عادت الحادثة الإرهابية التي وقعت بجندوبة قبل ثلاثة أيام وراح ضحيتها 8 أفراد من الشرطة التونسية، لتخيم على افتتاح الطبعة الأولى لمهرجان منارات للسينما المتوسطية ب"إقامة سياحية" تقع بمدينة قمرت بالعاصمة تونس، حيث وقف الجميع دقيقة صمت ترحما على أرواح الضحايا وسط حضور وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين ونظيره الفلسطيني إيهاب بسيسو وعدد من صناع السينما في الحوض المتوسط منهم المخرج مرزاق علواش ومدير المركز الوطني لتطوير السينما مراد شويحي والمخرجة صوفيا جاما من الجزائر. حفل الافتتاح الذي جرى في الهواء الطلق على الشاطئ بمدينة قمرت، نشطته النجمتان هند صبري والفرنسية ساندي بونور، اللتان قدمتا حوارا يدور حول أحلام شباب جنوب المتوسط وشماله وما الفارق في الأحلام لدى شباب الضفتين، ففي الوقت يحلم فيه الشاب التونسي أو المغاربي بصفة عامة بالعمل، يسعى نظيره في الضفة الأخرى للكماليات والاكتشاف والمغامرات والسفر بحسب ما جاء في الحوارين. وقالت هند صبري التي تميزت في ترجمة نص لينا شعبان على الركح: "فرحنا بالثورة، وقلنا "ديقاجdégage " وكرهنا الظلم". وأضافت صبري: "وفي 8 جويلية ضربت تونس في أبنائها". وشهد حفل الافتتاح تقديم النشيد الوطني التونسي الذي ألفه الشاعر الراحل أبو القاسم الشابي "نموت ويحيا الوطن..إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر" ووقوف الحضور دقيقة صمت ترحما على أرواح ضحايا العملية الارهابية التي حدثت بجندوبة وخلفت 8 أرواح من أفراد الشرطة التونسية وسط تنديد الجميع "توانسة" وأجانب بالإرهاب والعزم على مكافحة التطرف والفكر الظلامي بالثقافة والسينما. وصرّحت المديرة الفنية للمهرجان درة بوشوشة في كلمة الافتتاح إنّ "السينما غذاء للعقول والأنفس، وسحقا للإرهاب وعاشت تونس حرّة". وأضافت بوشوشة: "هذا الأسبوع من المهرجان لن يكون فيه لا شمال ولا جنوب والسفر يكون من دون تأشيرة، ونأمل أن يعكس المهرجان الواقع ويسمح للجمهور بمشاهدة أفلام المتوسط". وأشارت المتحدثة إلى أنّ المهرجان ليس لعرض الأفلام فقط بل يحمل لقاءات لمهنيي وصناع السينما من أجل تبادل الخبرات وتعزيز الإنتاجات المشتركة والتعاون بين مختلف المؤسسات السينمائية في حوض المتوسط. وشدّدت درة بوشوشة على الحدث عبارة عن إثراء متبادل بين المشاركين وواجب مكافحة الخوف والجهل والفكر الظلامي. من جهتها، أكدّت شيراز لعتيري مديرة المركز التونسي للسينما والصورة بأنّ "تونس عازمة على مواصلة مكافحة الإرهاب والتطرف بالعمل الثقافي". وقالت: "أترحم على شهداء الوطن وحمى الله تونس، وسنقف ضد الإرهاب والتطرف ونواصل محاربتهم بالعمل الثقافي". وأوضحت المتحدثة أنّ المهرجان ثمرة عمل مشترك بين المركز الوطني للسينما والصورة والمركز الفرنسي للسينما وأنّ السينما فن وصناعة لذلك تم الحرص على أن تكون "منارات" لتطوير العمل المشترك بين 15 مؤسسة تشتغل لتطوير السينما من خلال لقاءات مهنية وبحسب المتحدثة ستوقع مذكرات تفاهم وتعاون بين 7 دول عربية منها الجزائر والمغرب وتونس ومصر وفلسطين. ولفتت إلى أنّ الدورة الأولى تستضيف فلسطين وتكرم السينما المغربية بمناسبة الاحتفال بمرور 60 سنة على ميلادها. وتخلل حفل الافتتاح الذي قدم باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية تقديم وصلات موسيقية أبدعت فيها الفنانة صوريا قسنطيني ومارك كيلي، إضافة إلى رامي زغلامي. وعرض في السهرة الفيلم الإيطالي (فوكومار) "ما وراء لامبيدوزا" لجياتفرنكرو روزي، تدور أحداثه حول ساموييل طفل في ال12 سنة، يحب الصيد بالمقلاع، يعيش في جزيرة وسط البحر، لامبيدوزا أكثر الحدود رمزية في أوروبا، يعبرها آلاف المهاجرين بحثا عن الحياة والحرية. وتشهد الدورة عرض 52 فيلما منها 10 أفلام روائية داخل المسابقة الرسمية تمثل مختلف دول المتوسط منها "السعداء" للمخرجة الجزائرية صوفيا جاما، "اصطياد أشباح" لرائد أنضوني من فلسطين، "أخضر يابس" من مصر، "غزية" من المغرب، "شرش" من تونس وغيرها.