تحشد المركزيات النقابية والتنظيمات العمالية بالمغرب قواعدها النضالية عشية اليوم العالمي للعمال, من خلال التعبئة الواسعة للمشاركة في الاحتجاجات والمسيرات الشعبية بمختلف القطاعات, في سياق يتسم بحالة احتقان غير مسبوقة ومؤشرات "تنذر بانفجار اجتماعي". وقبيل حلول اليوم العالمي للعمال, المصادف للفاتح مايو من كل عام, بعثت الأسر المغربية برسائل "مقلقة" حول قدرتها الشرائية في هذه الفترة من العام التي تشهد مفاوضات بين الحكومة والنقابات. ويظهر تقرير للمندوبية السامية للتخطيط, الذي يتناول الظرفية لدى الأسر المغربية, أن "حوالي 90% منها تؤكد تدهور مستوى المعيشة خلال ال12 شهرا السابقة, وهي وضعية تتوقع 53% من الأسر تواصلها في ال12 شهرا المقبلة, كما تتوقع ارتفاع معدل البطالة في ال12 شهرا المقبلة, وهو معدل قفز إلى 13.3% في العام الماضي". وصرحت 55.8% من الأسر -حسب الوثيقة- بأن مداخيلها بالكاد تغطي مصاريفها, في حين لجأت 42% من الأسر الى استنزاف مدخراتها أو الاقتراض, بينما لم يتجاوز معدل الأسر التي تمكنت من ادخار جزء من مداخيلها 2.2%. ويرى الرئيس السابق لاتحاد الجامعة المغربية للفلاحة (نقابة), محمد الهاكش, أن استمرار الأسر في الشكوى من تدهور وضعها المالي, "يجد مبرره في التكاليف الكبيرة في ظل تراجع الخدمات العمومية المرتبطة بالتعليم والصحة, كما أن تشاؤم الأسر بفعل الغلاء يعزى إلى التضخم التراكمي الذي تجاوز على مدى الثلاثة أعوام الأخيرة حوالي 13%". و ذكر بتأكيد اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمغرب على ضرورة استحضار السياق الوطني المتسم باستمرار الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة ومواصلة ضرب القدرة الشرائية, ما يفرض في تصوره (الاتحاد) زيادة جديدة في الأجور والمعاشات التي ظلت مجمدة لسنوات. وفي هذا السياق, وجه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية, نبيل بنعبد الله, انتقادات لاذعة للحكومة المخزنية, واصفا إياها ب"الضعيفة سياسيا والعاجزة عن التقاط نبض المغاربة", مشددا على أن المغرب بحاجة ماسة إلى "نهج إصلاحي حقيقي" يحتضن آمال وآلام المواطنين, غير أن الحكومة الحالية غائبة تماما عن هذا الرهان. و اعتبر السيد بنعبد الله أن الحكومة فشلت في تحقيق ما تقدمت به من وعود والتزامات أمام البرلمان والشعب المغربي وآخر همها هو تفعيل مضامين و روح الدستور. وتابع : "نحن أمام حكومة يغيب عنها الحس السياسي تماما و اخفت في عهدها النقاش العمومي", مضيفا بالقول: "يتعين أن نكون واعين تماما بهذا الوضع وما يحمله من مخاطر بالنسبة للحياة السياسية والديمقراطية للمغرب". وكان وفد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل قد احتج خلال الاجتماع الاخير للحوار الاجتماعي مع الحكومة حول طريقة تمرير القانون التنظيمي للإضراب و اعتبره "خارج منهجية التفاوض والتوافق", منتقدا ما أسماه ب"استفراد" الحكومة بالقرارات الاجتماعية. وشدد على أن الاحتجاجات ضد القانون "التكبيلي" للإضراب "لن تتوقف" لأنه "فاقد للشرعية". كما جددت الهيئة النقابية رفضها لأي إصلاح لأنظمة التقاعد يمس بالحقوق المكتسبة للطبقة العاملة, رافضة "أي سيناريو للإصلاح على حساب الأجراء". من جهتها, أكدت "الجبهة المغربية ضد قانوني الاضراب والتقاعد" على "ضرورة مواجهة المخططات الحكومية التي تستهدف بعدوانية غير مسبوقة عموم مكتسبات الطبقة العاملة", مجددة رفضها المطلق لما اعتبرته "قانونا رجعيا", و شددت على مواصلة معركة التصدي له بكافة الاشكال النضالية حتى اسقاطه. كما طالبت بجعل يوم الفاتح مايو لهذه السنة "يوما نضاليا بامتياز, يعطي نفسا جديدا للتصدي لقانون الإضراب المشؤوم على طريق إسقاطه, و ردم المخططات الجهنمية المستهدفة لأنظمة التقاعد وكافة القوانين والمخططات الرجعية الأخرى التي يراد تمريرها للإجهاز على ما تبقى من حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية".