بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في الغابون بعد أيام من انقلاب عسكري أطاح بالرئيس علي بونغو، في حين تعهّد قائد المرحلة الانتقالية بإقامة مؤسسات أكثر ديمقراطية، وسط دعم شعبي لما وُصف بتحرير البلاد من "الكتيبة الأجنبية". حالة من الهدوء تسود شوارع العاصمة ليبرفيل، في ظل وجود مكثف لقوات الأمن، وقد استأنفت المصالح الحكومية أعمالها، كما انسحب الجيش من أغلب الشوارع، رغم احتفاظه ببعض نقاط التفتيش. وفي خطاب أمام أعضاء السلك الدبلوماسي نقله التلفزيون مساء أمس الأول، قال رئيس المرحلة الانتقالية الجنرال بريس أوليغي أنغيما إن "حل المؤسسات" الذي أُعلن الأربعاء الماضي خلال الانقلاب "أمر مؤقت"، موضحا أن الهدف هو "إعادة تنظيمها، بحيث تصبح أدوات أكثر ديمقراطية وأكثر انسجاما مع المعايير الدولية على صعيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية ودولة القانون، وأيضا مكافحة الفساد الذي بات أمرا شائعا في بلادنا". لكن قائد الانقلاب لم يحدّد فترة زمنية للمرحلة الانتقالية، التي من المقرر أن يؤدّي فيها اليمين، غدا الاثنين، رئيسا للبلاد في ليبرفيل. دستور جديد يلبّي تطلّعات الشّعب في خطاب آخر أمام ممثلين للمجتمع المدني، وعد أنغيما أيضا ب "دستور جديد يلبي تطلعات الشعب الغابوني الذي ظل لوقت طويل (أسير) المعاناة"، كما وعد ب "قانون انتخابي جديد"، مشدّدا على أن المجلس العسكري يسعى إلى "التحرك على نحو سريع لكن بثبات"، وتجنب إجراء انتخابات "تكرّر أخطاء الماضي" بإبقاء الأشخاص أنفسهم في السلطة. والتقى أنغيما - الجمعة - القادة الدينيين ورجال الأعمال وممثلي المجتمع المدني، كما دعا ممثلي الجهات المانحة الأجنبية والمنظمات الدولية وأفراد السلك الدبلوماسي المعتمدين في ليبرفيل للاجتماع به. من ناحية أخرى، قالت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، إنّها حثّت الشركاء بقيادة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي على دعم العودة السريعة إلى النظام الدستوري، وضمان سلامة الرئيس المحتجز علي بونغو. كما كلفت المجموعة رئيس دولة أفريقيا الوسطى بالوساطة للخروج من الأزمة الراهنة، وقالت إنها ستجتمع مرة أخرى الاثنين. من جهته، قال البيت الأبيض، الجمعة، إنه ما زال يسعى إلى "حلول دبلوماسية قادرة على الصمود" للأوضاع في الغابون، وكذلك في النيجر حيث أطاح انقلاب بالرئيس محمد بازوم يوم 26 جويلية الماضي. يشار إلى أنّ الرّئيس المعزول بونغو يحكم البلاد منذ 2009 خلفا لوالده، الذي توفي بعدما ظل رئيسا للبلاد منذ 1967. ويقول معارضون إن الأسرة لم تفعل شيئا يذكر لجعل ثروات الغابون النفطية والتعدينية تعود بالنفع على سكان البلاد البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ثلثهم تقريبا فقراء. وشغلت عائلة بونغو لسنوات طويلة قصرا فاخرا يطل على المحيط الأطلسي، ويمتلك أفرادها سيارات وعقارات باهظة الثمن في فرنسا والولايات المتحدة، ويسدّد ثمنها نقدا في الغالب، وفقا لتحقيق أجراه عام 2020 مشروع رصد الجريمة المنظمة والفساد، وهو شبكة عالمية من صحفيي التحقيقات.