شركة بريطانية تتهم المغرب بالاستيلاء على مشروع قيمته 2.2 مليار دولار وتجره للعدالة    ربيقة يلتقي بمدينة "هوشي منه" بنجل الزعيم الفيتنامي فو نجوين جياب    انعدام الأمن في فرنسا: تزايد الدعوات المطالبة باستقالة وزير الداخلية    رئيس الجمهورية يهنئ سيدات نادي شبيبة القبائل عقب تتويجهن بكأس الجزائر لكرة القدم    جيش التحرير الصحراوي يستهدف مواقع جنود الاحتلال المغربي بقطاع البكاري    مراد يشيد بالجهود المبذولة في سبيل تطوير مختلف الرياضات بالجزائر    أضاحي العيد المستوردة: انطلاق عملية البيع الأسبوع المقبل عبر كافة الولايات    الرابطة الأولى "موبيليس": انطلاق موسم 2025-2026 يوم 21 أغسطس 2025    المعرض العالمي بأوساكا باليابان: الرقص الفلكلوري الجزائري يستقطب اهتمام الزوار    غلق طريقين بالعاصمة لمدة ليلتين    حجز 4 قناطير من الموز موجهة للمضاربة في تلمسان    وزير النقل يترأس اجتماعًا لتحديث مطار الجزائر الدولي: نحو عصرنة شاملة ورفع جودة الخدمات    افتتاح الطبعة الرابعة لصالون البصريات و النظارات للغرب بمشاركة 50 عارضا    صدور المرسوم الرئاسي المحدد للقانون الأساسي لسلطة ضبط الصحافة المكتوبة والإلكترونية    اليوم العالمي للشغل: تنظيم تظاهرات مختلفة بولايات الوسط    خمس سنوات تمر على رحيل الفنان إيدير بعد مسيرة حافلة دامت قرابة النصف قرن    البروفيسور مراد كواشي: قرارات تاريخية عززت المكاسب الاجتماعية للطبقة العاملة في الجزائر    إعفاء البضائع المستعملة المستوردة المملوكة للدولة من الرسوم والحقوق الجمركية    اليوم العالمي للعمال: المكتب الإعلامي في غزة يطلق دعوة لوقف الإبادة الجماعية وحماية حقوق العمال الفلسطينيين    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    الكشافة الإسلامية الجزائرية : انطلاق الطبعة الثانية لدورة تدريب القادة الشباب    حملاوي تستقبل وفدا عن المنظمة الجزائرية للبيئة والتنمية والمواطنة    يامال يتأهب لتحطيم رقم ميسي    عميد جامع الجزائر يُحاضر في أكسفورد    البنك الإسلامي للتنمية يستعرض فرص الاستثمار    العاب القوى: انطلاق النسخة ال24 من البطولة العربية بوهران    الجزائر تحتضن المؤتمر ال38 للاتحاد البرلماني العربي يومي 3 و 4 مايو    رئيس الجمهورية يوجه رسالة للعمال بمناسبة اليوم العالمي للشغل    اتحاد العاصمة ينهي تعاقده مع المدرب ماركوس باكيتا بالتراضي    وزير المجاهدين يمثل الجزائر في فيتنام ويؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين    باخرة محملة ب12 ألف رأس غنم ترسو بميناء تنس في إطار برنامج استيراد أضاحي العيد    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    خدمة الانترنت بالجزائر لم تشهد أي حادث انقطاع    إدانة شخص بسبع سنوات حبسا نافذا بسوق أهراس    إسبانيا "محطة هامة" في مسيرة الحرية    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    الاختراق الصهيوني يهدّد مستقبل البلاد    وزير الاتصال يعزّي عائلة وزملاء الفقيد    جاهزية قتالية وتحكّم تام في منظومات الأسلحة الحديثة    رئيس الجمهورية يتلقى دعوة لحضور القمّة العربية ببغداد    الحصار على غزة سلاح حرب للكيان الصهيوني    المتطرّف روتايو يغذي الإسلاموفوبيا    هدفنا التتويج ب"الشان" والتألق في قطر    قافلة للوقاية من حرائق الغابات والمحاصيل الزراعية    انطلاق بيع تذاكر لقاء "الخضر" والسويد    إبراز أهمية تعزيز التعاون بين الباحثين والمختصين    عمورة محل أطماع أندية إنجليزية    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    شاهد حيّ على أثر التاريخ والأزمان    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحديات أمنية وانتكاسة سياسية
عامُ ُ على الانسحاب الأمريكي من العراق
نشر في الشعب يوم 25 - 12 - 2012

في خضم تزاحم الأحداث التي يعرفها العالم العربي، تدحرج الوضع العراقي إلى مؤخرة المشهد الاعلامي على الرغم مما يعيشه الشعب والدولة هناك من تداعيات وتحديات خطيرة وصعبة لمخلفات ما يقارب العقد من الاحتلال على المستوى الزمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، والذي بات ينذر بانفجار كبير بفعل الأزمات المتتالية التي تعصف به.وفي الذكرى الأولى لانسحاب قوات الاحتلال الأمريكي التي صادفت الثلاثاء الماضي يحق لنا وقد تتبعنا مسيرة بلاد الرافدين طيلة سنوات الجمر والنار، أن نقف عند حصيلة سنة من الحرية، دفع العراقيون ولازالوا ثمنها غالبا من أرواحهم التي “سرق" منها الاحتلال وما أنتجه من إرهاب وتدمير للذات مئات الآلاف من الضحايا والمصابين والثكلى والأرامل واليتامى والفقراء، دون الحديث عن نسف وحدة الشعب بمعول الطائفية المسموم وتهديم أسس الاقتصاد والبنى التحتية وزرع بذور الفتنة التي تكبح إلى الآن عملية إعادة البناء.
مرّ عام على خروج القوات الأمريكية، لكن العراق مازال يتخبط في الآفات والأزمات التي صنعها الاحتلال وزبائنيته وتركها وراءه، ويحصي خسائر عشرية من المدار ويحاول جاهدا اتخاذ زمام المبادرة لإطلاق عملية اعادة البناء التي تبدو صعبة وشاقة ومكلفة، خاصة وأن المسؤولين هناك مشغولون بخلافاتهم واختلافاتهم التي تتصاعد وتتسع وتزيد من حالة الارباك على المشهد السياسي وتلقي بظلالها القاتمة على حياة المواطن العراقي البسيط الذي يتطلع إلى جني ثمار الحرية بعد أن دفع ثمنها غاليا.
ألغام الاحتلال تتفجّر
لقد توقع المراقبون كما كتب أحدهم وهو يقف على انجازات العراق بعد عام من خروج الاحتلال أن تواجه بلاد الرافدين انتكاسة أمنية تعيد صور المجازر والقتل والدمار التي كانت سائدة خاصة خلال فترة العنف الطائفي مابين 2005 و2007، لكن الذي حدث أن التحدي الزمني انحسر بعض الشيء وتقلصت مساحة العنف دون أن تختفي طبعا، وفي المقابل تفاقمت المشاكل والأزمات التي نشبت ولازالت بين السياسيين وأدخلت العراق في حالة من الفوضى والصراع على المناصب والمواقع، واتخذ هذا الصراع طابعا طائفيا خطيرا أصبح يهدّد العملية السياسية وينذر بانقسامات واسعة تمتد من السلطة إلى القاعدة.
لقد توقّع المراقبون أن تأتي مشاكل العراق الحر فقط من المجموعات المسلحة التي تزرع الموت والدمار، ولم يكن يراود أحدا أن أكبر التحديات سيصنعها السياسيون بصراعهم على المناصب وولاءات بعضهم للخارج وطغيان حساباتهم الطائفية على مسؤولياتهم الوطنية، وقد برزت أول أزمة سياسية خانقة مازالت ارهاصاتها تتفاعل إلى الآن بعد يوم واحد من رحيل الاحتلال، بين رئيس الحكومة نوري المالكي، والقائمة “العراقية" التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، نتيجة مداهمة مكتب نائب الرئيس طارق الهاشمي وهو قيادي في “العراقية" واعتقال مجموعة مرافقيه قبل إصدار مذكرة اعتقال في حقه بتهم ارهابية ولجوئه إلى كردستان العراق، مما صعّد الأزمة ووسعها لتشمل الأكراد والمالكي على خلفية استضافة مسعود بارزاني للهاشمي ورفض تسليمه، ثم لجأ هذا الأخير إلى تركيا وتمت محاكمته غيابيا وصدر في حقّه عدة أحكام بالإعدام.
ومثلما عكّرت قضية الهاشمي صفو العلاقة بين الأكراد ورئيس الوزراء المحسوب على إيران، فإنها خلقت حالة من العداء بين هذا الأخير وأنقرة وأنتجت شرخا طائفيا كبيرا في أوساط الشعب العراقي إلى درجة أن بعض فئاته أعلنت العصيان المدني في بعض المحافظات احتجاجا على ما تسميه النهج الطائفي والاقصائي الذي تمارسه حكومة المالكي ضد أهل السنّة، خاصة بعد ظهور أزمة وزير المالية العيساوي.
الشّرخ الطائفي
أزمة طارق الهاشمي وما ترتّب عنها من تصدعات أصابت علاقة المالكي بالأكراد في مفصل، وأججت مشاكل كانت “راكدة" بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان، سواء تعلق الأمر بقانون النفظ والغاز أو “البيشمركة" أو حصة الإقليم من الموازنة العامة أو المناطق المتنازع عليها والتي أدّت بالجانبين إلى إرسال تعزيزات عسكرية إلى تلك المناطق، ما حبس الأنفاس خشية حدوث مواجهات عسكرية بين الجانبين. ودون أن تهدأ حدة التصعيد والتهديد بين الأكراد والمالكي، نشبت أزمة سياسية مشابهة مازالت فصولها لم تكتمل وارهاصاتها تنذر بحدوث فتنة طائفية تنسف التحالف الوطني الهش، وتدخل أطياف الشعب العراقي في حالة من الانقسام والصراع المدمّر، خاصة وأن بعض المناطق أعلنت العصيان المدني وتطالب بسحب الثقة من رئيس الوزراء.
وبدأت فصول الأزمة الجديدة الخميس الماضي عندما داهمت قوة عسكرية يقال إنها تابعة للمالكي مكتب وزير المالية رافع العيساوي المنتمي مثل طارق الهاشمي للقائمة “العراقية" السنّية واعتقلت عددا من أفراد حمايته، واتهمتهم بالتطور في عمليات ارهابية، كما اتهمت الوزير العيساوي بإصدار تصريحات ضد الجيش والشرطة والحكومة ووصفه لها بأنها مليشيات.
فصول الأزمة كما قلت في بدايتها، وهي مقبلة على إحداث زلزال سياسي قوي يهدّد حكومة المالكي التي يصفها خصومه السياسيين بأنها طائفية واقصائية وتعمل على تطبيق أجندة دولة اقليمية متنفذة في مفاصل الدولة العراقية الجديدة..
المخلّفات والتحديات
مرّ عام على خروج الاحتلال من العراق، وهو بعمر الزمن، فترة قصيرة لا تمسح بتجاوز كل التحديات والقضاء على كل المخلفات والآثار المدمرة التي تركتها القوات الأمريكية وراءها، لكن يجب على العراقيين أن يفكّوا قيود هذا الاحتلال ويتجاوزوا آفاته، ولن يتحقق ذلك إلا بتصفية الأجواء فيما بينهم بمعالجة الاحتقانات السياسية وتحقيق مصالحة حقيقية تنتفي منها النزعات الانفصالية والمحاصصة الطائفية ونوازع الثأر والانتقام التي تدفع كما كتب أحد المحللين بفئات واسعة من الشعب العراقي لللاعتقاد بأن الفيدرالية ملاذ وحيد للخلاص من الاقصاء والتهميش.
على الساسة العراقيين أن يتركوا ما يفرقهم من خلافات واختلافات وراء ظهورهم ويوحّدوا صفوفهم من أجل هدف واحد وهو بناء العراق الحر الشامخ، مما يجعله يستيعد دوره العربي والاقليمي بكل قوة.
وعليهم النزول من بروجهم العالية والالتفات إلى المواطن العراقي البسيط الذي يتطلّع اليوم وبعد أن تخلّص من الاحتلال إلى الأمن والأمان وتحسين أوضاعه المعيشية المتردية، ورغم الصعاب والعقبات فإننا متأكدون بأن العراق الحر الموحد سيكون أقوى من أي وقت مضى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.