في إنجاز جديد يضاف إلى سجل الدبلوماسية الثقافية الجزائرية، أكّدت الدورة العشرون للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونسكو المنعقدة من 8 إلى 13 ديسمبر 2025 في نيودلهي بالهند، "الأسبقية التاريخية للجزائر في تسجيل القفطان كمكوّن أصيل من تراثها الثقافي الغني"، ليجسّد "هذا الاعتراف الصريح وجاهة النهج المتّبع في إطار تنفيذ تعليمات السلطات العليا للبلاد؛ قصد الحرص على ترقية موروثنا الثقافي بجميع مكوّناته، وكافة أشكاله، وحمايته من كلّ محاولات التقليد، والاستحواذ، والتزييف. يأتي هذا الاعتراف بعد جهود دبلوماسية وثقافية طويلة، مؤكّدا أن القفطان الجزائري "مسجَّل، ومعترف به دوليًا منذ عام 2012ّ. ويشكّل عنصرًا أساسيًا في الهوية الثقافية للبلاد. ويعزّز مكانتها على الساحة الدولية في مواجهة محاولات التقليد أو الاستحواذ على التراث، حسب بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية. وتُعد هذه القرارات - يضيف البيان - "نجاحا دبلوماسيا جديدا، ومهمّا للجزائر، سواء على الساحة الثقافية الدولية، أو في إطار الدبلوماسية متعددة الأطراف. كما تؤكد، بقوة، الأسبقية التاريخية والثقافية لتسجيل القفطان من قبل الجزائر في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية. وتعزّز الاعتراف الدولي بهذا التراث غير المادي، ذي القيمة الاستثنائية". ويأتي هذا القرار "ليعزز مكانة الجزائر في قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية. كما يُعد اعترافا صريحا، وتتويجا مستحَقا للجهود الدؤوبة والحثيثة للدولة، الرامية الى تثمين وصون والتعريف بالتراث الثقافي الغني للجزائر، الذي هو نتاج قرون من تاريخ يعكس عراقة وأصالة أمتنا". التاريخ والاعتراف الدولي منذ 2012 يُعدّ عام 2012 نقطة الانطلاق للاعتراف الدولي بالقفطان الجزائري، عندما تم تسجيل ملف بعنوان "الطقوس والمهارات الحرفية المرتبطة بعادة الزي الزفافي التلمساني "لبسة الأرفتان" . وقد صادقت لجنة التراث في الدورة الحالية، على تحديث هذا الملف، وترجمته إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ليصبح بالإنجليزية "The wearing of Kaftan"، وبالفرنسية "Le port du Caftan ". ويؤكّد هذا التحديث على "أهمية القفطان في التراث التلمساني العريق"، كرمز للفنون التقليدية والمهارات الحرفية التي تناقلتها الأجيال. ويجسد أصالة الثقافة الجزائرية التي تمتد لقرون من التاريخ. ولم يقتصر الاهتمام على التراث التلمساني، بل شمل "الشرق الجزائري الكبير"، حيث تم تحديث "الملف الوطني المسجّل في 2024" ، ليصبح أكثر شمولية. ويعكس التنوع الثقافي للبلاد. والعنوان الجديد للملف هو "الزي الاحتفالي النسوي للشرق الجزائري الكبير، معارف ومهارات خياطة وصناعة حلي تزيين القندورة، الملحفة، القفطان، القاط واللحاف". ويُبرز هذا التعديل الغنى الفني للزيّ الجزائري. ويؤكّد أنّ القفطان يشكّل "عنصرًا مركزيًا في الطقوس الاحتفالية، والحرف اليدوية التقليدية" . ويجسّد تنوّع التجارب الثقافية والجغرافية في الجزائر، من التلمسان العريق إلى الشرق الجزائري الكبير. إنجاز دبلوماسي استثنائي يتجاوز هذا الإنجاز كونه مجرّد اعتراف ثقافي، ليصبح "نجاحًا دبلوماسيًا بارزًا" على مستوى اليونسكو. ففي ظلّ محاولات بعض الجهات الاستحواذ أو تقليد عناصر تراثية، نجحت الجزائر في "تأكيد أسبقيتها التاريخية في تسجيل القفطان، وحماية هويتها الثقافية الوطنية دوليًا". ويُعدّ هذا الإنجاز دليل "قدرة الجزائر على الدفاع عن تراثها، وحمايته من التزييف أو الادعاءات المزعومة"، من خلال سياسات دبلوماسية واستراتيجية دقيقة، تعكس وعي الدولة بأهمية التراث الثقافي كأداة هوية، وسيادة. وفي هذا الإطار، أكّدت وزارة الثقافة والفنون فخرها بهذا الإنجاز. وجاء في بيان لها: "نحن فخورون بترسيخ القفطان كإرث ثقافي عالمي. هذا الاعتراف الجديد والمؤكّد من اليونسكو هو شهادة على أصالة وعمق تاريخنا. القفطان الجزائري.. إرثنا. وحمايته واجب وطني". ويُبرز هذا التصريح "جدية الجزائر في حماية تراثها غير المادي"، وتأكيدها على أنّه جزء لا يتجزأ من هويتها الوطنية، مع العمل المستمر على ترقيته عالميًا، وتعزيزه على الصعيد الدولي. رمز للفخر والهوية القفطان الجزائري ليس مجرّد لباس تقليدي، بل "رمز للهوية الثقافية والفنية للشعب الجزائري" ؛ فهو يرافق الاحتفالات والأعراس، ويعكس خبرة الأجيال في "مهارات الخياطة، والتطريز، وصناعة الحلي التقليدية" . وتتميّز القطع المختلفة بتنوّع تصاميمها، التي تجمع بين التأثيرات الأندلسية والعثمانية والأمازيغية، ما يجعل كلّ قطعة "تحفة فنية، تمثل التاريخ، والثقافة الجزائرية". ويشير ارتباط القفطان بعناصر أخرى مثل "القندورة، الملحفة، القاط، واللحاف" ، إلى وحدة تقليدية متكاملة، تعكس "التراث الحي للمرأة الجزائرية" ، وتسلّط الضوء على مهاراتها الفنية والاجتماعية عبر القرون. إنّ تسجيل القفطان لدى اليونسكو منذ 2012 وتأكيده في 2024 مع تحديث الملفات وإضافة عناصره بشكل صريح، يمثل "نجاحًا دبلوماسيًا وثقافيًا متكاملًا". ويشكّل القفطان، اليوم، "رمزًا للفخر الوطني، والهوية الثقافية للجزائر"، وامتدادًا لقرون من المهارات والفنون التقليدية. كما إنه "رسالة قوية للعالم بأنّ الجزائر صاحبة الحق الأصيل في تراثها"، وقادرة على حماية إرثها من محاولات التقليد أو الاستيلاء، مع تعزيز مكانتها الثقافية والفنية على الصعيد الدولي.