خصّص الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش"جزءا مهما من تقريره الذي رفعه مؤخرا إلى مجلس الأمن الدولي حول الصحراء الغربية، لما جد من تطورات منذ صدور تقريريه السابق المؤرخ في 3 أكتوبر2022، حيث تطرق للوضع الميداني والعملية السلمية، والصعوبات القائمة التي يفرضها الاحتلال، والتي تواجه عمليات البعثة الاممية والخطوات المتخذة للتغلب عليها. أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه البالغ من التطورات المتدهورة في الصحراء الغربية، والتي أصبحت مترسخة، داعيا الى ضرورة تصحيح الوضع على وجه السرعة لتجنب أي تصعيد إضافي في المنطقة. وأشار غوتيريش، في تقريره السنوي الذي عرضه أمس الأول أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، الى أن هذا الوضع الصعب يجعل التفاوض على حل سياسي لمسألة الصحراء الغربية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، بعد مرور ما يقرب من خمسة عقود على النزاع، معربا في السياق عن اعتقاده "بإمكانية التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم يقبله الطرفان (المغرب وجبهة البوليساريو)، يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره وفقا لقرارات مجلس الأمن". قلق من تدهور الوضع الحقوقي كما أعرب الأمين العام الاممي في تقريره السنوي، عن قلقه من استمرار عدم تمكن مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان من الوصول إلى إقليم الصحراء الغربية الذي لا يتمتع بالاستقلال، داعيا مرة أخرى إلى احترام وحماية وتعزيز حقوق الإنسان للشعب الصحراوي في الأراضي المحتلة، "لا سيما من خلال معالجة مسائل حقوق الإنسان العالقة وتعزيز التعاون مع مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان وآليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وتيسير بعثات الرصد التي توفدها". واستشهد المسؤول الأممي بتقارير مفوضية حقوق الانسان التي لم تتمكن من القيام بأي زيارات إلى الصحراء الغربية للسنة الثامنة على التوالي، على الرغم من الطلبات المتعددة من مجلس الأمن، الذي شجّع بقوة في قراره 2654 (2022) على تعزيز التعاون، لافتا الى أنّ "عدم القدرة على الوصول إلى المعلومات المباشرة، وغياب الرصد المستقل والنزيه والشامل والمطرد لحالة حقوق الإنسان، أعاقا إجراء تقييم شامل لحالة حقوق الإنسان في المنطقة". وأضاف السيد غوتيريش في تقريره أن مفوضية حقوق الإنسان تطرّقت أيضا الى "عرقلة أعمال الصحراويين من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والحركات الطلابية الذين تم ترهيبهم وفرض قيود عليهم"، حيث كشفت التقارير أن المنظمات التي تدافع عن الحق في تقرير المصير للشعب الصحراوي ظلت "تواجه عقبات في عقد الاجتماعات، وتعرضت للترهيب والمراقبة". كما أشارت التقارير إلى أنّ سلطات الاحتلال المغربية واصلت "منع وقمع التجمعات الداعمة للحق في تقرير المصير، وإحياء المناسبات التذكارية الصحراوية، حيث تلقت المفوضية ست حالات منع فيها مراقبون وباحثون ومحامون دوليون منخرطون في أعمال الدعوة بشأن الصحراء الغربية، من دخول الصحراء الغربية أو طردوا منها". انتهاكات تطال النّشطاء والمعتقلين ورد أيضا في تقرير غوتيريش، أن أسر نشطاء في مجال حقوق الإنسان وسجناء صحراويين "واجهوا أعمالا انتقامية أو ترهيبا أو تمييزا، على أساس آرائهم السياسية ودفاعهم عن أقاربهم، وتم الابلاغ عن حالات التمييز فيما يتعلق بالحصول على العمل والتعليم والحماية الاجتماعية وغير ذلك من الخدمات". هذا، وتطرّق تقرير غوتيريش الى وضع السجناء الصحراويين القابعين في معتقلات الاحتلال المغربي، حيث "ذكرت مفوضية حقوق الإنسان أنّها تلقّت تقارير تفيد بأن سجناء صحراويين، بمن فيهم مجموعة أكديم إزيك، ما زالوا محتجزين خارج الصحراء الغربية في ظروف احتجاز قاسية، بما في ذلك العزل، ويخضعون لقيود فيما يتعلق بالاتصال بأسرهم ومحاميهم"، وهو ما دفع بطلاب صحراويين مسجونين لخوض إضراب عن الطعام احتجاجا على ظروف الاحتجاز وللمطالبة بنقلهم إلى سجن قريب من أسرهم. تمديد مهمّة "مينورسو" بعد أن شدّد غوتيريش على ضرورة رصد حالة حقوق الإنسان على نحو "مستقل ونزيه وشامل ومستمر" من أجل كفالة حماية الشعب الصحراوي في المناطق المحتلة، أوصى في تقريره بأن يمدد مجلس الأمن ولاية بعثة الاممالمتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (مينورسو) لسنة أخرى، حتى 31 أكتوبر 2024. ودعا الجيش الملكي المغربي للامتناع عن القيام بأي نشاط عسكري يؤثر على السكان الصحراويين ويعيق عمليات بعثة المينورسو. ومن جهة أخرى، وجّه غوتيريش الشكر للمجتمع الدولي والحكومة الجزائرية على المساعدة التي قدماها للاجئين الصحراويين، مستحضرا النداء الموجه إلى المجتمع الدولي من لدن مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية من أجل ضرورة بذل مزيد من الجهد وتقديم دعم عاجل إضافي للاستجابة لاحتياجات اللاجئين الصحراويين. النّضال من أجل الاستقلال سيتواصل في الأثناء، بعث رئيس الجمهورية الصحراوية، الأمين العام لجبهة البوليساريو، السيد إبراهيم غالي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، ضمنها موقف الطرف الصحراوي بشأن عدة عناصر واردة في تقريره الأخير عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وأعرب غالي من جديد عن استنكار السلطات الصحراوية البالغ لصمت وإحجام الأمانة العامة للأمم المتحدة غير المبرر عن الجهر بالحقيقة ومحاسبة دولة الاحتلال المغربي على عواقب خرقها ونسفها لوقف إطلاق النار لعام 1991 في 13 نوفمبر 2020. واستخدامها جميع أنواع الأسلحة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، لقتل العشرات من المدنيين الصحراويين بلا رحمة، وأيضا المدنيين من البلدان المجاورة أثناء عبورهم للأراضي الصحراوية المحررة. وشدّد مرة أخرى على أن الاستهداف المتعمد للمدنيين والأهداف المدنية يشكل جريمة حرب وفقا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ودعا لمحاسبة الاحتلال على جرائم الحرب المستمرة في الصحراء الغربية. كما أكّد التزام الطرف الصحراوي بالمساهمة في التوصل إلى حل سلمي وعادل ودائم لإنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية وفقا لمبادئ الشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي ذات الصلة وعلى أساس الولاية التي أنشئت من أجلها بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، مع التأكيد على أن البوليساريو ستواصل استخدام جميع الوسائل المشروعة لمقاومة الاحتلال المغربي غير الشرعي، والدفاع عن الحقوق المقدسة للشعب الصحراوي. الحل يمرّ عبر احترام القانون والشّرعية في الأثناء، جدّدت جبهة البوليساريو التأكيد على الحل الوحيد هو ذلك الذي يمر حتما بالاحترام الصارم للإطار القانوني الواضح للقضية الصحراوية كقضية تصفية استعمار. جبهة البوليساريو وفي بيان توّج أشغال مكتبها الدائم برئاسة رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة السيد إبراهيم غالي، شدّدت على أن الحل الوحيد للنزاع هو ذلك الذي يمر حتماً بالاحترام الصارم لإطاره القانوني الواضح، كقضية تصفية استعمار، تحل عبر تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه، غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.