احتضنت، مساء أمس، القاعة الصغيرة للمسرح الجهوي عبد المالك بوقرموح ببجاية عرض مونولوج بعنوان ''المايسترو'' من تقديم المسرحي الشاب بشير لعلالي، تناول فيه وضعية الفنان الجزائري والمشاكل التي يواجهها في ممارسة فنه، في ظل غياب شروط الدعم المادي والمعنوي، كما تطرق إلى عدة مشاكل يتخبط فيها الشباب الجزائري على غرار الحرقة والواقع السياسي المتعفن للبلاد· ئئاستمتع الجمهور البجاوي والضيوف الأجانب بمونولوج مسرحي لعلالي بشير الذي عرضه بطريقة هزلية وكوميدية استطاع من خلاله أن يجعل الحاضرين يضحكون من بداية العرض إلى نهايته· بدأت المسرحية التي أخرجها عمر فطموش، بدخول الفنان بشير إلى خشبة المسرح محملا بصندوق الموتى داخله آلة الكمان من الحجم الكبير، ونظرا لحبه الكبير للفن والموسيقى وحلمه أن يصبح يوما أكبر وأشهر فنان وموسيقار في العالم، لكنه اصطدم بالواقع المر في ظل غياب الإمكانات المادية والمعنوية، حيث عجز حتى عن إيجاد خيوط لآلته الموسيقية· وقصد تحسين وتنمية مستواه الفني أجرى مسابقة للانضمام إلى المعهد التعليم والتكوين، حيث نجح بامتياز، واستطاع أن يبرهن على قدراته وموهبته الموسيقية، وبعد تخرجه اصطدم بمشكل آخر وهو غياب الشغل، ولم يجد أمامه أي حل إلا ''الحرقة'' للذهاب إلى ما وراء البحر بحثا عن مستقبل أفضل، وظهر في مشهد أنه مولع بالواقع الاجتماعي الفرنسي، حيث استطاع في ظرف وجيز أن يحصل على منصب شغل مؤقت كعازف على آلة الكمان داخل حانة تتواجد في إحدى شوارع بارباس الفرنسية، وفي هذا المشهد أظهر الفنان الصورة الحقيقية لمعظم المهاجرين الجزائريين الذين يفعلون كل ما بوسعهم للهجرة وعندما يصلون إلى أوروبا يعيشون في الذل والظلم والمعاناة، وكانت صورته هو كفنان يعزف في حانة ويتم تقديم له المال من طرف الزبائن، وحالته تشبه حالة المتسول، وفي المساء ونظرا لخيبة آمله ينفق المال في الخمر والكحول، وبعد فترة تفطن أن مستقبله ضيق وغير مضمون بفرنسا وقرر أن يجمع المال والعودة إلى البلاد، حيث استطاع أن يجمع المال واشترى آلة الكمان بالحجم الكبيرة من فرنسا· وقصد تجنبه دفع تكاليف الجمركة وجد حيلة، وهي إدخال الآلة الموسيقية داخل صندوق الموتى، وفي هذا المشهد أظهر الفنان طريقة تعامل أعوان الجمارك الفرنسيين مع المسافرين وذلك باحترام ولطف، وقارنها بأعوان الجمارك الجزائريين الذين يلعبون الحيل لكسب ''التشيبة'' بالعملة الصعبة· وفي مشهد آخر، اصطدم الفنان الذي عاد إلى بلده برد فعل عائلته وجيرانه من الصندوق، ولم يجد أي وسيلة لإخفاء ما بداخله، إلا اعتبار أن زوجته الفرنسية هي من توفيت ويرغب في دفنها في الجزائر، مظهرا التفكير للجزائريين في هذا الشأن، لاسيما منهم الملتزمين والسلفيين الذين يرفضون الصلاة لغير المسلمة· الفنان الذي ظن أنه وجد الحل لمشكله، اصطدم بإنفاق كل الأموال التي جاء بها من فرنسا في مراسيم الجنازة، وبعد ثلاثة أيام من دفن الآلة الموسيقية قام بإخراجها، وأخذها إلى قبو في إحدى شوارع العاصمة، ليقوم بتمارينه الموسيقية· ومجددا احتاج إلى خيط لآلته، وخرج للبحث عنه في كل المحلات ولم يجده، وقد أوقفه رجال الشرطة بتهمة استغلال الشعب لأغراض سياسية، وتم نقله إلى مركز الأمن واستجوابه، لكن الضغوطات الممارسة عليه دفعته للحلم في السياسة وأن يصبح رئيسا البلاد لكسب مال، وقرر أن يلغي كل الوزارات ويقوم بتنصيب ثلاثة وزراء فقط وهي وزارة الكحول ووزارة المخدرات ووزارة النساء، حيث أراد أن يجعل الشعب فاقدا لوعيه وأن لا يتدخل في طريقة تسيير البلاد، وقال في هذا الصدد ''الشعب نردو مزطول ومخمور هكذا ميديرونجينيش''، لكن فجأة عاد إلى وعيه كفنان ورفض أن يدخل عالم السياسة· وفي المشد الأخير، تعمد الفنان إظهار شريط بالجهاز لإسقاط صور الفنانين الجزائريين من الجيل القديم والجيل الجديد، من المتوفين والأحياء، كإشارة منه إلى الوضعية المزرية التي يعيشها الفنان الجزائري، وأنهى العرض المسرحي بعبارة ''الفنان نور يضوي الناس والفن يسكن في الوجدان''·