عاد الهدوء الحذر، أمس، إلى مختلف المدن الليبية بعد مظاهرات ليلية خرجت، مساء الجمعة، في غرب وجنوب البلاد تطالب برحيل الأجسام السياسية الموجودة في البلاد، وخروج المرتزقة وتحسين الوضع المعيشي. شهدت مدن ليبية عدة مساء الجمعة، احتجاجات غاضبة عبرت عن رفضها للمرتزقة والفصائل المسلحة وتناحر السياسيين والوضع المعيشي القائم. واقتحم متظاهرون في وقت متأخر من أمس الأول مقر البرلمان في طبرق بشرق ليبيا احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية، والأزمة السياسية غداة انتهاء جولة مفاوضات جديدة بين المعسكرين المتنازعين من دون التوصل إلى اتفاق. واتسعت رقعة التظاهرات في ليبيا لتشمل العاصمة وعدد من المدن الرئيسية.في السياق، طالبت البعثة الأممية في ليبيا، أمس، بأهمية ضبط النفس بعد اندلاع أعمال عنف رافقت التظاهرات في عدة مدن ليبية.وقالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني ويليامز، في تغريدة على "تويتر": "ينبغي احترام وحماية حق الشعب في الاحتجاج السلمي، لكن أعمال الشغب والتخريب كاقتحام مقر مجلس النواب في وقت متأخر الجمعة في طبرق غير مقبولة على الإطلاق. من الضروري للغاية الحفاظ على الهدوء وتعامل القيادة الليبية بمسؤولية تجاه الاحتجاجات وممارسة الجميع لضبط النفس". وقبلها، أصدر المجلس الرئاسي الليبي بياناً، فجر أمس السبت، أكّد فيه متابعته للأحداث الأخيرة على كامل التراب الليبي، وأن المجلس في حالة انعقاد مستمر ودائم حتى تتحقق إرادة الليبيين في التغيير وإنتاجِ سلطة منتخبة. حقّ التّظاهر لا حقّ التّخريب المجلس أكّد أنه لن يخيّب آمال وإرادةَ الشعب في العيش في دولة تنعم بالأمن والاستقرار الدائم.من جانبه، أكّد مجلس النواب الليبي على حق المواطنين في التظاهر السلمي، والتعبير عن رأيهم بحسب بيان لرئاسة مجلس النواب. البيان أوضح أن رئاسة المجلس تقدر حجم المعاناة التي يعيشها المواطن في حياته اليومية، وحقَه المشروع في المطالبة بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وأضاف البيان، أنه في الوقت الذي تؤكد رئاسة البرلمان على حق المواطنين في التظاهر السلمي، فإنها تدين بشدة قيام البعض بأعمالِ التخريب وحرقِ مقار الدولة والعبثِ بمقدرات الشعب الليبي، وذلك باعتبارها جرائم يعاقب عليها القانون. الدبيبة يستعجل الانتخابات من جهته، أعرب رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في ليبيا عبد الحميد الدبيبة عن دعمه للمتظاهرين وموافقته على رحيل جميع المؤسسات بما في ذلك الحكومة. وخلص الدبيبة إلى القول إن الانتخابات هي الحل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا. وشهدت مدن ليبية عدة، مساء الجمعة، احتجاجات غاضبة عبّرت عن رفضها للمرتزقة والفصائل المسلحة وتناحر السياسيين والوضع المعيشي القائم. وفيما اقتحم محتجون مبنى البرلمان في مدينة طبرق شرق البلاد، نظّم آخرون غرب البلاد أكبر مظاهرة منذ سنوات في العاصمة طرابلس.كما اندلعت احتجاجات أخرى شارك فيها عشرات المتظاهرين في كلٍ من بنغازي والبيضاء ومصراتة، وتواصلت ليلا في أجدابيا ومسلاتة وبدر وسلوق. المظاهرات وإن تباعدت جغرافيا فقد وحّدتها الشعارات التي اتهمت المسؤولين بالخيانة وسرقة المال العام، داعية إلى إجراء الانتخابات.كما طالب المتظاهرون بسقوط كل الحكومات والكيانات السياسية بسبب تدني مستويات معيشتهم.وتتنافس حكومتان على السلطة منذ مارس، واحدة مقرها طرابلس غرب البلاد، ويقودها عبد الحميد الدبيبة منذ عام 2021 والأخرى بقيادة فتحي باشاغا ويدعمها برلمان طبرق. وكان من المقرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر 2021 في ليبيا تتويجاً لعملية السلام التي ترعاها الأممالمتحدة بعد أعمال العنف عام 2020، لكنها أُرجئت إلى أجل غير مسمى بسبب الخلافات العميقة بين الخصوم السياسيين والتوترات على الأرض. البعثة الأوروبية تدعو إلى ضبط النّفس أكّد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، خوسيه ساباديل، ضرورة ضبط النفس بشكل خاص في ضوء الوضع الهش في ليبيا. وأضاف ساباديل، في تغريدة له بموقع "تويتر" "نحن نتابع عن كثب الأحداث في جميع أنحاء ليبيا"، وبين أن الناس تريد "التغيير من خلال الانتخابات، ويجب أن تسمع أصواتهم، لكن يجب أن تتم الاحتجاجات بشكل سلمي وتجنب أي نوع من العنف". وعاد الهدوء الحذر إلى مختلف المدن الليبية.