أبرز أهمية الرقمنة وتكريس التقاضي الإلكتروني.. بوجمعة: الحبس المؤقت يمثل 5.13 بالمائة من مجموع المحبوسين    مجلة الجيش:الجزائر سترفع كل التحديات داخليا وخارجيا    في لقاء مع السفير الصيني.. بوغالي يشيد بالعلاقات الجزائرية-الصينية ويدعو لتوسيع الشراكة    موانئ: اعتماد ميناءين كنموذج أولي لتجريب استراتيجية العصرنة الجديدة    طاقة ومناجم: بحث افاق التعاون بين المؤسسات الجزائرية و "ميتسوبيشي باور أيرو" اليابانية    العدوان الصهيوني: الهجوم على سفينة "مادلين" جزء من الإبادة الجماعية    مجلس الأمن:البوليساريو تدحض ادعاءات ممثل دولة الاحتلال المغربي    البطل سقط في ميدان الشرف يوم 6 جوان 1958..ولاية باتنة تحيي الذكرى ال 67 لاستشهاد علي النمر    حيداوي يدعو الجمعيات الشبانية للانفتاح على شراكات محلية ووطنية    اتفاقية تعاون علمي بين جامعة "بلحاج بوشعيب" لعين تموشنت وجامعة هيوستن الأمريكية    جمع جلود الأضاحي, أداة لدفع عجلة تطوير الصناعة الوطنية للجلود    الفنانة التشكيلية نورة علي طلحة تعرض أعمالها بالجزائر العاصمة    كرة القدم / بطولة افريقيا للاعبين المحليين 2025 : مجيد بوقرة يقر بصعوبة ضبط التشكيلة النهائية    دراجات /طواف الكاميرون 2025 : الجزائري اسلام منصوري يفوز بسباق المرحلة السادسة    العروض الوطنية للفيلم السينمائي "محطة عين لحجر" تتواصل عبر عدة ولايات    الجزائر تتوّج بجائزة بطل السياسات الريادية    البرتغال تُتوّج بدوري الأمم الأوروبية    اختبار قوي للخضر    بطولات وتضحيات خالدة في الذاكرة الوطنية    حجز قرابة 1.5 مليون قرص مهلوس بباتنة    هكذا أمضى الجزائريون عيد الأضحى..    وزارة البيئة : خطة لمكافحة التلوث البلاستيكي    مؤشرات الاقتصاد الجزائري تتحسّن    أسعار النفط تستقر    الجزائر تتحصّل على جائزة لبيتم    الحجّاج يؤدون طواف الوداع    آلفارما من 26 إلى 28 جوان    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 54981 شهيدا و126920 مصابا    وهران : مجلة "آفاق سينمائية" تبرز دور السينما الجزائرية في فضح الاستعمار الفرنسي    فلسطين : مستوطنون صهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك    يختطف سفينة "كسر الحصار" على قطاع غزة    تكريس لإرادة سياسية واضحة لحماية "ذاكرة وطن"    ورقلة : حجز أزيد من 62 ألف كبسولة من "بريقابالين"    تكرس قيم الاحترافية والوطنية التي تحدو منتسبي القطاع    ضرورة تفعيل الحسابات وتحميل الملفات قبل 12 جوان    تنظيم عودة أول فوج للحجاج الجزائريين إلى أرض الوطن    مقاربة الجزائر تفضح مواقف انقلابيي باماكو    إشادة بروح المسؤولية التي تحلّى بها التجار    640 ألف مليار لاقتصاد أقوى ومعيشة أحسن    آخر الروتوشات لانطلاق امتحان البكالوريا    إجماع على استقدام جمال بن شاذلي    اللجنة المنظمة تطلق اليوم الموقع الرسمي للحدث    المديرية العامة للحماية المدنية تطلق مسابقة توظيف    "التطور الحضاري لمدينة تلمسان" محور يوم دراسي    تتويج سيليا العاطب سفيرةً للثقافة الإفريقية 2025    استشراف لمستقبل الفن والتكنولوجيا    خطوة أخرى لتعزيز التنمية بقرى وادي الأبطال    رفع ألفي طن من النفايات    جمع 27 ألف "هيدورة"    مجلس الأمة يهنّئ بالجائزة الذهبية "لبيتم"    مبادرة حسنة من الحجّاج الجزائريين    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    خواطر الكُتاب.. أبعاد لا تنتهي    قافلة الصمود تنطلق من الجزائر لكسر الحصار عن القطاع    توسعة الحرم المكي: انجاز تاريخي لخدمة الحجاج والمعتمرين    ويلٌ لمن خذل غزّة..    هذه أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة    عيد الأضحى المبارك سيكون يوم الجمعة 06 جوان 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسجد الأثري لسيدي غانم بميلة ..مشروع ترميم جدي لمتحف مستقبلي
نشر في وكالة الأنباء الجزائرية يوم 22 - 04 - 2013

عندما يلج المرء باب المعلم الأثري لمسجد سيدي غانم الذي يتوسط الثكنة القديمة بمدينة ميلة العتيقة يتملكه شعور بالخشوع جراء تواجده بمكان يعتقد الكثير من المؤرخين أنه أقدم مسجد تم فتحه بالجزائر في مرحلة جد متقدمة من الفتوحات الإسلامية سنة 59 للهجرة المحمدية 678 ميلادية.
وبهذا المعلم الذي يتوسط بشموخ الثكنة القديمة و يحيط به سور بيزنطي حصين به 14 برجا للمراقبة أقام أبو المهاجر دينار رفيق الصحابي الكبير عقبة بن نافع حولين كاملين جعل فيها (ميلة القديمة) مركزا متقدما لنشر الفتوحات الإسلامية ليس فقط في الجزائر و إنما في كامل منطقة غرب شمال إفريقيا كما يقول الكثير من المؤرخين . و قد أبدى المبنى المغطى بقرميد أحمر تقليدي والمتميز بركائزه وأقواسه و الذي اكتشف سنة 1968 على مر العصور مقاومة مستمرة لعوامل الزمن والطبيعة وجحود الإنسان ما يجعل شعار شهر التراث لسنة 2013 "التراث الثقافي و الصمود" أكثر انطباقا عليه من غيره من معالم المدينة الكثيرة ومن أبرزها تمثال ميللو وعين البلد الرومانية.
عملية ترميم جدية قيد التحضير
وسيكون هذا المعلم الأثري "مسجد سيدي غانم" محل عملية جدية مبرمجة من طرف وزارة الثقافة قصد متابعة و ترميم بدعم من صندوق التراث الوطني وذلك بعد القيام بدراسة تقييمية وإضافة بند المتابعة التقنية للعملية السابقة كما أوضح السيد لزغد شيابة مدير الثقافة بالنيابة. و تتطلب عملية ترميم مسجد سيدي غانم الذي يعتبره الكثير من المؤرخين الأقدم في الجزائر على الإطلاق بعد مسجد القيروان بتونس غلافا ماليا بقيمة 140 مليون د.ج من أجل إعادة تأهيل هذا المعلم الذي عانى لفترة طويلة من إهمال وعدم اكتراث رغم الكثير من الكلام الجميل الذي لم تتبعه أفعال جادة كما يقول أحد المهتمين .
أشغال استعجالية أنقذت مؤخرا المبني من الانهيار
وكان هذا المعلم مؤخرا محل أعمال استعجالية بادرت إليها وزارة الثقافة من أجل تثبيت البناية التي ظهرت عليها خلال السنوات الأخيرة بعض التصدعات بإحدى جهاتها. ويطمئن مسؤولو قطاع الثقافة بميلة اليوم محبي التراث والمعلم ذاته بأن هذا الأخير أصبح الآن بعيدا عن أي مخاطر تذكر بعدما تم إنقاذه ويمكنه انتظار انطلاق أشغال ترميمه التي يرتقب أن تنطلق خلال الثلاثي الأخير من العام 2013 في ظروف حسنة من الناحية المورفولوجية على حد تعبير المدير الولائي للثقافة بالنيابة. وحسب عمار نوارة مسؤول ديوان تسيير و استغلال الممتلكات الثقافية بولاية ميلة فإن الديوان هو من سيتولى ضبط دفتر شروط عملية الترميم بعد تحيين الدراسة المختصة والتي سيتولاها مكتب دراسات مؤهل. وكانت دراسات فنية سابقة للعملية قد أهدرت الكثير من وقت المشروع ليتم رفضها من قبل وزارة الثقافة لكونها لم تأخذ بعين الاعتبارالطابع الخاص للعمارة الأثرية التراثية حسب متتبعين.
اهتمام أكاديمي متزايد بمعلم سيدي غانم
و يشهد هذا المعلم منذ عدة سنوات اهتماما أكاديميا متزايدا من خلال برمجة و إنجاز العديد من الدراسات الأثرية و التاريخية و زيارات الباحثين والطلبة الجامعيين وهو ما أدى إلى اكتشاف العديد من المعطيات القيمة الجديدة بشأن هذا الصرح التاريخي. ومن أبرز الدراسات الجارية مشروع بحث وطني ممول من طرف وزارة التعليم العالي و البحث العلمي حول العمارة و التعمير بمدينة ميلة القديمة وكذا دراسة أخرى علمية خاصة بهذا المسجد الأثري تتعلق ب" تثمين وإجراءات مكافحة عوامل التلف" بمبادرة من المركز الوطني للبحث في علم الآثار والتاريخ. و إلى ذلك يقوم طلبة وباحثون من جامعات وطنية و أخرى من خارج البلاد بمشاريع أبحاث هامة للغاية تخص مسجد سيدي غانم على غرار مشروع بحث في العمارة بمسجد سيدي غانم للطالبة أمل مقراني من جامعة السوربون (فرنسا) كما يعد الباحث كمال بزتين رسالة دكتوراه حول "دراسة مواد بناء مسجد سيدي غانم" وهي دراسة تقنية بحتة. المسجد لم يبن على أنقاض كنيسة حسب الباحثين
ومن فوائد هذه الدراسات التاريخية و الأثرية والعمرانية كما يقول مسؤول ديوان تسيير واستغلال الممتلكات الثقافية لميلة الباحث عمارة نوارة تحقيق فهم أفضل للمعلم و توجيه عمليات التدخل لإعادة تأهيله في الاتجاه الصحيح. وحسب الدراسات الأخيرة حول مسجد سيدي غانم فإن المسجد أقيم بمحاذاة الكنيسة الرومانية البازيليكا و ليس على أنقاضها كما كان شائعا في السابق و هو ما أكده الباحث حسين طاوطاو من المركز الوطني للبحث في التاريخ . وتم مؤخرا خلال الأشغال الاستعجالية بالمعلم اكتشاف كتابات عربية تشير إلى وجود ولي صالح يدعى سيدي غانم والذي يعرف باسمه هذا المسجد الأثري.
نصوص ودلائل تؤكد أن مسجد سيدي غانم هو الأقدم في الجزائر
وتؤكد الأبحاث الجارية من جهة أخرى بأن مسجد سيدي غانم هو الأقدم في الجزائر بالنظر للكثير من المعطيات العلمية ومنها اتجاه محراب المسجد الأصلي والذي كان نحو الجنوب كما كان ذلك شائعا في المساجد الإسلامية الأولى بالمشرق العربي. و يعود أقدم نص تاريخي حول الموضوع للقرن الثالث الهجري من خلال كتاب لابن الخياط يتحدث فيه عن استقرار أبو المهاجر دينار بميلة سنة 59 للهجرة وتشييده للمسجد. ومن جهة أخرى تطرق أحد الرحالة العرب وهو الذهبي عن الفتوحات الإسلامية ذاكرا بالاسم ميلة و دور الصحابي أبو المهاجر دينار فيها متخذا إياها كمركز متقدم لنشر الإسلام بغرب شمال إفريقيا وذلك ما ذهب إليه بعد ذلك ابن ثغري بردي في كتابه "الفتوح الزاهرة" إذ يحكي عن فضل أبو المهاجر دينار شخصيا وإقامته بميلة . وفي القرن العاشر الهجري يتحدث البكري و هو جغرافي و موسوعي عاش في العصر الأندلسي عن هذا المسجد الأول المحاذي لدار الإمارة بميلة .
مواد بناء قديمة جدا و أنماط عمرانية مدينية
وتدل نصوص أثرية أيضا على هذا الموقع المتقدم في التاريخ الإسلامي ومن ذلك نوعية مواد البناء القديمة جدا فضلا عن اكتشاف قطعة نقدية تعود للعهد الإدريسي خلال حفريات 1968 . كما يشير الباحثون إلى إقتداء بناء المسجد بأنماط عمرانية و زخارف عرفت بالمساجد المدينية نسبة للمدينة المنورة والمسجدين الأقدمين الأموي بدمشق و القيروان بتونس.
سيدي غانم المتحف المسقبلي
وتتجه الجهود في وزارة الثقافة حسب المعلومات المستقاة نحو إعطاء المعلم أولوية قصوى في مسار التثمين و الاهتمام بالمعالم الوطنية ما ستجعل منه لاحقا متحفا مستقبليا يحفظ قيمته الكبرى تاريخيا وعمرانيا و أثريا وسط حاضرة ميلة القديمة كمتحف مفتوح في الهواء الطلق شاهد على تعاقب الحضارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.