لقد "تعرضنا الى أشكال بشعة من التعذيب ولكننا صمدنا" حسبما صرح سجين سابق في سجن لامباز (باتنة) خلال الحقبة الاستعمارية والذي قدم شهادة مؤثرة تم عرضها يوم الثلاثاء بوهران خلال اليوم الثاني من اللقاء الدولي حول "الممارسات القمعية والسياسات الاستعمارية الفرنسية في الجزائر 1830-1962: التعذيب نموذجا". "كان رجال الشرطة الفرنسيين يتناوبون بلا كلل لتعذيبنا بأبشع طريقة ولكننا صمدنا" كما أبرز بتأثر محمد حمزة المدعو سي شرقي. وقد سجلت شهادة محمد حمزة أصيل منطقة غليزان البالغ من العمر حاليا 84 سنة من طرف الدكتور العايدية حمزة من جامعة وهران في إطار بحث أكاديمي حول التعذيب خلال الفترة الاستعمارية لا سيما إبان حرب التحرير الوطني. وفي شريط فيديو مدته ست دقائق يروي السجين السابق بسجن لامباز بين 1958 و 1962 الممارسات الوحشية التي تعرض إليها على يد الجلادين. "لقد تم تعذيبي بالكهرباء والماء ونكل بي بالزجاجة والاستحمام بالماء ب 100 درجة ناهيك عن الضرب المبرح الذي تعرضت إليه ورفاقي طوال عدة أيام" كما يقول السيد حمزة مشيرا إلى أن العزلة كانت أيضا شكلا من أشكال التعذيب التي استخدمها الجلادون. "بقيت لمدة سنتين وحدي في زنزانة بلامباز مفترشا الأرض وتعرضت يوميا إلى التعذيب على يد رجال الشرطة وحراس السجن" وفق نفس المتحدث الذي تطرق الى ظروف حبسه في سجن لامباز. "بعد توقيفي في 11 ديسمبر 1956 بحي مديوني بوهران قرب حي الحمري الذي كنت أقيم فيه حبست في السجن المدني لوهران أين قضيت سنتين. وعلى مدى عشرين يوما وإلى غاية محاكمتي حيث حكم علي بالإعدام لم يتوقف رجال الشرطة عن تعذيبي. كانت فرق تتناوب علي و على رفاقي في أي وقت ليلا ونهارا" يتذكر محمد حمزة. "لم أبح بأي كلمة لا أمام أولئك الذين عذبوني ولا أمام القاضي أثناء المحاكمة بل تعرضت للتعذيب في ذلك اليوم بين منتصف النهار والساعة الثانية بعد الظهر. كان قدمي متورما بسبب تلك الفظائع ولكنني صمدت" كما أضاف. وأشار الدكتور العايدية حمزة الى أن عقوبة سي شرقي الذي التحق بالثورة عام 1954 قد خفضت إلى السجن المؤبد وأفرج عنه في مايو 1962. نقلا عن فرانز فانون أبرز الدكتور غالي الغربي من جامعة المدية من جهته أن المستعمر الفرنسي في الجزائر قد استحدثت أساليب جديدة للتعذيب في الجزائر مضيفا أن التعذيب كان يستخدم كسلاح للرعب ضد المجاهدين والشعب الجزائري. وقد أظهرت الدراسات أن الجلادين كانوا مختلين ومصابين بأمراض عقلية كما أضاف المتدخل. "لم يرض الفرنسيين ب "ديان بيان فو" ثانية ولجئوا إلى أساليب جديدة للتعذيب لكسر إرادة ومقاومة الجزائريين" وفق المصدر ذاته الذي أشار إلى أن التعذيب في فرنسا بقي في سرية حيال الرأي العام الفرنسي حتى تم كشفها من طرف صحفيين ومثقفين فرنسيين. وأبرز المشاركون في اللقاء أن أشكال الممارسات القمعية للمستعمر بما في ذلك التعذيب قد ازدادت حدة وانتشارا وعنفا بشكل كبير إبان فترة حرب التحرير الوطني. وأشاروا الى أن 60 سنة بعد اندلاع الثورة التحريرية التي توجت باستعادة الاستقلال لاتزال مسألة التعذيب موضوع الساعة لا سيما في أوساط الرأي العام في كلا البلدين. وينتظم هذا اللقاء الدولي الذي يدوم يومين من طرف وزارة المجاهدين في اطار الاحتفال بالذكرى الستين لاندلاع الثورة التحريرية المظفرة وتظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015". وعند افتتاح الأشغال أمس أشار وزير المجاهدين الطيب زيتوني إلى ضرورة تسليط الضوء على تضحيات الشعب الجزائري والفظائع التي ارتكبها المستعمر الفرنسي منذ عام 1830.