صدر مؤخرا عن دار جودة للنشر والتوزيع كتاب "رحلة الشعر الإسباني عبر العصور وترجمته إلى اللغة العربية: التشاكل كمقاربة ترجمية" للدكتورة إيمان أمينة محمودي، ويعتبر هذا المؤلَّف - الذي يقع في 218 صفحة - حسب تعبير الدكتورة امتدادا لعدد من المساهمات الأكاديمية والعلمية والبحثية التي تصب في خانة الترجمة الأدبية. أكدت الدكتورة إيمان أمينة محمودي أن "تطور الشعر الإسباني عبر العصور يشكل مسارا فنيا متنوعا، حيث تجسدت فيه التغيرات الثقافية والتاريخية، وأصبح لديه هوية فريدة تعكس تنوعا غنيا في التعبير والمواضيع". وأشارت في تصريحها ل "الشعب"، إلى أن ترجمة النصوص الأدبية عامة والشعرية خاصة تسهم في نسج خيوط التواصل الثقافي والاجتماعي، وتخلق تأثيرا عميقا في الإنتاج الثقافي نفسه؛ باعتبار أن الأدب يمتلك قوة فريدة لاختراق العقل البشري وتصوير حياتهم اليومية، مع تسليط الضوء على تناقضاتهم الاجتماعية والعاطفية، وكذلك مخاوفهم. وأوضحت المتحدثة، أن ترجمة الشعر تعتبر تحديا فنيا ولغويا صعبا، حيث تتطلب فهما عميقا للشعر وقدرة على الإبداع في صياغته بلغة أخرى، فيجد المترجِم نفسَه في حاجة إلى ثقافة شعرية مفتوحة للتفاعل مع النص الأصلي، وفي بعض الأحيان تتجاوز الترجمة الشعرية جماليات النص الأصلي من اللغة الأدبية إلى حيازة التقنيات والاستراتيجيات اللازمة لتذليل العقبات الترجمية. ويوجّه هذا العمل - حسب الدكتورة - إلى الطلاب المهتمين بمسائل الترجمة الأدبية والشعرية، حيث يعالج تحديات هذا المجال الفني واللغوي بهدف تحقيق توازن بين الوفاء للنص الأصلي والإبداع في إعادة صياغته بلغة أخرى. وقالت: "استلزم أن يكون المؤلَّف شاملا ما استطاع لمختلف العوامل والمفاهيم المؤثرة في هذا الموضوع، وهو ما أدى بنا إلى النظر في التوجهَين المشهورَين في الترجمة عموما وفي نقل الشعر خاصة، أي التوجّه الذي ينادي إلى تركيز الاهتمام على الأصل بالاعتماد على الحرفية، وذلك الذي يدعو إلى تركيز الاهتمام على الترجمة وعدم جعل الأمانة فيها حاجزا وهاجسا في الوقت نفسه، أي بِ "تطويع" النص لثقافة اللغة المستقبلة". كما أشارت المترجمة، إلى أن التمكن من الوصول إلى رأي وسط بين هذين التوجهَين المتناقضَين يؤكد أن حرية مترجِم الشِّعر لا تسوقه إلى إنتاج نَص مبدَع جديد لا علاقة له بالأصل، بل انطلاقه من هذا الأصل واهتمامه به يمكنه من الوصول إلى ترجمة شعرية طابعها إبداعي، تقترب بكثير مما كان، سيقوله شاعر النص الأصلي لو سمحت له الفرصة بالتعبير بلغة المترجِم. كما يطرح هذا الكتاب - تقول الدكتورة محمودي - نظرةً تحليلية نقدية في فن التعامل مع النص الشعري في ضوء الدراسات التنظيرية في حقل الترجمة، تتجسد في اقتراح استعمال التشاكل بوصفها أداة لفحص الترجمة، ودمجها بالنظرية الاستبدالية؛ قصد تخطي العقبات التي تطرحها ترجمة الصور البيانية في النص الشعري، وبالتالي فقد حاولت من خلال عملية الدمج هذه أن تقترح مقاربة من شأنها أن تساعد في حصر جوهر القصيدة أثناء الترجمة وبعدها. وأضافت: "رأينا أنه يمكن تحديد مواطن بعض الأخطاء على أساس التحليل لمختلف القصائد، أي الانتقال من تحليل الأفكار والأبيات مَكَّنَنَا من وضع تمثيل بياني لكل قصيدة على حِدَة والتنسيق بين حوادثها من خلال التشاكل من جهة، ونظرية الاستبدال في الترجمة من جهة أخرى، والتي تقترح استبدال المفردات والتعابير الفنية في النص الشعري الأصلي بمفردات وتعابير فنية مماثلة في النص الشعري المترجَم". وختمت المترجمة بالقول إن "المرمى الأساسي للترجمة هو جعل قارئ النص الأدبي المترجَم لا يشعر أنه أمام ترجمة؛ نظرا لما في نصه هذا من أسلوب فنِّيٍّ راقٍ وتعبير أصيل". للإشارة، الدكتورة إيمان أمينة محمودي هي أستاذة محاضرة بمعهد الترجمة - جامعة الجزائر 2 أبو القاسم سعد الله، ورئيسة فرقة بحث التكوين الجامعي (PRFU): "الذكاء الاصطناعي وترجمة المؤتمرات". شاركت في عدة ملتقيات وندوات علمية داخل الوطن وخارجه، منها "ملتقى ترجمة النص الأدبي بين سُلطتَي النص الأصلي ومتلقي الترجمة" بمداخلة تحت عنوان "بين الاستحالة والإمكان تبقى الترجمة الشعرية عملية إبداع". كما نشرت مقالات عِلمية في العديد من المجلات منها: مقال منشور في مجلة معالم، تَصنيف ج، سنة 2022، بعنوان "الترجمة الشعرية بين الاستحالة والإمكانية من خلال ترجمة الاستعارة في الشعر الأندلسي العربي إلى اللغة الإسبانية لديوان المعتمد بن عباد ترجمة ماريا خيسوس روبيرا ماتا"، وَمقال منشور في مجلة منتدى الأستاذ ، تَصنيف ج، سنة 2023، بعنوان "إشكالية الأمانة في الترجمة الشعرية: دراسة نقدية مقارِنة لترجمتَين عربيتين لقصيدة شارل بودلير Chant d'Automne"، وَمقال منشور في مجلة دفاتر الترجمة، تَصنِيف ج، سنة 2024، بعنوان "مظاهر الإبداع في الترجمة المتخصصة: ترجمة النص الاقتصادي من الفرنسية إلى العربية أنموذجا".