لا نحتاج إلى ذكاء ثاقب لندرك بأنّ بوادر انفراج بدأت تحيط بالأزمة السورية والملف الإيراني النووي. فبعد أن قَبِل النّظام السوري التخلص من ترسانته الكيمياوية، تحوّلت العواصف الهوجاء التي كانت تهزّ أركان بلاد الشام إلى برد وسلام، وغيّرت الصّقور الجارحة التي ظلّت على مرّ السنوات الثلاثة الماضية تمزّق بمخالبها السامة وحدة وأمن السّوريين، جلدها وتحوّلت بين عشيّة وضحاها إلى حمائم تنشد الحلّ السياسي عبر مؤتمر يجمع نظام دمشق والمعارضة المسلّحة. تحوّل كبير عرفه الموقف الغربي من المعضلة السّورية، فبعد أن كان هذا الغرب يضع العربة أمام الحصان والعقدة في المنشار، ويصرّ على رحيل الأسد كخطوة أساسية لأيّ تسوية، ها هو اليوم يستغني عن هذا الشرط، الأمر الذي يجعل المعارضة المنقسمة على نفسها والتي كانت تعوّل على الدّعم الخارجي لإسقاط الأسد بالقوّة كما حصل في ليبيا، تحسّ بخيبة أمل وربّما بخيانة كبرى من أولائك الذين رفعوها وسقف مطالبها وأوهامها عاليا ثمّ ما لبثوا أن أسقطوها أرضا. يتّضح اليوم أنّ من أشعلوا النّار التي تحرق سوريا بوقود أبنائها، لم يكن همّهم الأساسي إسقاط النظام أو تغييره بالقوّة، بقدر ما كان هدفهم تجريده من سلاحه الكيمياوي الذي يمكن أن يشكّل توازن رعب مع إسرائيل التي تملك أعتى أنواع الأسلحة دون أن يحاسبها أحد. ولا يمكن أن نحسم بأنّ الأسد ربح الحرب، فحتى إن بقي في السلطة أو أعيد انتخابه، فأمامه حرب ضروس عليه أن يخوضها لاقتلاع شوكة الإرهاب والحيلولة دون أن تتحوّل سوريا إلى أفغانستان أو باكستان جديدتين. والإنفراج الذي طال الأزمة السورية، امتدّ ليلقي بظلاله على الملف النووي الإيراني، ويبدو جليّا بأنّ الجليد بدأ يذوب بين الغرب ونظام الملالي، ليدشّن مرحلة جديدة يتمّ فيها تحييد "حلف المقاومة" حتى يهدأ بال إسرائيل التي تريد محيطا مسالما حتى لا نقول مستسلما