بداري يستقبل تانغ    شباب يزورون البرلمان    التجارة البينية الإفريقية : منصوري تبرز المرتكزات الأساسية للرؤية التي قدمها رئيس الجمهورية    التجارة البينية الإفريقية: دعوة للبحث العلمي المشترك لتعزيز التكامل الطاقوي    مكتب ل الويبو بالجزائر    المنفي يبرز أهمية طبعة الجزائر    اتصالات الجزائر حاضرة    خطوة كبيرة نحو المونديال    بللو يستقبل مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية    التجارة البينية الافريقية: رئيس الجمهورية يأمر بفتح خط جوي مباشر نحو نجامينا    منظمة الصحة العالمية: تجويع المدنيين في غزة جريمة حرب لا يمكن التسامح معها    وهران : رئيس جبهة المستقبل يدعو إلى تعزيز اللحمة الوطنية ودعم الإصلاحات    إدانة الاحتلال المغربي و تأكيد حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    المهرجان الدولي للرقص المعاصر بالمسرح الوطني الجزائري: فلسطين ضيف شرف الطبعة ال13    التجارة البينية الإفريقية: "بصمات إفريقية", معرض جماعي يبرز إبداعات 18 فنانا تشكيليا من الجزائر وعدة بلدان أخرى    سينما: عرض 32 فيلما في الطبعة ال20 للقاءات السينمائية لبجاية    منطقة الريف: مواجهات عنيفة بين شباب الحسيمة و قوات المخزن    معرض التجارة البينية الإفريقية: حيداوي يؤكد رهان قطاعه على تعزيز العلاقات بين الشباب الإفريقي    تكوين مهني: نحو مضاعفة المنح الموجهة للشباب الأفارقة بداية من السنة التكوينية المقبلة    أمطار رعدية مصحوبة بالبرد في عدة ولايات من الوطن يومي الجمعة والسبت    الرئيس تبون يجري محادثات مع نظيره التشادي بالجزائر العاصمة    المجلس الشعبي الوطني يشارك في أشغال مؤتمر حول الموارد المائية بأديس أبابا    رئيس المجلس الرئاسي الليبي: معرض الجزائر للتجارة البينية الإفريقية رافعة للتكامل القاري    تصفيات كأس العالم 2026 / الجزائر-بوتسوانا (3-1) : "الخضر" يحققون الأهم ويقتربون من التأهل الى المونديال    تصفيات كأس العالم 2026 /الجولة 7 (المجموعة 7) : المنتخب الجزائري يفوز على بوتسوانا (3-1)    ربيقة يدعو الشباب لصون رسالة الشهداء    الاعتداء على فتاة من قبل شابين بدالي ابراهيم: ايداع أحد المتهمين رهن الحبس المؤقت    أسر جزائرية تحيي ليلة المولد النبوي الشريف    مداحي تترأس اجتماعاً تنسيقياً    نحو تحيين مضامين البرامج التعليمية    الإبادة تتواصل بوحشية في غزّة    قالها المغولي ويقولها نتنياهو.. والدهشة مستمرة!    الفوز للاقتراب أكثر من المونديال    ملاكمة/ بطولة العالم-2025 : مشاركة الجزائر بأربعة رياضيين في موعد ليفربول    تنظيم عدة مسارات سياحية للوفود المُشارِكة    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    تضع برنامجا يعكس الموروث الثقافي الجزائري وأبعاده الإفريقية    المغرب يمارس إرهاب دولة مكتمل الأركان    1100 شهيد في قطاع غزة خلال ثلاثة أسابيع    رئيس أفريكسيمبنك يقف على آخر التحضيرات بقصر المعارض    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الشرطة تستقبل 4670 مكالمة هاتفية    هلاك شخص في حادث دهس    لقاءات مثيرة والقمة في تيزي وزو    سهرة فنية بشطايبي تكشف عن روح البيّض في قلب عنابة    تتويج الفائزين في مسابقة "قفطان التحدي"    المدرب سيفكو يريد نقاط اللقاء لمحو آثار هزيمة مستغانم    حين يُزهر التراث وتخضب الحنّة أجواء الفرح    الخضر يُحضّرون لأهم مواجهتين    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    أكثر من 300 فلسطيني قضوا جوعاً في غزة    النظام الوطني للتنظيم الصيدلاني: اجتماع عمل تقني بين قطاعي الصناعة الصيدلانية والصحة    نسج شراكات استراتيجية لتعزيز السيادة الصحية للقارة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القدس بين الأمر الواقع والطموح
نشر في الشعب يوم 01 - 08 - 2009

في عهد نتنياهو تكثفت المشاريع الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد القدس نهائيا وذلك بعزلها عن بقية الأرض الفلسطينية المحتلة ، ومصادرة الأرض وتهويدها، وتوسيع المستوطنات القائمة، وربطها ببعضها، وتهديد المقدسات من خلال سرقتها وتنفيذ الحفريات تحتها وفي أرجاء مختلفة من البلدة القديمة،
وتكثيف سياسة هدم المنازل، وكل أشكال التطهير والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين .وحتى ندرك الواقع الذي تعيشه القدس علينا أن نعرف أن سلطات الاحتلال أصدرت أوامر بهدم أكثر من ألف منزل في القدس منذ بداية العام الجاري، وهناك اكثر من 20 ألف منزل معرض للهدم بحجة أنها بنيت دون ترخيص، بعضها مبني منذ مئات السنين . ولا تقتصر المخططات الإسرائيلية على ذلك ، بل وكما جاء في تقرير صادر عن وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، أن هناك سياسة إسرائيلية مبرمجة ومستمرة ومتصاعدة بعزل تجمعات سكانية كبيرة يقارب عدد سكانها ال160 ألف مقدسي خارج الحدود البلدية المصطنعة للقدس . وأضاف التقرير: إن أبرز الإجراءات الإسرائيلية تتمثل في استكمال بناء الجزء الأكبر من جدار الفصل العنصري حول المدينة المقدسة، ما جعل البلدات والأحياء العربية معزولة عن القدس ، وهو إجراء يهدد المقدسيين بفقدان حقهم بالإقامة في مدينتهم مستقبلا، وبالتالي تكون السلطات الإسرائيلية المحتلة قد نجحت في التخلص من هذا العدد الكبير من السكان دفعة واحدة . ورغم كل السياسات والإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى طرد وتهجير المقدسيين من مدينتهم خصوصا من داخل البلدة القديمة التي تسمى الحوض المقدسي ، إلا أن هناك 36 ألف مقدسي يقطنون داخل أسوار البلدة القديمة مقابل 4 آلاف مستوطن يهودي يقطن بعضهم في ما يسمى بالحي اليهودي الذي أقيم على أنقاض الحي الفلسطيني بعيد سقوط المدينة المقدسة سنة 67 ، وبعضهم الآخر يقطنون في 70 بؤرة استيطانية موزعة على الوقف الإسلامي والمسيحي في البلدة القديمة، وتشمل هذه البؤر عقارات ومساكن حول بعضها الى مدارس ومعاهد يهودية يلتحق فيها سنويا مئات الطلبة الجدد من سكان المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية . ويسعى الإسرائيليون الى زيادة عدد المستوطنين في البلدة القديمة لمواجهة الكثافة السكانية الفلسطينية العالية، من خلال سيطرتهم على المزيد من العقارات المتاخمة للمسجد الأقصى والمجاورة للحي اليهودي، وبناء كنس يهودية ومدارس دينية جديدة تستوعب أعدادا أكبر من المستوطنين. إن الخطر الأكبر الذي يهدد الوجود الفلسطيني في القدس القديمة هو استمرار تناقص الوجود المسيحي الفلسطيني العربي، حيث انتقل نشاط الجمعيات الاستيطانية اليهودية إلى الحي المسيحي، من خلال نقل قيادة الجمعيات الاستيطانية مقرها إلى حارة النصارىئ وتفيد المعطيات المتوافرة بأن عدد المقدسيين المسيحيين الفلسطينيين داخل البلدة القديمة يصل الآن إلى نحو 5000 نسمة، يضاف إليهم نحو 7000 نسمة يقطنون خارج منطقة الأسوار، علما أن إحصائيات فلسطينية صدرت العام 1997 تحدثت عن عدد إجمالي من المسيحيين في حدود القدس الكبرى كان وصل إلى 15000 نسمة، ما يشير إلى تهجير أعداد كبيرة منهم بأشكال مختلفة منها عدد الإقامة وفقا للقانون الإسرائيلي الشاذ، والى تقلص في أعداد هؤلاء بسبب انتقال أعداد منهم للسكن في رام الله وبيت لحم، وحتى داخل الخط الأخضر سعيا وراء الأمن والتخلص من الضغوط الاقتصادية، وبحثا عن فرص العمل التي لا تستطيع المؤسسات الفلسطينية في القدس تأمينها حتى لحملة الشهادات الجامعية من هؤلاء .
ولكي ندرك أبعاد التصاعد المحموم في المخططات الإسرائيلية التوسعية الاستيطانية إزاء القدس نشير إلى أن عدد المقدسيين سيصل وفقا لدراسات إسرائيلية، واستنادا إلى معدل النمو السكاني، حتى العام 2020 إلى 376 ألفا داخل حدود البلدية الإسرائيلية المصطنعة للقدس، في حين سيرتفع عدد الإسرائيليين في القدس الشرقية والغربية إلى 650 ألفا، منهم ما يقرب من 200 ألف مستوطن يقيمون في مستوطنات يهودية أقيمت على أراضٍ فلسطينية مصادرة في القدس الشرقية المحتلة .ورغم أن خبراء فلسطينيين وإسرائيليين يشككون في التقديرات الإسرائيلية لأن معدل النمو السكاني الفلسطيني أكثر بثلاثة أضعاف من معدل النمو السكاني غير الديني وبضعفي معدل النمو السكاني اليهودي الديني، إلا أن من المهم إدراك ما يخطط الإسرائيليون لكي يتم وضع الخطط الفلسطينية القادرة على إفشالها .
الحكومة الإسرائيلية شرعت بتوسيع حدود الكتلة الاستيطانية معاليه ادوميم لتضم 8 مستوطنات على أرض مساحتها 191 كيلو مترا مربعا، وإقامة القدس الكبرى التي تنتزع 10 من مساحة الضفة الغربية المحتلة، لمنع أن تكون القدس المحتلة عاصمة للدولة الفلسطينية، عن طريق إحداث تغيير ديمغرافي جذري في المدينة خاصة أنها ترغب في أن يكون عدد السكان العرب في المدينة 12 . ، كما تهدف إسرائيل إلى فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها عن طريق هذه الكتلة الاستيطانية التي ستكون بعمق 35 كيلو مترا . أن ذلك يعني أن التواصل بين المستوطنات الإسرائيلية جغرافي، وبين القرى والمدن الفلسطينية عبر الأنفاق .وهناك عدة اتجاهات لتطبيق الأهداف الإسرائيلية هي: تقليص عدد السكان العرب وهدم المنازل، وسحب الهويات وجدار الفصل، وإخراج كل التجمعات المدنية العربية الواقعة داخل حدود المدينة إلى خارجها، وضم كل الكتل الاستيطانية إلى داخل مدينة القدس . إن تهويد مدينة القدس المحتلة هو مقدمة لتنفيذ القرار الإسرائيلي بأحدث عملية تطهير عرقي للفلسطينيين والنظر إليهم كمجموعة أقلية تعيش في المدينة. وبذلك لم تبق إسرائيل شيئا لتصادره في مدينة القدس المحتلة فهي قد صادرت 86 من مساحتها ولم يبق سوى 14 من المدينة وهي المنطقة المبنية ويمكن لهم مصادرتها عبر قانون الغائبين .
إن ما يجري بالقدس المحتلة حاليا، مجرد حلقة من مخطط يتم تنفيذه تباعا منذ الاحتلال الإسرائيلي في حزيران العام .1967 ولقد تصاعد تنفيذ هذا المخطط وبلورته بعد اتفاق أوسلو في العام 1993 بمبادرة من حزب الليكود حيث أقرت البلدية التي كان يترأسها أيهود اولمرت خطة حملت اسم القدس 2020 هدفها إخراج المدينة المقدسة من دائرة التفاوض عبر تغيير طابعها الديمغرافي، وتوحيد القدس الشرقية والقدس الغربية، وتقليص عدد سكانها العرب ورفع عدد سكانها اليهود إلى مليون بحلول الموعد المذكور، واستمرت الممارسات الإسرائيلية لتنفيذ هذه الخطة رغم نهاية ولاية اولمرت بعد تعاقب ثلاثة على رئاسة البلدية من المعسكر اليميني نفسه، آخرهم الرئيس الحالي لبلدية القدس نير بركات وهو أكثرهم تطرفا في مواقفه من الفلسطينيين في القدس ومن عملية السلام. فقد تصاعدت الإجراءات الإسرائيلية ضد الوجود الفلسطيني، كما وكيفا، منذ تسلمه منصبه منتصف العام الماضي. ومع مجيء حكومة نتنياهو الثانية إلى سدة الحكم، التي تعتبر أكثر الحكومات الإسرائيلية ارهابية وعنصرية ضد الفلسطينيين بشكل عام وضد الوجود الفلسطيني بالقدس بشكل خاص .
إن ما تتعرض له القدس رهيب جدا، وأدى إلى وضع إذا استمر ستضيع القدس، لذا لا يكفي لوقفه الإدانة والشجب والتمنيات، وتقديم بعض المساعدات، والقيام باحتجاجات متفرقة، بل بحاجة إلى موقف عربي رافض ما دامت المخططات الإسرائيلية لتطبيق الحل الإسرائيلي خصوصا في مدينة القدس جارية على قدم وساق، فلا يكفي الحديث عن السلام وعن وقف الاستيطان كشرط للتفاوض . القدس بحاجة إلى إستراتيجية تقوم على أن القدس عاصمة فلسطين وروحها وعقلها وقلبها، وأنها جزء من الأرض المحتلة العام ,1967 ودون دحر الاحتلال منها بشكل كلي، بعيدا عن معادلة الأحياء العربية والأحياء اليهودية التي طرحها بيل كلينتون، وعن ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة، ومبدأ تبادل الأراضي المطروحين منذ قمة كامب ديفيد العام ,2000 وعن سياسة تقوم على رد الفعل وعلى مجرد البقاء وتحسين شروط حياة السكان المقدسيين كإستراتيجية وليس بوصفها تكتيكا من ضمن إستراتيجية هدفها الناظم إنهاء الاحتلال وكل ما قام به الاحتلال من استيطان وحصار وتهويد وتغيير المعالم بصورة جوهرية. وما يتطلبه ذلك من تعزيز عوامل الصمود والبقاء والمقاومة، في القدس وكافة الأراضي المحتلة ، وبالضرورة لا يكفي الحديث عن وقف الاستيطان . إن الحكومة الإسرائيلية الإرهابية الحالية، حكومة حرب وعدوان واستيطان وعنصرية، وهي أكثر حكومة تطرفا منذ تأسيس إسرائيل. ولا يكفي لمواجهتها الاستمرار بالحديث عن السلام ، بل لا بد من مراجعة مسيرة العملية السلمية مراجعة عميقة وجريئة واستخلاص الدروس والعبر التي على رأسها ضرورة التوصل إلى حل نهائي وشامل للصراع دون مراحل انتقالية، ولا فصل القضايا عن بعضها، وعلى أساس مرجعية واضحة وملزمة من البداية. فلا يمكن إنقاذ القدس دون توفير مقومات وإمكانيات الصمود الحقيقية، ودون وضع معركة القدس في سياق المعركة الأكبر، معركة الاستقلال الوطني، التي لا يمكن أن تنتصر دون مقاومة راشدة تجعل المحتل يدفع ثمن الاحتلال .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.