تدخل أغلب القطاعات الإدارية والمرافق العمومية لولاية بومرداس في هذه الفترة من الصيف مرحلة الركود وتراجع النشاط المعهود نتيجة العطل السنوية، حيث يفضّل الموظفون والعمال الإداريون الاستفادة من عطلة سنوية مبرمجة، خاصة وأنّ الإحصاءات المقدمة في هذا الشأن أظهرت أنّ أكثر من 90 بالمائة من الموظفين يفضّلون شهري جويلية وأوت للراحة، وذلك راجع لعدة اعتبارات منها تزامنها والعطلة المدرسية للتلاميذ، وهو ما يعني استغلال المناسبة من قبل العائلات للسفر والسياحة سواء الداخلية أو الخارجية بهدف التمتع بموسم الاصطياف أحيانا يكون على حساب مصلحة المواطن ولو بطريقة غير مباشرة. القضية وإن اعتبرها عدد من الموظفين بمختلف الإدارات المحلية حقا مشروعا يكفله قانون الوظيف العمومي بناء على عدة مراسلات في هذا الشأن من الوزارات الوصية، تشير بوضوح إلى هذا الحق المهني منها على سبيل المثال مراسلة وزارة التربية الوطنية إلى كل مديرياتها عبر الوطن تحدد بالتفصيل فترة العطل السنوية للموظفين المفتوحة بداية من شهر جوان إلى غاية شهر ديسمبر من كل سنة، إلاّ أنّ العملية في حد ذاتها لا تمرّ دون أن تترك هواجس ونتائج عكسية على مصالح المواطنين في ضمان استمرار الخدمة العمومية في حالة لم تقم هذه الهيئات والإدارات بتسطير رزنامة متوازنة للعطل السنوية لتجنب أي خلل قد يحدث في القطاع، خاصة وأنّ المواطن أحيانا لا يستسيغ بسهولة هضم هذه المبررات المقدمة على مستوى بعض المرافق العمومية من قبل الحارس في أغلب الأحيان، الذي يجيبه بتعذر تقديم الخدمة نظرا لغياب المدير أو المسؤول المكلف بالإمضاء على الوثائق الرسمية المتواجد في عطلة، وهي عبارات أصبحت تردد بكثرة هذه الأيام، وحفظها المواطن على ظهر قلب وبالخصوص في عدد من القطاعات الحساسة في المجتمع كالصحة، الإدارة المحلية ومنها الدائرة، البلدية وبعض المديريات الهامة ومؤسسات أخرى حيوية كالمحكمة وهي مرافق حيوية مطالبة وملزمة وفق شروط وقوانين العمل أن تضمن استمرار أداء الخدمة العمومية انطلاقا من واجب أدني الخدمات المحفوظة للمواطن، والمعمول بها في مثل هذه الحالات والظروف الاستثنائية من أجل تجاوز عقبة حرمان المواطن من حقوقه الإدارية، واستخراج وثائقه الإدارية الرسمية التي يرغب فيها، وبالخصوص منها التي يكثر عليها الطلب هذه الأيام بعد ظهور نتائج امتحانات شهادة البكالوريا والمتوسط وحتى الابتدائي، حيث يجد التلاميذ والطلبة أنفسهم في مأزق ويصطدمون بشبابيك فارغة أحيانا وطوابير لا متناهية لاستخراج مختلف الشهادات والتصديق عليها مثلما هو عليه الحال في عدد من البلديات التي تعاني ضغطا كبيرا هذه الأيام بولاية بومرداس كبلدية دلس مثلا التي تشهد اكتظاظا كبيرا أمام كثرة الطلبات من المواطنين والناجحين على وجه الخصوص الراغبين في إتمام ملفاتهم المتعلقة بالتسجيل المدرسي والجامعي. وكل هذه الحالة راجعة بحسب مصادر إدارية محلية إلى نقص عدد الشبابيك وملاحق الحالات المدنية بالأحياء والتجمعات السكنية الكبرى، وجزء من المشكلة أيضا مرتبط بخلل العطلة الصيفية للموظفين، ولذلك يتم الاستنجاد في بعض الأحيان بموظفين من أصحاب عقود ما قبل التشغيل لا يملكون تجربة كافية لتغطية العجز دون مراعاة النتائج الوخيمة الناجمة عن الأخطاء في الوثائق الرسمية التي تدفعهم إلى المحكمة. كما يشتكي قطاع الصحة أيضا من هذه المشكلة، حيث ندّد العديد من المرضى بحرمانهم من مواعيد صحية هامة كإجراء عمليات جراحية مستعجلة نتيجة غياب الطبيب المختص، إلى درجة أن أصبحت كلمة موجود في عطلة تثير اشمئزاز المرضى إلى غير ذلك من الأمثلة اليومية التي اشتكى منها المواطنون بسبب هذا الخلل الناجم عن العطل الصيفية، ومنها استخراج جوازات السفر التي يزداد عليها الطلب صيفا، حيث تبقى لأيام في الأدراج بسبب غياب المسؤول المكلف بالإمضاء. ونحن بصدد إعداد ملف هذا الأسبوع اتصل بنا مواطنون من بلدية دلس استفادوا من قرارات إعانة من قبل الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية”fnpos” المتواجد مقره الجهوي بولاية تيزي وزو، بهدف الاستفسار عن مصير هذه الإعانة التي أبلغوا عنها بناء على قرار اللجنة الولائية، في انتظار التأشير عليها والمصادقة من قبل المديرية العامة للصندوق الموجود بحي قاريدي بالقبة، حيث عبّروا صراحة عن تخوّفهم من تعطّل مصالحهم خلال هذه الفترة من الصيف في ظل ضغط المرقي على المستفيدين من مشروع 89 سكن بحي المجني، الذي ربط عملية تسليم المشروع بتسوية قضية الإعانة سريعا، وإلاّ اضطروا لدفع المبلغ المقدّر ب 50 مليون سنتيم، ما جعلهم يتّصلون بمختلف الجهات للإسراع في معالجة قضيتهم. والأمثلة على ذلك كثيرة في هذا الشأن، الأمر الذي يتطلب من مختلف المصالح الإدارية تسطير برامج متوازنة للعطل السنوية، تراعي فيها حقوق الموظف وحق المواطن في الخدمة العمومية.