وزارة التربية تُقيّم الفصل الأوّل    ناصري يؤكد أهمية التنسيق البناء بين المؤسّسات الوطنية    إحباط محاولات إدخال 26 قنطاراً من الكيف    توفير 500 منصب عمل جديد بتندوف    تنظم منتدى التربّصات بحضور أكثر من 150 مؤسّسة    نقطة تحوّل في المسيرة النضالية للجزائريين    خيام النازحين تغرق في الأمطار    التصعيد العدائي الفرنسي يتزايد    هل يُقابل ميسي رونالدو في المونديال؟    خُطوة تفصل الخضر عن المربّع الذهبي    الوالي يأمر بمضاعفة المجهودات وتسليم المشاريع في آجالها    نجاح أوّل عملية استبدال كلي لعظم الفخذ    بوعمامة في طرابلس    جداريات الأندية الرياضية تُزيّن الأحياء الشعبية    الاستغفار.. كنز من السماء    الاستماع لمدير وكالة المواد الصيدلانية    قمع غير مسبوق يتعرض له الصحفيين وكذا ازدواجية المعايير    إطلاق خدمة دفع إلكتروني آمنة من الخارج نحو الجزائر    الإطاحة بشبكة إجرامية من 3 أشخاص تزور العملة الوطنية    خنشلة : توقيف 03 أشخاص قاموا بسرقة    رئيس الجمهورية يبعث برسالة تخليدا لهذه الذِّكرى المجيدة    سعيود يترأس اجتماعا تنسيقيا مع مختلف القطاعات    إجماع وطني على قداسة التاريخ الجزائري ومرجعية بيان أول نوفمبر    اللقاء يدخل ضمن الحوار الذي فتحته الرئيس مع الأحزاب    المنتخب الوطني يفوز على منتخب العراق 2- 0    عطاف يستقبل من طرف رئيس الوزراء اليوناني    اليمين المتطرّف الفرنسي يتمسّك بنهج المشاحنة مع الجزائر    تبادل الخبرات في المجال القضائي بين الجزائر والكويت    مواضيع مطابقة لريادة الأعمال كمذكرات تخرّج للطلبة    تأكيد على دور ريادة الأعمال والابتكار    موقع سكني بحاجة لثورة تنموية    "الخضر" في طريق مفتوح للمربع الذهبي    قمة واعدة بين "الصفراء" و"الكناري"    المجتمع الدولي مطالب بالتدخل العاجل    الجنوب.. مستقبل الفلاحة والصناعات التحويلية    إلغاء عقود امتياز ل 15 مشروعا لتربية المائيات بوهران    نقاش الإشكاليات بين التاريخ والمعرفة    إزالة 80 توسعة عشوائية بوادي تليلات    بين الأسطورة والهشاشة والهوية الأصلية    حملة تحسيسية لتعزيز وعي المستهلك    صهيب الرومي .. البائع نفسه ابتغاء مرضاة الله    فتاوى : اعتراض الأخ على خروج أخته المتزوجة دون إذنه غير معتبر    إصرار لدى لاعبي منتخب العراق    مجموعة العمل المعنية بحقوق الإنسان في الصحراء الغربية..المجتمع الدولي مطالب بالتدخل لوقف قمع الصحراويين بالمدن المحتلة    ملتقى حول قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية : تغييرات جوهرية في التعامل مع قضايا المخدرات    مولودية الجزائر تُعمّق الفارق في الصدارة    ملتقى علمي حول أصالة اللغة العربية ومكانتها العالمية    إطار جبائي للشركات والبحث في إفريقيا    هل الشعر ديوان العرب..؟!    المنتخب الجزائري يحسم تأهله إلى ربع نهائي كأس العرب بعد فوزه على العراق    3 رؤى سينمائية للهشاشة الإنسانية    عندما يصبح الصمت بطلا    نحن بحاجة إلى الطب النبيل لا إلى الطب البديل..    المسؤولية بين التكليف والتشريف..؟!    إجراء قرعة حصّة 2000 دفتر حج    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    المواطنون الحائزون على طائرات "الدرون" ملزمون بالتصريح بها    قرعة الحجّ الثانية اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يستعد لزلزال القدس؟
نشر في الشعب يوم 14 - 10 - 2009

يوماً بعد يوم تتكشف حقيقة المؤامرة الصهيونية الكبرى تجاه القدس الشريف وبصورة خاصة النيات الخبيثة المبيتة لهدم المسجد الأقصى المبارك تمهيداً لإقامة ما يسمى بهيكل سليمان على أنقاضه وفق خطة منهجية مدروسة ومبرمجة تستغل الوقت والتدرج وتعتمد على الدعايات السوداء أولاً لنسج روايات تاريخية زائفة عن المقدسات وغيرها ثم على تواكل العرب وترددهم وعدم اتخاذهم مواقف حازمة وفاعلة وقاطعة لوقف الإجراءات التعسفية والأعمال الإجرامية ومنع إتمام هذا المخطط الرهيب.
واليوم يبدو الاستحقاق الخطير ماثلاً للعيان، وما كان يبيت في السر صار علنياً يردده الصهاينة بكل وقاحة وصراحة ما يدفعنا لدق ناقوس الخطر والتحذير من قرب إقدام إسرائيل على عمل إجرامي كبير متحدية العالمين العربي والإسلامي والعالم بأسره وضاربة عرض الحائط بكل القرارات الشرعية الدولية وكل القيم والمبادئ والضوابط الأخلاقية والدينية والتاريخية والحضارية والتراثية.
فكل الدلائل تشير إلى ان «ساعة الصفر» لدى الصهاينة قد حانت، كما ان تصريحات ومواقف حكومة الليكود والصهاينة المتطرفين برئاسة بنيامين نتانياهو تصب في هذا الاتجاه وتمهد لتحوّل شامل يستهدف إكمال مؤامرة تهويد القدس العربية والبدء بمشاريع حفر وتنقيب وأعمال تؤدي إلى زعزعة أركان المسجد الأقصى المبارك وتعريضه للدمار لتمحو آثار مسجد سيدنا عمر بن الخطاب وقبة الصخرة المشرفة والحرم الشريف بكامله.
وما أعمال التنقيب وحفر الأنفاق سوى حلقة من سلسلة إجراءات خطيرة يقوم بها الصهاينة لتحقيق هذه الأهداف الإجرامية. فقد كشفت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» عن شبكة جديدة من الأنفاق المتواصلة والمرتبطة تبنيها إسرائيل أسفل حي سلوان في القدس المحتلة بطول 600 متر ترتبط ببعضها لتصل إلى منطقة باب المغاربة وساحة البراق، الحائط الغربي للمسجد الأقصى.
وجاء الكشف بعد أيام من الإعلان عن نفق جديد أسفل سلوان بطول 120 متراً، يصل الأقصى، واتضح لاحقاً ان الحديث يدور عن أكثر من نفق، ما يشكل خطراً كبيراً على المسجد وبيوت الفلسطينيين في البلدة القديمة، إذ ان بعضها قد تصدّع نتيجة الحفريات.
كما كشف الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948 عن مؤتمر يجري الاستعداد له من أجل السعي إلى بناء الهيكل الثالث... والمؤسسة الاحتلالية تسير بأسلوب مجنون هستيري يجتمع فيه الدور الرسمي والشعبي من أجل تهويد القدس وبناء الهيكل الأسطوري الكاذب على حساب الأقصى.
وفي وقت متزامن أصدر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إسحق أهارونوفيتش، أوامره لشرطة الاحتلال بزيادة وجود قواتها في المدينة المقدسة من أجل ما سمّاه «تعزيز السيادة الإسرائيلية في شرق القدس».
ولو ربطنا هذه التطورات بالإعلان عن بناء مستوطنات استعمارية جديدة في القدس وتوسيع المستوطنات القائمة ومصادرة المزيد من الأراضي في حي سلوان والأحياء العربية الأخرى ومواصلة التعدي على سكان القدس الأصيلين من مسيحيين ومسلمين، لأدركنا حجم المؤامرة الكبرى وتأكدت لنا حتمية الدعوة للحذر واليقظة والتنبه والمطالبة بالإسراع بقيام تحرك عربي حازم قبل فوات الأوان، خصوصاً ان نتانياهو وأركان حكومته العنصرية رفضوا كل الضغوط والمطالب الأميركية بتجميد الاستيطان وعملية التهويد والإصرار على بناء مستعمرة جديدة في حي الشيخ جراح المقدسي الشهير.
ومشكلة العرب والمسلمين أنهم لا يقرأون ولا يتابعون الأحداث والتطورات ثم يعملون على ربطها وتفسيرها بحسب تسلسلها، والأهم من كل ذلك أنهم لا يتخذون المواقف المبدئية الحاسمة والقرارات الوقائية التي تتمتع بالصدقية والجدية قبل ان تقع الواقعة أو «يقع الفأس في الرأس»، فيتحولون إلى «ظاهرة صوتية» تندد وتستنكر وتحتج وتغضب لتقتصر ردات الفعل على التظاهرات والبيانات ومهاجمة العالم بأسره وتحميله مسؤولية ما جرى ويجري من دون أن نفكر ولو للحظة بمسؤولياتنا وواجباتنا الوطنية والقومية والدينية والجهادية أو بالاعتراف بسلسلة الأخطاء والخطايا التي ارتكبناها، وما زلنا على امتداد التاريخ، بحق أنفسنا وأمتنا وقضايا مقدساتها.
ومن يريد ان يتذكر، لعل الذكرى تنفع وتجدي، يجد ان القصة قديمة وطويلة ومترابطة ومبرمجة ومتدرجة. فقد بدأت قبل نكبة 1948 بسيطرة اليهود على الجزء الشرقي من القدس وشروعهم ببناء مساكن وأحياء كاملة توجوها في الحرب بالسيطرة عليه ليشكل اللبنة الأولى في مخطط قضم المدينة المقدسة وضمها تمهيداً لإعلانها عاصمة أبدية لإسرائيل. فقسمت القدس بين شرقية وغربية وكان يفصل بينهما حاجز وهمي أطلق عليه اسم «بوابة مندلبوم».
وبعد التهويد التام لهذا الجزء ومصادرة ممتلكات العرب وهدم مقدساتهم الإسلامية والمسيحية، جاءت حرب حزيران )يونيو1967 ( الكارثية فسنحت الفرصة للصهاينة بالسيطرة على القدس الشريف وإطباق الطوق من حوله لتبدأ المرحلة الثالثة من التهويد وفق خطة خبيثة أوجزها بالمراحل التالية:
إجبار عدد كبير من أهل القدس الأصليين أباً عن جد على النزوح من مدينتهم المقدسة.
التضييق على الأهالي الذين صمدوا في أرضهم بشتى الوسائل من مصادرة ممتلكات والحصار المالي والاقتصادي والاعتقال والتعذيب ومنع البناء ووقف المشاريع وفرض ضرائب ورسوم مجحفة.
مصادرة الأراضي والممتلكات العائدة للنازحين وفق ما يسمى بقانون «الغائبين» وبناء مساكن ومتاجر تمنح أو تباع لإسرائيليين يهود.
تقديم إغراءات مالية لمالكي الأراضي والعقارات لحملهم على بيع ممتلكاتهم مباشرة أو عبر الاحتيال من طريق واجهات باسم شركات وهمية تعود في الأساس لجهات صهيونية، واعتماد سياسة الترهيب والترغيب في حالات أخرى بحيث يعاقب من يرفض البيع وتستخدم ضده كل وسائل الإكراه والابتزاز والتهديد.
تزوير الكثير من الصكوك والسندات العقارية وتحويل ملكيتها من أفراد وشركات ومؤسسات تعود لمواطنين عرب إلى جهات إسرائيلية.
قضم الأحياء العربية وتوسيع المستعمرات الصهيونية تدريجياً لإتمام مؤامرة التهويد التي وصلت خطورتها إلى حد التصفية الكاملة بعد ان تبين انه لم يبق من الأراضي والممتلكات العربية في القدس الشريف سوى 12 في المئة من حجمها الأصلي قبل الاحتلال.
البدء بالمسيحيين العرب أولاً لحملهم على الهجرة والنزوح ومصادرة ممتلكاتهم والتعرض لمقدساتهم والتضييق عليهم. ولدى الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة وثائق وشهادات لبطاركة ومطارنة ومواطنين تفضح هذه الأعمال وتحذر من ان عدد السكان المسيحيين في القدس قد انخفض وتقلص بنسبة 75 في المئة عما كان عليه قبل الاحتلال. وقد تزامن هذا التهويد ضد المسيحيين مع ضغوط على الفاتيكان لحمله على تحريف الإنجيل المقدس وشطب كل ما يشير إلى مسؤولية اليهود عن صلب السيد المسيح عليه السلام، وما يتعلق باليهود بشكل عام. وقد تحقق لإسرائيل ما تريد بعد صراع طويل لكنها لم تكتف بذلك بل أكملته بمصادرة معظم ممتلكات الكنائس المسيحية وبنت فوق أراض تابعة لها مستوطنات، كما احتالت على بعض رجال الدين لحملهم على بيع أراض خاصة بطوائفهم لشركات تبين في ما بعد أنها إسرائيلية.
بعد هذه التصفية الجسدية والمادية للمسيحيين من أبناء القدس الأصليين، التفتت الآلة الصهيونية الجهنمية إلى العرب المسلمين فاتخذت إجراءات تعسفية وعنصرية ضدهم لقطع شرايين الحياة عنهم ومنعت عنهم العمل والتجارة وبناء أو توسيع مساكنهم لحملهم على النزوح وخفض عدد أبناء القدس الأصليين الذين يبلغ تعدادهم أكثر من 350 ألف مواطن عربي. وانتقل المخطط من الأفراد إلى المقدسات فتم منع بناء المساجد. وهدم بعض المساجد الأخرى وتم تحديد عدد المصلين في المسجد الأقصى إلى ان اندلعت الشرارة الأولى بالإقدام على إحراق المسجد الأقصى المبارك في آب (أغسطس 1969 ) وتبعتها شرارات أخرى تمثلت في الهجمات المتكررة للمتطرفين على المسجد ومحاولة الصلاة في الحرم الشريف وصولاً إلى عمليات الحفر والتنقيب وبناء الأنفاق التي أشرت إليها.
وهذا غيض من فيض والحبل على الجرار. والأسئلة الملحة المطروحة الآن هي: إلى متى الرضوخ والسكوت عما يجري؟ وهل سنظل ننتظر وننتظر ونشاهد القدس وهي تختفي من الوجود؟ وهل نحن بحاجة إلى مزيد من الدلائل والشواهد والإثباتات لنتأكد من ان الآتي أعظم وان الخطوة التالية ستكون، لا قدر الله، هدم المسجد الأقصى المبارك؟ وهل نحن بحاجة للتدقيق والتأكد من ان هدف الصهاينة النهائي هو هدم المسجد الذي بارك الله من حوله وبناء الهيكل المزعوم على أطلاله؟!
نعم إنها حقائق لا تحتاج الى اثبات كونها وقائع دامغة لا تنقصها البراهين. فماذا سيفعل العرب وبماذا سيرد المسلمون وقد ناهز عددهم البليون والمئة مليون إنسان؟
كيف يسكت هؤلاء وهم يعرفون ان الله عز وجل قد خص القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك بمعجزة الإسراء والمعراج وجعله سبحانه وتعالى قبلة الإسلام الأولى، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الذي نوه الله تعالى بقدره ومكانته في قوله عز وجل: سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير
(سورة الإسراء) آية .1 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى».
وهناك المزيد من الآيات البينات والأحاديث النبوية الشريفة والوقائع والوثائق الإسلامية التي تؤكد الأهمية القدسية القصوى للقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك سنعود إليها في مقال آخر، ولكن كل ما جرى ويجري يدفعنا إلى دق ناقوس الخطر والتحذير من مغبة التمادي في السكوت على الضيم واللامبالاة في مواجهة أخطار التهويد والتعرض للمؤسسات، فالقدس الشريف يرزح تحت نير احتلال بغيض يهدف إلى طمس هويتها. والأقصى في خطر أكيد، وعلينا ان نحذر من ان تنفيذ المخطط الصهيوني وتهديد المسجد الأقصى المبارك سينجم عنه زلزال مدمر يجتاح العالم كله ويهدد الأمن والاستقرار ويشعل نيران حروب وفتن واضطرابات وأعمال عنف وإرهاب تطال الجميع ولن ينجو منها أحد. فمن ذا الذي يستعد لمواجهة هذا الزلزال الرهيب؟ ومن يعمل ويتحرك لمنع وقوعه؟ ومن الذي سيتصدى للجرائم الصهيونية؟
إنها أسئلة مشروعة تتطلب الإجابة عليها الكثير من الجهد والعمل والجهاد والجدية والحزم والحسم... فهل من مجيب؟ اللهم فاشهد إني قد بلغت!!
عرفان نظام الدين
واليوم يبدو الاستحقاق الخطير ماثلاً للعيان، وما كان يبيت في السر صار علنياً يردده الصهاينة بكل وقاحة وصراحة ما يدفعنا لدق ناقوس الخطر والتحذير من قرب إقدام إسرائيل على عمل إجرامي كبير متحدية العالمين العربي والإسلامي والعالم بأسره وضاربة عرض الحائط بكل القرارات الشرعية الدولية وكل القيم والمبادئ والضوابط الأخلاقية والدينية والتاريخية والحضارية والتراثية.
فكل الدلائل تشير إلى ان «ساعة الصفر» لدى الصهاينة قد حانت، كما ان تصريحات ومواقف حكومة الليكود والصهاينة المتطرفين برئاسة بنيامين نتانياهو تصب في هذا الاتجاه وتمهد لتحوّل شامل يستهدف إكمال مؤامرة تهويد القدس العربية والبدء بمشاريع حفر وتنقيب وأعمال تؤدي إلى زعزعة أركان المسجد الأقصى المبارك وتعريضه للدمار لتمحو آثار مسجد سيدنا عمر بن الخطاب وقبة الصخرة المشرفة والحرم الشريف بكامله.
وما أعمال التنقيب وحفر الأنفاق سوى حلقة من سلسلة إجراءات خطيرة يقوم بها الصهاينة لتحقيق هذه الأهداف الإجرامية. فقد كشفت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» عن شبكة جديدة من الأنفاق المتواصلة والمرتبطة تبنيها إسرائيل أسفل حي سلوان في القدس المحتلة بطول 600 متر ترتبط ببعضها لتصل إلى منطقة باب المغاربة وساحة البراق، الحائط الغربي للمسجد الأقصى.
وجاء الكشف بعد أيام من الإعلان عن نفق جديد أسفل سلوان بطول 120 متراً، يصل الأقصى، واتضح لاحقاً ان الحديث يدور عن أكثر من نفق، ما يشكل خطراً كبيراً على المسجد وبيوت الفلسطينيين في البلدة القديمة، إذ ان بعضها قد تصدّع نتيجة الحفريات.
كما كشف الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948 عن مؤتمر يجري الاستعداد له من أجل السعي إلى بناء الهيكل الثالث... والمؤسسة الاحتلالية تسير بأسلوب مجنون هستيري يجتمع فيه الدور الرسمي والشعبي من أجل تهويد القدس وبناء الهيكل الأسطوري الكاذب على حساب الأقصى.
وفي وقت متزامن أصدر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إسحق أهارونوفيتش، أوامره لشرطة الاحتلال بزيادة وجود قواتها في المدينة المقدسة من أجل ما سمّاه «تعزيز السيادة الإسرائيلية في شرق القدس».
ولو ربطنا هذه التطورات بالإعلان عن بناء مستوطنات استعمارية جديدة في القدس وتوسيع المستوطنات القائمة ومصادرة المزيد من الأراضي في حي سلوان والأحياء العربية الأخرى ومواصلة التعدي على سكان القدس الأصيلين من مسيحيين ومسلمين، لأدركنا حجم المؤامرة الكبرى وتأكدت لنا حتمية الدعوة للحذر واليقظة والتنبه والمطالبة بالإسراع بقيام تحرك عربي حازم قبل فوات الأوان، خصوصاً ان نتانياهو وأركان حكومته العنصرية رفضوا كل الضغوط والمطالب الأميركية بتجميد الاستيطان وعملية التهويد والإصرار على بناء مستعمرة جديدة في حي الشيخ جراح المقدسي الشهير.
ومشكلة العرب والمسلمين أنهم لا يقرأون ولا يتابعون الأحداث والتطورات ثم يعملون على ربطها وتفسيرها بحسب تسلسلها، والأهم من كل ذلك أنهم لا يتخذون المواقف المبدئية الحاسمة والقرارات الوقائية التي تتمتع بالصدقية والجدية قبل ان تقع الواقعة أو «يقع الفأس في الرأس»، فيتحولون إلى «ظاهرة صوتية» تندد وتستنكر وتحتج وتغضب لتقتصر ردات الفعل على التظاهرات والبيانات ومهاجمة العالم بأسره وتحميله مسؤولية ما جرى ويجري من دون أن نفكر ولو للحظة بمسؤولياتنا وواجباتنا الوطنية والقومية والدينية والجهادية أو بالاعتراف بسلسلة الأخطاء والخطايا التي ارتكبناها، وما زلنا على امتداد التاريخ، بحق أنفسنا وأمتنا وقضايا مقدساتها.
ومن يريد ان يتذكر، لعل الذكرى تنفع وتجدي، يجد ان القصة قديمة وطويلة ومترابطة ومبرمجة ومتدرجة. فقد بدأت قبل نكبة 1948 بسيطرة اليهود على الجزء الشرقي من القدس وشروعهم ببناء مساكن وأحياء كاملة توجوها في الحرب بالسيطرة عليه ليشكل اللبنة الأولى في مخطط قضم المدينة المقدسة وضمها تمهيداً لإعلانها عاصمة أبدية لإسرائيل. فقسمت القدس بين شرقية وغربية وكان يفصل بينهما حاجز وهمي أطلق عليه اسم «بوابة مندلبوم».
وبعد التهويد التام لهذا الجزء ومصادرة ممتلكات العرب وهدم مقدساتهم الإسلامية والمسيحية، جاءت حرب حزيران )يونيو1967 ( الكارثية فسنحت الفرصة للصهاينة بالسيطرة على القدس الشريف وإطباق الطوق من حوله لتبدأ المرحلة الثالثة من التهويد وفق خطة خبيثة أوجزها بالمراحل التالية:
إجبار عدد كبير من أهل القدس الأصليين أباً عن جد على النزوح من مدينتهم المقدسة.
التضييق على الأهالي الذين صمدوا في أرضهم بشتى الوسائل من مصادرة ممتلكات والحصار المالي والاقتصادي والاعتقال والتعذيب ومنع البناء ووقف المشاريع وفرض ضرائب ورسوم مجحفة.
مصادرة الأراضي والممتلكات العائدة للنازحين وفق ما يسمى بقانون «الغائبين» وبناء مساكن ومتاجر تمنح أو تباع لإسرائيليين يهود.
تقديم إغراءات مالية لمالكي الأراضي والعقارات لحملهم على بيع ممتلكاتهم مباشرة أو عبر الاحتيال من طريق واجهات باسم شركات وهمية تعود في الأساس لجهات صهيونية، واعتماد سياسة الترهيب والترغيب في حالات أخرى بحيث يعاقب من يرفض البيع وتستخدم ضده كل وسائل الإكراه والابتزاز والتهديد.
تزوير الكثير من الصكوك والسندات العقارية وتحويل ملكيتها من أفراد وشركات ومؤسسات تعود لمواطنين عرب إلى جهات إسرائيلية.
قضم الأحياء العربية وتوسيع المستعمرات الصهيونية تدريجياً لإتمام مؤامرة التهويد التي وصلت خطورتها إلى حد التصفية الكاملة بعد ان تبين انه لم يبق من الأراضي والممتلكات العربية في القدس الشريف سوى 12 في المئة من حجمها الأصلي قبل الاحتلال.
البدء بالمسيحيين العرب أولاً لحملهم على الهجرة والنزوح ومصادرة ممتلكاتهم والتعرض لمقدساتهم والتضييق عليهم. ولدى الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة وثائق وشهادات لبطاركة ومطارنة ومواطنين تفضح هذه الأعمال وتحذر من ان عدد السكان المسيحيين في القدس قد انخفض وتقلص بنسبة 75 في المئة عما كان عليه قبل الاحتلال. وقد تزامن هذا التهويد ضد المسيحيين مع ضغوط على الفاتيكان لحمله على تحريف الإنجيل المقدس وشطب كل ما يشير إلى مسؤولية اليهود عن صلب السيد المسيح عليه السلام، وما يتعلق باليهود بشكل عام. وقد تحقق لإسرائيل ما تريد بعد صراع طويل لكنها لم تكتف بذلك بل أكملته بمصادرة معظم ممتلكات الكنائس المسيحية وبنت فوق أراض تابعة لها مستوطنات، كما احتالت على بعض رجال الدين لحملهم على بيع أراض خاصة بطوائفهم لشركات تبين في ما بعد أنها إسرائيلية.
بعد هذه التصفية الجسدية والمادية للمسيحيين من أبناء القدس الأصليين، التفتت الآلة الصهيونية الجهنمية إلى العرب المسلمين فاتخذت إجراءات تعسفية وعنصرية ضدهم لقطع شرايين الحياة عنهم ومنعت عنهم العمل والتجارة وبناء أو توسيع مساكنهم لحملهم على النزوح وخفض عدد أبناء القدس الأصليين الذين يبلغ تعدادهم أكثر من 350 ألف مواطن عربي. وانتقل المخطط من الأفراد إلى المقدسات فتم منع بناء المساجد. وهدم بعض المساجد الأخرى وتم تحديد عدد المصلين في المسجد الأقصى إلى ان اندلعت الشرارة الأولى بالإقدام على إحراق المسجد الأقصى المبارك في آب (أغسطس 1969 ) وتبعتها شرارات أخرى تمثلت في الهجمات المتكررة للمتطرفين على المسجد ومحاولة الصلاة في الحرم الشريف وصولاً إلى عمليات الحفر والتنقيب وبناء الأنفاق التي أشرت إليها.
وهذا غيض من فيض والحبل على الجرار. والأسئلة الملحة المطروحة الآن هي: إلى متى الرضوخ والسكوت عما يجري؟ وهل سنظل ننتظر وننتظر ونشاهد القدس وهي تختفي من الوجود؟ وهل نحن بحاجة إلى مزيد من الدلائل والشواهد والإثباتات لنتأكد من ان الآتي أعظم وان الخطوة التالية ستكون، لا قدر الله، هدم المسجد الأقصى المبارك؟ وهل نحن بحاجة للتدقيق والتأكد من ان هدف الصهاينة النهائي هو هدم المسجد الذي بارك الله من حوله وبناء الهيكل المزعوم على أطلاله؟!
نعم إنها حقائق لا تحتاج الى اثبات كونها وقائع دامغة لا تنقصها البراهين. فماذا سيفعل العرب وبماذا سيرد المسلمون وقد ناهز عددهم البليون والمئة مليون إنسان؟
كيف يسكت هؤلاء وهم يعرفون ان الله عز وجل قد خص القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك بمعجزة الإسراء والمعراج وجعله سبحانه وتعالى قبلة الإسلام الأولى، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الذي نوه الله تعالى بقدره ومكانته في قوله عز وجل: سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير
(سورة الإسراء) آية .1 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى».
وهناك المزيد من الآيات البينات والأحاديث النبوية الشريفة والوقائع والوثائق الإسلامية التي تؤكد الأهمية القدسية القصوى للقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك سنعود إليها في مقال آخر، ولكن كل ما جرى ويجري يدفعنا إلى دق ناقوس الخطر والتحذير من مغبة التمادي في السكوت على الضيم واللامبالاة في مواجهة أخطار التهويد والتعرض للمؤسسات، فالقدس الشريف يرزح تحت نير احتلال بغيض يهدف إلى طمس هويتها. والأقصى في خطر أكيد، وعلينا ان نحذر من ان تنفيذ المخطط الصهيوني وتهديد المسجد الأقصى المبارك سينجم عنه زلزال مدمر يجتاح العالم كله ويهدد الأمن والاستقرار ويشعل نيران حروب وفتن واضطرابات وأعمال عنف وإرهاب تطال الجميع ولن ينجو منها أحد. فمن ذا الذي يستعد لمواجهة هذا الزلزال الرهيب؟ ومن يعمل ويتحرك لمنع وقوعه؟ ومن الذي سيتصدى للجرائم الصهيونية؟
إنها أسئلة مشروعة تتطلب الإجابة عليها الكثير من الجهد والعمل والجهاد والجدية والحزم والحسم... فهل من مجيب؟ اللهم فاشهد إني قد بلغت!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.