لازالت معاناة عائلة كردوسي من قالمة مستمرة في رحلة البحث الشاقة للعثور على خيط أمل يوصلها إلى الوالد كردوسي عبد الله، المفقود منذ سنة 1975 في ظروف لازالت غامضة.. الابن كرودسي توفيق، البالغ من العمر 40 سنة، التقى ب "الشروق اليومي" وأكد أن والده المفقود مجاهد إبان ثورة التحرير قبل أن يلتحق بصفوف جيش التحرير الوطني، أين كان مجنّدا برتبة ملازم أول ضمن الفيلق 33 للمشاة ببني ونيف بالناحية العسكرية الثانية. ويضيف الابن توفيق أن والده المفقود شارك سنة 1975 في معركة أمقالة بين الجيش الجزائري والجيش الملكي المغربي بخصوص النزاع القائم حول الصحراء الغربية، ويقول توفيق الذي كان يبلغ حينها من العمر نحو تسع سنوات فقط، إنه يتذكر جيدا أن السلطات العسكرية الجزائرية صرحت لهم بتاريخ 15 أفريل 1976 أن الوالد كردوسي عبد الله المولود سنة 1937، توفي في أحداث أمقالة بالصحراء الغربية وتمّ تسجيل وفاته لدى مصلحة الحالة المدنية بتندوف، في حين لم تستلم العائلة جثة الوالد ولم تعلم حتى بمكان دفنه، وبعد مرور نحو 20 سنة كاملة، وبالتحديد سنة 1996، وعندما بلغ توفيق كردوسي من العمر نحو 29 سنة، التقى بإحدى مقاهي مدينة قالمة بشخص في عمر والده وكان من بين الأسرى الجزائريين المتواجدين بالسجون الملكية المغربية وأخبره أن والده كردوسي عبد الله، ألقي عليه القبض من طرف الجيش المغربي في أحداث أمقالة وقد كان برفقته بسجن النخلة الملكي بالمغرب إلى غاية سنة 1996 أين أفرجت السلطات المغربية عن هذا الشخص، في حين بقي المجاهد عبد الله كردوسي مع باقي الأسرى الجزائريين المتواجدين بالسجون والمعتقلات المغربية. هذه المعلومات دفعت الابن توفيق لمباشرة رحلة بحث جادة لاستقاء معلومات أكثر بشأن مكان تواجد والده المفقود والظروف التي اختفى فيها، وقد اتصل الابن بعدد من الأشخاص الذين كانوا ضمن صفوف الجيش الشعبي الوطني بالناحية العسكرية الثانية، والذين أجمعوا في تصريحاتهم أن لا أحد يعلم بوفاة الملازم الأول كردوسي عبد الله في أحداث أمقالة، ومن المحتمل جدا أن يكون لازال أسيرا لدى السلطات المغربية، هذه التصريحات لم تدع مجالا للشك في نفس الابن توفيق وباقي أفراد العائلة الذين قاموا بمراسلة جميع السلطات الإدارية والأمنية والعسكرية الجزائرية بخصوص هذه القضية. وقد كان ردّ وزارة الخارجية الجزائرية أواخر التسعينيات بمثابة بصيص أمل جديد للعائلة، التي بقيت تنتظر نتائج الاتصال الذي ستجريه وزارة الخارجية مع القنصلية الجزائرية في الرباط، لكن ومنذ ذلك التاريخ لم تتلق العائلة أية مراسلة من الجهات الرسمية الجزائرية تنفي أو تؤكد خبر وجود المجاهد كردوسي عبد الله ضمن قائمة الأسرى الجزائريين في المغرب، لكن ذلك لم يقلل من عزيمة الابن الذي تأسف لذلك، مؤكدا أنه على يقين أن والده لازال حيا وأسيرا لدى السلطات المغربية، مضيفا أنه متمسك بفكرة البحث عن والده، وأن آماله وآمال العائلة معلقة على أن تجد صرختهم طريقها إلى آذان أعلى السلطات الجزائرية، وخاصة منها رئيس الجمهورية الذي بادر إلى فتح العديد من الملفات التي كانت مدرجة ضمن خانة الطابوهات، خاصة فيما يتعلق منها بملف المفقودين والأسرى الجزائريين في المغرب. وفي ختام اللقاء، لم يتردد توفيق كردوسي في تجديد تأكيده على الثقة التي يوليها لرئيس الجمهورية في الالتفات إلى هذه القضية والتدخل شخصيا لمعالجتها قصد إعادة البسمة لأبناء وبنات المجاهد عبد الله كردوسي، والذي لازالت ظروف اختفائه جدّ غامضة بالنسبة للعائلة ولمعارفه وزملائه في صفوف جيش التحرير الوطني رغم مضي أكثر من 32 سنة عن أحداث أمقالة، ولعل معاناة عائلة كرودسي مثالا لعشرات العائلات الجزائرية التي فقدت فلذات أكبادها في نفس الظروف. عصام بن منية