدة للتكيف مع متطلبات التصدير    افتتاح تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية" بالعاصمة    تنافس 7 عروض على"العنقود الذهبي" في المهرجان ال15 للمسرح الفكاهي بالمدية    لمين عصماني: دعوة إلى الوقوف وقفة رجل واحد ضد أعداء الجزائر    كتاب "الكسكسي, جذور وألوان الجزائر" يتوج بجائزة دولية بالبرتغال    رزيق يدعو المتعاملين الاقتصاديين إلى اكتساح السوق الإفريقية    التلفزيون الجزائري: عرض الفيلم المستوحى من قصة اختطاف واغتيال المعارض المغربي مهدي بن بركة    نهائي كأس الجزائر للكرة الطائرة 2025: الوداد يستهدف الثنائية والأولمبي كأسه الأولى    ألعاب القوى/الدوري الماسي-2025 : محمد ياسر تريكي يحقق المركز الخامس في الوثب الثلاثي    غزة: ارتفاع عدد الشهداء في غزة اليوم إلى 48 شهيدا    بداري يشرف على اجتماع تنسيقي مع مديري المؤسسات الجامعية والمدارس الوطنية للأساتذة    اليوم العالمي للاجئين: منظمة التعاون الإسلامي تدعو إلى تعزيز آليات تقاسم الأعباء واحترام حقوق اللاجئين    الدحيل يعلن تعاقده مع بولبينة    ميسي يتوهّج    نقل ملكية الطاسيلي إلى آر آلجيري    بوالزرد: الإصلاحات بلغت مراحل متقدمة    لنِحْمِ غاباتنا    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    مصداقية منظومة عدم الانتشار النّووي على المحك    سياسات رئيس الجمهورية ضامن لبسط دولة الحق والقانون    بلحاج يطلب الإعفاء من رئاسة المحكمة الدستورية    10 هكتارات من المساحات العازلة المضادة للحرائق    كل الظروف مهيأة لافتتاح موسم الاصطياف بالعاصمة    نشر نتائج الإحصاء العام الفلاحي الثالث قريبا    المغرب: انتهاكات حقوق الاطفال بتواطؤ الصمت الرسمي وغياب الحزم    الجزائر العاصمة: انطلاق الطبعة ال6 لحملة التنظيف الكبرى    جعل الجامعة قاطرة للاقتصاد الوطني    إنتاج فلاحي استثنائي هذا الموسم    "حماس" تطالب المجتمع الدولي ومؤسساته بتحمّل المسؤولية    المغرب لا يريد التعاون من أجل التوصل إلى حل    مواءمة التكوين العالي المتخصص مع حاجيات سوق الشغل    تحقيق الإقلاع الفعلي للوحدات الصناعية المسترجعة أولوية    تحضيرات مسبقة لموسم حج 2026    انطلاق الحملة الوطنية لتدعيم تلقيح الأطفال    تكريم الممثلة الجزائرية رانيا سروتي    الرئيس تبون يولي عناية خاصة لمسألة الذّاكرة الوطنية    الأمن الهوياتي في مواجهة التحولات العالمية    بنفيكا البرتغالي يريد حاج موسى لتعويض دي ماريا    نادي بارادو يودع عادل بولبينة برسالة مؤثرة    "الفاف" تعلن الحرب على المنشطات والمخدرات في البطولة الوطنية    حملة وطنية لتدعيم عملية تلقيح الأطفال الأقل من 6 سنوات ابتداء من الأحد المقبل    نحو وضع خريطة صحية جديدة لإعادة تنظيم شبكات العلاج    "تارزيفت"... تعبير عن حفاوة الاستقبال    فتاوى : الهبة لبعض الأولاد دون البعض    فعل الخيرات .. زكريا عليه السلام نموذجا    التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في عنوان رواية ثقوب زرقاء للخير شوار
نشر في النصر يوم 27 - 10 - 2014

" ثقوب زرقاء" هذا العنوان اختاره الروائي الخير شوار لروايته الثانية الصادرة عن (دار العين، القاهرة) ليستأنف منجزه السردي .
محمد بلقاسم الشايب
سنجعل من العنوان وحدة نصيّة مصغّرة، وبؤرة انطلاق في قراءتنا من حيث أنها عتبة أولى تفتح أفق السؤال حول ماهية المتن... لأنّ العنوان هو رحم الحكاية أو الأسطورة، وأهم وأعلى شجرة في " غابة السرد" ، باعتباره جزءا يدلّل عن الكلّ، ونعني من مستويات القراءة هنا، تلك التي يكون فيها استباق المعنى بناء على التخمين، وليس النص الأدبي وحده مدار اهتمامها – أي أنها تتوسل بوسائل خارجية ليست من داخل النص نفسه. في محاولة لنقل المفهوم من السطح إلى العمق، ومن عموميته إلى تخصيصه، فالمتن الذاهب من النّص يحصله المتلقي ويكتشفه من السياق و القصدية. لأن " قصدية العنوان تتأسس على علاقته بخارجه سواء أكان واقعاً اجتماعياً أم نفسياً، وعلى علاقته بقصد الكاتب الذي يحمل صورة افتراضية للمستقبل".(1)
كما يحصله من الأبعاد اللغوية والبلاغية من جملة(العنوان) القابلة للتحليل على أكثر من صعيد. ومن صورة تركيبة مترابطة، يتحكم النحو في بنيتها،. مع الغوص في الأبعاد الدلالية التي تتّخذها ،ففي هذه الوحدة النصية " الديباجة" المختصرة تكمن الرؤية والخيارات، وقد ننفذ من كلمتين تشكلانها - وهو أقصى اقتصاد لغوي لجملة عربية- إلى معان وإحالات نلج من خلالها إلى ملامح المتن النصي دون طرقه، فندخل إليه مسلحين برؤى أو تساؤلات من شأنها أن تضيء لنا معالم المشاركة في بناء النص وتأويله..يقول الآمدي " ّالمعنى الحرفي غير موجود، لأن المعنى غير متعلق بأوضاع الكلم فحسب، ولكن بقصد المتكلم وإرادتهّ" .
فالجملة (ثقوب زرقاء) اسمية خبرية ومسند خبري بوصفها إخبار، ومن سمات الجملة الإسمية أنها لا تحيل إلى الزمن، وهو لجوء من الكاتب للتخلص من يقينية الخبر.
والتأويل الإعرابي هو: ثقوب خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه. أما كلمة زرقاء فصفة تصف الثقوب، والكلمتان مضافتان إلى بعضهما لدرجة أن إجلاء الإبهام لكلمة ثقوب يصدر من إضافتها إلى كلمة زرقاء، وهذا ما يعرف في اللغة ب "التعريف بالإضافة" وهو إلحاق وربط فيه قصدية التأليف بين شيئين غير متلازمين عادة، إذْ لا أحد يمكن أن يسأل عن لون ثقب بقدر ما يسال عن غوره أو حجمه. وهي وجهة وصفية تزيل بعض الغموض الدلالي حول كلمة ثقوب، فنحن ابتداء عرفنا أنها زرقاء. لنحال إلى السؤال المنطقي
ما نوع هذه الثقوب التي هي زرقاء؟ بعد أن ميّزه بالجمع كذلك، وهي حالة نادرة إذا استعرضنا مجمل استعمالات اللون الأزرق ، كما أن الجمع يحيل إلى تعدّد البؤر في النص.
فيشار مثلا إلى (الثقب الأزرق.. النيل الأزرق.. الكوكب الأزرق.. فمن كل الكواكب توصف الأرض بالكوكب الأزرق لتفرّدها، ومن كل الأنهار يوصف النيل بالنيل الأزرق لعظمته )، بل إن حالة نادرة في النظر وصفت بالزرقاء (زرقاء اليمامة) وكلّ هذه الصفات تأتّت من النظر عن بعد للعلاقة بين الزرقة والبعد، والأزرق ذو دلالات كثيرة في الرسم واختياره في اللباس والأثاث والرايات، وفي الطبيعة.تختلف باختلاف الشعوب وثقافاتها، وهنا اختاره شوار لتلوين الثقوب كدلالة واضحة على أمر استثنائي يدعو إلى النظر، بل إلى الإطلالة من هاته الثقوب الزرقاء.ذلك لأن اللون الازرق في حقيقته هو اللاشيء الذي لن نصله، ومع ذلك هو سديم شفاف. كما يبعث على اللاطمأنيية، وعلى المزاج الطري والحزين كما اعتبره غوته.
والثَّقْبُ بالفتح واحد الثُّقُوبُ، و الجمع ثُقْبٍ، وهو الخَرْقُ النافِذُ. الذي يأخذ قيمته من المثقوب.كما يأخذ شكله منه عادة.أما لونه فالخلفية هي التي تحدّد لونه وكذا حجمه . و شوار يقول انها زرقاء، وبذلك يخبر عن إحدى صفاته ليحيلنا إلى السؤال عن الحجم الذي يجعلنا نرغب في اقتحام المتن لمعرفته ، على الرغم من أنّ الثقب لا لون له في الأصل، وقد يكون هنا أيضا في العنوان (ثقوب زرقاء) عارض في كلام يستهدف به الجسم المثقوب بدلالة الجزء عن الكل، والذي حذف لذريعة الاقتصاد في اللغة.
أما الدلالة المتعلقة بالثقب. فالثقب شكل، والشكل له مساحة او حيّز، وهذا يحيل الى المكان. لكن الثقب في حدّ ذاته تابع فلم يسمَ ثقب إلا لأنه ثقب شيئا، وأعطاه صفة مثقوب لذا سنسأل عن الشيء المثقوب، وكذا موقع الثقب فيه، وهو في حدّ ذاته سؤال يؤدي وظيفة استفزازية لمعرفة الجواب في المتن،على الرغم من أن لوحة الغلاف تزيل بعضا من الغموض فتشير إلى أن القصد من الثقوب تشبيه للآثار الغائرة في وجه،ووجه هي الكلمة المحذوفة من العنوان. لكن وجودها على خدّ الوجه ذي الملامح الباهتة كما تبرزه الصورة، والتي تحيل ربما إلى وجه الكاتب، مما يجرّ إلى التساؤل حول اندماج السارد في بطل الرواية، كما يزكي ملاحظة أخرى حول احتمالية استعمال ضمير الأنا في الرواية.
وعلاوة على أنه يشي بأنّ الزرقة إنما تأتّت من التعفن، وهذا بدوره يشير أنها رأس مقطوعة لا حياة فيها، وهو ما يحيل كذلك إلى الغرائبية. ويطرح سؤالا جوهريا: هل بقي شوار مسكونا باستحضار الغرائبي في هذا النص أيضا؟؟
بلْ هل النص ينزغ إلى عوالم برزخية بين الواقعي والمتخيّل؟؟
كأن تكون هذه الرأس ذات الثقوب الزرقاء أحد أبطال الرواية، وهو ما نستنتج منه تناصّا مع (رأس المحنة) الرواية لعز الدين جلاوجي و(رأس المحنة) القصيدة المشهورة لسيدي لخضر بن خلوف) وثقوب في الثوب الأسود لاحسان عبد القدوس.
وهي كلها أسئلة مشروعة لمجرد قراءة العتبة لغويا وتحليلها بالنظر إلى أن " اللغة إنجاز فعلي واقعي، وليست بنية مبتورة عن سياقها التواصلي" .لتمنحنا مشروعية الأخذ بالدلالات التي تحيط بالمعنى، وهو ما يؤدي إلى سؤال ختامي: هل العنوان يختزل بهذا التكثيف البليغ حمولة الرواية؟؟
1) اللسانيات في الثقافة العربية وإشكالات التلقي حافيظ إسماعيلي علوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.