لم يسبق في تاريخ الجزائر، أن تعرض مبنى رسمي لعملية سرقة وتعدي مثلما وقع، صبيحة أول أمس، في حي المعدومين ب “الرويسو"، بالجزائر العاصمة. فالتحقيقات الأولية حول سرقة مجلس قضاء الجزائر، فجر أول أمس، تكشف الانتهاكات الجسيمة للقواعد الابتدائية للأمن. واستنادا إلى مصادر جد مطلعة، فإن مديرية الأمن الوطني طالبت باتخاذ إجراءات إدارية صارمة ضد أعوان الأمن المكلفين بحراسة القطب القضائي، وذلك بتهمة الإهمال، كما قامت في الوقت نفسه بفتح تحقيق إداري وقضائي معمق من أجل معرفة ملبسات الحادثة، بهدف الوصول إلى تحديد هوية المتورطين، حول ما إذا كان هناك تواطؤ من أعوان الأمن معهم من عدمه، وأضاف مصدرنا، أن “المجموعة أو الشخص الذي استطاع التسلل بنجاح إلى داخل مجلس القضاء دون أن يلفت انتباه أحد، رغم الطوق الأمني الشديد المضروب على المكان، قد يكون وبلا شك، استفاد من معلومات دقيقة بتواطؤ مع أحد رجال الأمن". وفي السياق نفسه، ذكر مصدرنا أن عملية التحقيق في مثل هذه الحالات، جد معقدة، وذلك لعاملين رئيسيين، يكمن أولهما في أن القطب القضائي يشهد حراسة ثنائية مشتركة بين أعوان الشرطة المكلفين بالمراقبة الخارجية للمبنى، في حين يتولى أعوان الأمن التابعين إلى وزارة العدل توفير الأمن بالمرافق الداخلية للمجلس. أما العامل الثاني الذي سيكون -بحسبه- بمثابة “عائق" في عملية التحقيق، يتمثل في عدد الشهود الذين سيتم استجوابهم، ويؤكد محدثنا، أن في مثل هذه القضايا كل الموظفين هم شهود، كما يمكن اعتبارهم، في الوقت ذاته، كمتورطين ولديهم ضلوع فيها. من ناحية أخرى وبالعودة إلى تفاصيل الحادثة، أكد مصدرنا، على أن قاضي المداومة بالمجلس هو من اكتشف عملية السرقة بعدما قدم إلى مكتبه ووجد بابه مفتوحا، ليتم بعدها إصدار تعليمة تقضي بمنع كل الأشخاص من مغادرة المجلس أو السماح لآخرين بولوجه و«هي الأمور التي توحي بوجود أشخاص متواطئين من داخل القطب القضائي وكذا من الخارج على حد سواء. الوضع الذي سيجعل المكلفين بالتحقيق ملزمين بأخذ كل الفرضيات بعين الاعتبار من أجل معرفة هوية الفاعل، مع إخضاع الجميع إلى عملية استجواب بما فيهم القضاة. من جهة مقابلة، أكد مصدر آخر، رفض الكشف عن هويته، بأن الوسيلة الوحيدة للوصول إلى معرفة العناصر المتورطة في القضية تكمن في استغلال ما تم تسجيله من طرف كاميرات المراقبة، التي تبقى الوحيدة القادرة على كشف تفاصيل ذات أهمية بالغة في القضية. وفي هذا الصدد يقول محامٍ “إنهم جاهزون لكل شيء من أجل عرقلة عمل العدالة، إنه أمر خطير وغير مقبول". ويقول قاضٍ، رفض الكشف عن هويته، أن “الذين خططوا لهذا الفعل أثبتوا قوتهم وإمكانيتهم لإنقاذ أنفسهم ومصالحهم". وفي رده عن سؤال حول هوية وطبيعة الملفات التي يمكن أن تكون قد سرقت، قال محدثنا “لا أعرف، اتصلت بزميل وأكد لي أن بعض المكاتب منها مكتب أمين ضبط هي المستهدفة"، مضيفا “هؤلاء الأشخاص يعرفون ما يرغبون في أخذه، أما عن القضايا المبرمجة في الدورة الجنائية المقبلة، فقد أدرجت عدة قضايا متعلقة بالفساد والإرهاب وقضايا الاعتداء الجنسي ضد الأطفال". وفي إطار التحقيقات في هذه الحادثة كان، أمس، المحققون في مكان وقوع السرقة، كما حاولنا الاتصال بمديرية الاتصال التابعة لوزارة العدل لمعرفة الموقف الرسمي في هذه القضية ولم يتمكن المكلف باستقبال المكلمات من إيجاد أي مسؤول بالوزارة “آسف سيدي، الهاتف يرن ولا أحد يرد على الاتصال". هذا وفي منتصف نهار، أمس، لم نلمس أي حركة غير عادية، تشير إلى أن إحدى أكبر بنايات قطاع العدالة الجزائرية كانت ضحية عملية اقتحام. زين الدين ياسين/ ترجمة: سمير لكريب