حركة البناء الوطني تنظم ندوة لشرح خطتها الإعلامية الرقمية تحسبا للانتخابات الرئاسية    باتنة.. إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    وهران.. تعزيز روح المبادرة لدى طلبة العلوم الإنسانية    دولة فلسطين.. حتمية ودونها سيظل السلام غائبا    بلمهدي يدعو إلى تعزيز التواصل مع خريجي الزوايا سيما من دول الجوار    حصيلة شهداء غزة تتجاوز 34 ألف ومناشدات لتوثيق المفقودين    إيران تنفي تعرضها لهجوم خارجي    تخلّص من هذه العادات لتنعم بالسعادة بعد التقاعد..    كيف تتعامل مع قرار فصلك من العمل؟    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    وزارة الثقافة تقدّم ملف "الزليج" ل "اليونسكو"    المهرجان الثقافي الوطني لأهليل: أكثر من 25 فرقة تشارك في الطبعة ال 16 بتيميمون    "صديق الشمس والقمر " تفتكّ جائزة أحسن نصّ درامي    الملتقى الدولي "عبد الكريم دالي " الخميس المقبل..    المغرب: هيئات نقابية تدعو إلى الانخراط في المسيرة الوطنية التي يخوضها المتصرفون بالرباط    الإعلان عن تأسيس تكتل سياسي جديد    بلعريبي: "عدل 3 سينطلق قريباً وسيساهم في رفع عدد السكنات"    إندونيسيا: إعلان حالة التأهب تحسبا لمزيد من الثورات البركانية    ليفربول يرفض انتقال المصري محمد صلاح للبطولة السعودية    إيطاليا تضمن 5 مقاعد في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل    قطاع المجاهدين "حريص على استكمال تحيين مختلف نصوصه القانونية والتنظيمية"    انخفاض عبور سفن الحاويات في البحر الأحمر بأكثر من 50 بالمئة خلال الثلاثي الأول من 2024    تفاصيل بطاقة الشفاء الافتراضية    بلعريبي يتفقد مشروع إنجاز المقر الجديد لوزارة السكن    عميد جامع الجزائر يستقبل المصمم الألماني لهذا الصرح الديني    حوادث المرور: وفاة 62 شخصا وإصابة 323 آخرين في حوادث المرور خلال أسبوع    رخروخ: زيادة حظيرة المركبات تفرض استعمال تقنية الخرسانة الاسمنتية في إنجاز الطرق    الإذاعة الجزائرية تشارك في أشغال الدورة ال30 للجمعية العامة ل"الكوبيام" في نابولي    فلسطين: 50 ألف مصلي يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك    تصفيات مونديال أقل من 17 سنة/إناث: المنتخب الوطني ينهي تربصه التحضيري بفوز ثانٍ أمام كبريات الجزائر الوسطى    وزارة الثقافة الفلسطينية: العدوان الصهيوني على غزة دمر 32 مؤسسة ثقافية كليا وجزئيا    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية: إحتراف نادي الأبيار التحدي الجديد للإدارة    كرة اليد/بطولة إفريقيا للأندية: حفل إفتتاح بهيج، بألوان سطع بريقها بوهران    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    هيومن رايتس ووتش: جيش الإحتلال الصهيوني شارك في هجمات المستوطنين في الضفة الغربية    وزير الاتصال : منع دخول الصحفي فريد عليلات الى الجزائر لا يتعلق به كمواطن بل كمبعوث للوسيلة الاعلامية التي يشتغل فيها    "مشروع تحويل المياه من سدود الطارف سيحقق الأمن المائي لولايتي تبسة و سوق أهراس"    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    كأس الجزائر: رباعي محترف يلهب الدور نصف النهائي    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    هذا موعد عيد الأضحى    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    توقعات بمستوى عال ومشاركة جزائرية مشرفة    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوغستينوس خدم الرومان ودوناتيوس حارب من أجل حرية النوميديين
أكد أن نوايا وغايات القدّيسين تختلف.. جمال مسرحي ل "الشروق":
نشر في الشروق اليومي يوم 27 - 06 - 2018

يرى الباحث جمال مسرحي من جامعة باتنة، بأن الحديث عن القديس أوغستينوس هو حديث ذو شجون، وهذا ما يطرح إشكالية كبيرة حول هذه الشخصية التي يحاول حسب قوله بعض المثقفين ربطها بالتاريخ الوطني، رغم كونه في نظر جمال مسرحي يمثل الكنيسة الرسمية الرومانية، مؤكدا أنه لا يمكن مقارنته بدوناتيوس الذي يمثل حسب قوله التيار الوطني والديني والنضالي ضد المستوطنين الرومان في عهد الدولة النوميدية.
يستند الأستاذ الجامعي جمال مسرحي المختص في التاريخ القديم، في حديثه عن موالاة سانت أوغستينيوس إلى الكنيسة الرومانية، إلى أنه من خلال موقعه كأسقف لمدينة هيبون أمر رومانيا بإرغام مواطني نوميديا المحتلة على اعتناق المسيحية والاستعانة بالقوة العسكرية النظامية الرومانية، وهو ما يبين حسب قوله أن النزعة التبشيرية باستخدام العنف كانت ملازمة للكنيسة الكاثوليكية انطلاقا من أفكار أوغستينوس، فضلا عن اعتبارها واجبا دينيا مقدسا يتجاوز مجرد الدعوة السلمية إلى نشر الدين. وبذلك يكون القديس أوغستينونس حسب الباحث جمال مسرحي قد أسهم بقسط كبير في غلق أبواب حرية المعتقد، مضيفا أن موقفه هذا مثّل تراجعا خطيرا عما كان يدعو إليه آباء الكنيسة قبله من أمثال ترتيليانوس القرطاجي الذي عاش في مدينة قرطاجة في نهاية القرن الثاني الميلادي، الذي كان يردد: "ليس للدين أن يفرض دينا، بل تقبُّل الدين بكامل العفوية هو عين الدين".
هكذا قصة حرب أوغستينوس ضد الدوناتية
من جانب آخر، أكد الباحث جمال مسرحي ل"الشروق" أن أوغستينوس واجه باسم الرومان كلا من الدوناتية وحركة الدوارين الذين كانوا يمثلون حسب محدثنا الكنيسة الأهلية النوميدية بحزم وعزم على حد تعبير شارل أندري جوليان (تاريخ إفريقيا الشمالية، تونس، 1983، ص.305)، مضيفا أن ذات المؤرخ أشار إلى أنه عُثر على نقش قرب مدينة تيارت يخلد أحد شهداء الدوناتية، لا بد من أن يكون حسب محدثنا قد هلك أثناء إحدى المعارك ضد أتباع أوغستينوس، ويضيف جوليان متحاملا على الدوناتيين بالقول: "ولم يتمكن الكاثوليك من قمع أعدائهم بسبب الاضطرابات المتوالية التي كانت تجد السلطة الرومانية صعوبة كبيرة في قمعها، فلقد سمحت ثورة أهلية للدوناتيين بأن يكشفوا من جديد حقدهم نحو سلطة الإمبراطور".
هذا ما يعاب على المناصرين للقديس أوغستينيوس وأوغيستينيته
وقال الباحث جمال مسرحي في سياق حديثه إلى "الشروق": "ما يعاب على هؤلاء المناصرين للقديس أوغستينوس وأوغستينيته هو تنكرهم المفضوح للقديس دوناتيوس الذي نعتبره من خلال معاداته للكنيسة الكاثوليكية الرومانية التي يمثلها القديس أوغستينوس مقاوما أصيلا لدى النوميديين ومحاربا مغوارا لسياسة الرومنة عن طريق المسيحية، من ثم فهو أولى بالإشادة والاهتمام، وإبراز مواقفه المكرسة للفكر التحرري الوطني من القديس أوغستينوس"، وأكد جمال مسرحي أن القديس دوناتيوس كان يمثل فعلا الفلاح والمزارع والإنسان النوميدي الأصيل الذي تمسك بأرضه النوميدية ولغته البونية، حيث كان أتباعه الدوناتيون يمارسون صلواتهم في كنائسهم باللغة البونية- الكنعانية التي كانت منتشرة في الأرياف النوميدية. في حين كان القديس أوغستينون وجماعته حسب جمال مسرحي يصلون باللاتينية الرومانية.
ثورة الدوناتينيين لم تكن دينية فقط بل ركزت على التوعية والمقاومة
وأوضح الباحث جمال مسرحي أن الدوناتيين لم يكتفوا بالنضال من أجل محاربة الرومنة الدينية التي دعمها وكرسها المذهب الأوغستيني، بل دعموا نضالهم الديني بمقاومة المستوطنين الرومان وإحراق مزارعهم وممتلكاتهم، واستطاع الدوناتيون حسب جمال مسرحي (الباحث في التاريخ القديم) أن يجمعوا حولهم سكان الأرياف النوميديين ويشكلوا حركة واسعة كان عمادها شباب الأرياف، حيث سميت حركتهم بحركة الدوارين، مضيفا أن هؤلاء الدوارين كانوا يقومون بالإغارة على مخازن الحبوب والمواد الغذائية والأموال التي كان الرومان قد جمعوها من السكان المحليين وأرضهم، فيقوم الدوارون بإعادة توزيعها على الفقراء في الأرياف ليلا. وأوضح جمال مسرحي أن ثورتهم لم تكن دينية فقط، بل كان لها طابع اجتماعي وثقافي وعسكري في آن واحد، فهي إذن ثورة شاملة عبرت بصدق عن طموحات الشعب النوميدي في التخلص من الهيمنة الرومانية وبينت بوضوح الهوة بين المجتمع النوميدي والمستوطنين الرومان، وبذلك يمكن اعتبار العمل الذي قامت به الدوناتية وحركة الداورين بمثابة كفاح حقيقي المراد منه التخلص من هيمنة الرومان، واستمر لعقود في أوساط الشعب عبر البوادي والأرياف النوميدية.
وأكد جمال مسرحي أن تلك الحركة لم تنل قسطا وافرا من الدراسة والبحث والإشادة من قبل الأقلام الوطنية، وهذا بخلاف حركة أوغستينوس التي نالت نصيبا أكبر من الدراسة والبحث، نظرا إلى كونها حسب محدثنا لم تعبر يوما عن موقف السكان المحليين من الرومنة، لذلك مجدها وخلّدها مفكرو ومؤرخو الغرب الكاثوليكي ولا يزالون إلى يومنا هذا، ووصل جمال مسرحي إلى قناعة بأولوية الإشادة بالدوناتية ومؤسسها القديس دوناتيوس النوميدي وشباب حركة الدوارين الذين قاوموا الكنيسة الكاثوليكية الأوغستينية، ووجدوا في ذلك حسب قوله فرصة سانحة للثورة ضد الرومان المحتلين لأرضهم.
ومعلوم أن الرومان قد ألقوا القبض على القديس دوناتيوس ونقلوه إلى إسبانيا، حيث توفي في أحد السجون الرومانية بالأراضي الإيبيرية سنة 355 للميلاد. وبذلك يكون حسب جمال مسرحي قد دفع حياته ثمنا لتحرر البلاد النوميدية من الاحتلال الروماني، ما يتطلب حسب محدثنا إعادة الاعتبار لهذا الزعيم الوطني الثائر في وجه الرومان وأتباعهم، وهذا بدلا من اللهث وراء الطروح الغربية التي يضع حسب جمال مسرحي مؤيدوها من المفكرين المسيحيين الأوربيين بالخصوص أنفسهم أحفادا للرومان، انطلاقا من أفكارهم الاستعمارية التي دفع القديس أوغستينوس حياته من أجلها، فكان موته يوم 28 أوت 430 للميلاد، دفاعا عن السلطة الرومانية في مدينة هيبون، عندما حاصرها الوندال في غزوهم للشمال الإفريقي تحت زعامة قائدهم جنسريق. وأضاف أن القديس أوغستينوس لم يكن يدافع عن الديانة المسيحية فقط، بل عن السلطة الرومانية التي تهاوت أمام ضربات الغزوات الوندالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.