وفجأة سأل بومدين بن بلة ''حدّثني يا حميمد عن حال الفن في الجزائر··· ألازال رابح درياسة على قيد الحياة؟! تصور يا حميمد خويا، كم كنت أحب هذا الفنان الرائع الذي رافق ثورتنا في البناء والتشييد بكل حب ووفاء···؟! إني لازلت أتذكر، أغنياته، حول هاك المفتاح يا فلاح··· نجمة قطبية، ووردة بيضا في العلالي'' وهناك ابتسم بن بلة وقال ''لا·· لا·· السيد درياسة أصبح من الماضي·· الكبار فقط يتذكرونه·· أما الشباب فهم مولعون بالراي والفناوي'' وهنا فتح بومدين عينيه وقال ''الراي؟! ماذا تقصد بالراي··'' قال له بن بلة·· ''الراي عبارة عن موسيقى خفيفة، يعشقها الشبان والشابات·· ولم تبق موسيقى محلية، بل أصبحت موسيقى عالمية، تجاوزت حدود الجزائر لتصل إلى فرنسا، وإلى كل العالم··'' قال بومدين·· ومن صاحب هذه الأغنية؟!·· قال بن بلة ''يمثل هذه الأغنية عدد من الوجوه الشبانية، مثل الشاب خالد، والزهوانية، وفضيلة وحسني، وبلال، وغيرهم كثير، كثير···'' قال بومدين، ''وماذا تشبه هذه الأغنية، هل ممكن أن تغني لي شيئا منها··· فراح بن بلة يغني أغنية مشهورة لخالد·· وعندها راح بومدين يحرك رأسه، وشيئا فشيئا وقف وهو يرقص بشكل أثار ضحك بن بلة·· توقف بومدين، وهو يكاد يحمر من الخجل، ثم قال ''لماذا!؟ لماذا تضحك يا حميمد··؟! ألا تعرف أنني لا أجيد الرقص، وخاصة الرقص المتعلق بهذا النوع من الغناء·· قال بن بلة ''لا·· لا·· والله العظيم، أنا لا أضحك عليك·· بل أعجبت بحركاتك، ولكنني قلت في نفسي، كيف لبومدين المعروف عنه البرودة وعدم العاطفة، أن يرقص هكذا، وبدون عقدة'' قال بومدين ''لقد حمّلت نفسي ما لا تطيق عندما كنت حيا، ولقد ندمت كثيرا، لأنني لم أستفد من حياتي·· وكنت أظن أن الرجل المتجهم هو من يحظى بالإحترام·· لكني علمت فيما بعد كم كنت مخطئا يا حميمد···''·