يُلفتُ انتخاب «كاترين سامبا بانزا» لرئاسة جمهورية إفريقيا الوسطى مؤقتا، مدى الشجاعة والمقدرة التي باتت تملكها المرأة الإفريقية حتى أصبحت تتبوأ مقاليد السلطة في دول تعيش العنفَ والحروب الأهلية وما يترتب عنها من أزمات إنسانية ومصاعب اقتصادية يعجز أقدر الرجال عن مواجهتها. فمن بين عدد كبير من المترشحين، فازت «بانزا»، التي كانت تتولى رئاسة بلدية العاصمة بانغي، بمنصب رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، وفوزها ما كان ليثير الإعجاب والتميّز لو أن أوضاع بلادها كانت عادية ومستقرة، بل على العكس تماما، حيث تعيش هذه الجمهورية على وقع اقتتال طائفي مرير بين المسيحيين والمسلمين منذ الإطاحة بالرئيس فرانسوا بوزيزي في مارس الماضي. ومثلما هي أوضاع جمهورية إفريقيا الوسطى غير عادية، فالرئيسة الانتقالية «بانزا» تبدو هي الأخرى امرأة غير عادية، لأنها أقبلت طواعية وبشجاعة قلّ نظيرها على تحمل مسؤولية تنأى الجبال عن حملها لوقف حملات الإبادة التي يشنّها أبناء الوطن الواحد ضد بعضهم البعض وإعادة السلم للبلاد والحياة لإدارة شلّت بالكامل وتوفير الأمن حتى يعود مئات الآلاف من النازحين والمهجّرين إلى بيوتهم. المهمة كما تبدو كبيرة وشاقة، لكن «بانزا» لا تراها أكبر منها ومن عزيمتها على النجاح فيها. وبالتأكيد، لا أحد يستغرب إصرار هذه المرأة على التحدي ولا يشك في فوزها، فقبلها وضعت سيّدة إفريقية أخرى نفسها أمام تحدّ مماثل في دولة كانت تعاني أوضاعا أكثر خطورة وقتامة واستطاعت أن تحقق المستحيل وتعيد الاستقرار المفقود إلى بلادها؛ إنها رئيسة ليبيريا «إيلين جونسون سيريليف»، التي أصبحت في 16 جانفي 2006 أول امرأة تتولى الرئاسة في إفريقيا عبر انتخابات ديمقراطية أعقبت حربا أهلية مدمرة استمرت 14 سنة. هذه السيدة الحديدية، التي فازت في 2011 بجائزة نوبل للسلام، لجهودها في مجال حقوق المرأة، أعادت السلام إلى ليبيريا وعلى يدها بدأ الاقتصاد يتعافى وتحت سلطتها تحولت بلادها من دولة متخلفة و85٪ من شعبها يعيش تحت عتبة الفقر، إلى دولة سائرة في طريق النمو. «سيريليف» حققت المعجزة في ليبيريا، وعلى طريقها تسير «بانزا»، وبين السيدتين حقيقة لا جدال حولها وهي أن المرأة الإفريقية كسرت الطوق وأثبتت جدارتها في مناصب قيادية ظلت حكرا على الرجل.