يبدو أن التدخل الخارجي الذي أغرق ليبيا في حالة الفوضى ثم اللادولة هو نفسه من يعطل اليوم حل المعضلة الليبية التي توشك على إنهاء عامها السابع و لا حل في الأفق بعد ؟ تحولت ليبيا منذ 2011 إلى حلبة لصراع أطراف خارجية يبحث كل واحد منها عن صيغة لشرعنة حضوره في المشهد و تنصيب نفسه وصيا على شعب أصبح الغائب المغيّب عن قضية تخصه هو بالدرجة الأولى ؟ و لكن يبدو أن هذا الشعب الذي غيّب لأربعة عقود من قبل القذافي و نظامه كما تزعم الأطراف التي أسقطت العقيد و ادعت أنها ستعيد السيادة و الكلمة له لم تترك لهذا الأخير أكثر من الحلم في البقاء على قيد الحياة ؟ و تبيّن الثابت الوحيد في كل ما حصل هو حماية مصالحها و الشعب الليبي إلى الجحيم . صراع الأجندات و المشاريع مازال سيد الموقف في هذا البلد الغني بنفطه على الجهة المقابلة لأوربا في الضفة الجنوبية من المتوسط ، نفط يزداد بحجم تدفقه تدفق لعاب الافتراس و السعي للسيطرة على آبار المصل الأسود للاقتصاد العالمي الذي تمتلك منه ليبيا الكثير و كان معه الرهان أكبر ؟ و ههو الصراع بين فرنسا و ايطاليا يتسرب من الكواليس و الدهاليز ليطفو إلى السطح و ههي روما تسند ظهرها بواشنطن لإبعاد باريس و إجهاض مبادراتها العقيمة أصلا و ذلك وفق منطق مناطق النفوذ التقليدية الذي تعتبر نفسها بموجبه الأولى بالملف الليبي و ترفض وفقه دائما ترك الكعكة لباريس ، المحرّض الرئيسي على العدوان العسكري على ليبيا سنة 2011 و التي تواصل مساعيها للحصول على حصة الأسد لجني أرباح استثمارها الحربي في ليبيا ؟ أما الأطراف الأخرى أو الصف الثاني من المتدخلين في المشهد الليبي فلديها حسابات و أجندات تدخرها هي الأخرى للشعب الليبي للمساهمة في إطالة مأساته المزمنة أصلا ؟ دول الجوار لا يراد لجهودها أن ترى النور رغم أنها المعنية مباشرة بالأزمة لأنها تشكل تهديدا مباشرا على أمنها و استقرارها و بالتالي ليس من مصلحتها إطالة عمر الأزمة على عكس المستفيدين من الوضع للاستمرار في نهب خيرات الشعب الليبي في غمرة انشغاله بالبقاء حيا . لم يعد خفيا أن التحريض ضد الجزائر في بداية الأزمة كان الهدف من ورائه تحييدها و كتم صوتها لتمرير الخيار الأسوأ و هو التدخل عسكريا الذي يجني أشواكه الجميع و من هذا المنطلق تتمسك الجزائر برفض تكرار هذا السيناريو الأسوأ الذي من شأنه أن يقضي و بشكل نهائي على أي أمل في حل الأزمة الليبية لأنه من غير المنطقي البحث عن دواء في مسببات الداء بينما لا يمكن للحل الا من ينبع من الداخل الليبي ما عدا ذلك كل السيناريوهات الأخرى ستولد ميتة ؟ !